تأثيرات خطيرة لتغير المناخ على إنتاجية القمح في مصر | خاص
لا ينسى مزارع القمح “بسيس” الانتكاسة التي تعرض لها في موسم القمح الماضي 2021؛ بسبب التقلبات الجوية التي ضربت محصوله وتسببت في انتشار مرض الصدأ الأصفر الذي دمر زراعاته.
راقي بسيس، الذي يزرع 15 فدانا قمحًا في قرية النمارية بمركز أبو المطامير البحيرة التي تتصدر المرتبة الثانية في مصر في زراعة القمح بمساحة 386 ألف فدان هذا العام، تعرض لانتكاسه في محصوله الموسم الماضي بسبب موجات الصقيع التي ضربت محصوله وتسببت في انتشار مرض الصدأ الأصفر الذي قلل الإنتاجية بنسبة 60% ما أدى إلى خسائر كبيرة له.
يقول راقي بسيس، إن بعض أصناف القمح التي يتم زراعتها خاصة سدس 12 وجميزة 11 وكذلك مصر 1 تتعرض للإصابة بمرض الصدأ الأصفر ولا تتحمل موجات الصقيع، موضحا أنه تلافى هذا الموسم زراعة هذه الأصناف واتجه لزراعة أصناف جيزة 95 وسدس 14 وسخا 71، والمقاومة حتى الآن بصورة قوية لمرض الصدأ الأصفر.
نجح بسيس حتى الآن في حماية محصوله من موجات الصقيع والبرودة والتقلبات الجوية المتغيرة بين انخفاض وارتفاع درجات الحرارة عبر زراعة أصناف مقاومة واتباع تعليمات مركز البحوث الزراعية، لكن غيره العشرات من المزارعين بالقرب منه يعانون من وجود تأثيرات لهذه التغيرات المناخية بعد وقوعهم في خطأ زراعة أصناف غير مقاومة وأسباب أخرى تتعلق بمواعيد الزراعة والرش والتسميد والري.
راقي بسيس ليس مزارع القمح الوحيد الذي يواجه تحديات التغيرات المناخية على إنتاجية محصوله، لكن آلاف المزارعين المصريين الذي يزرعون مساحات سنوية تصل إلى حوالي 3.5 مليون فدان قمح في مختلف المحافظات يواجهون خطر نقص الإنتاجية بسبب تغير المناخ الذي ظهرت تأثيراته على الطقس المصري خلال الأعوام الماضية على جميع الزراعات، حيث توقعت دراسة بحثية نشرتها مجلة نيتشر العالمية أن يكون هناك نقصا في محصول القمح نتيجة للتغيرات المناخية بنحو 18% خلال عام 2050.
باحثون ودراسات علمية تؤكد أن الارتفاع والانخفاض في درجات الحرارة وانخفاض نسب توافر المياه وهطول الأمطار المتوقعة نتيجة التغيرات المناخية سوف تقلل من صافي إنتاجية محصول القمح في مصر
وتشير دراسات بحثية باستخدام عدد من النماذج والاحتمالات والمعادلات إلى زيادة الاحتياجات المائية للمحاصيل الرئيسية بمنطقة الدلتا فوق المعدلات الحالية بحلول عام 2050 تزداد الاحتياجات المائية بنسبة 28% لمحصول القمح الذي يعتبر محصول القمح من المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة بالأمن الغذائي المصري، لكن هذه السلعة الأساسية في طعام المصريين تواجه تحديا كبيرا وهو وجود فجوة بين الاستهلاك والاحتياجات كبيرة يتم تعويضها بالاستيراد من الخارج ما يجعل القاهرة أكبر مستوردي القمح في العالم.
وحسب تقرير رسمي صادر عن الحجر الزراعي المصري - حصل القاهرة 24 على نسخة منه-، فإن الاستهلاك المحلي من القمح يزيد عن 16 مليون طن سنويًّا، نستورد من هذه الكميات 12 مليونًا و258 ألف طن في عام 2019، و13 مليون طن في 2020، و11 مليون و168 ألف طن في 2021، في حين تُنتَج الكمية المتبقية محليًّا.
لم يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لسالم شاهين، مزارع قمح ورئيس جمعية زراعية في محافظة الفيوم، التي تعد من المحافظات ذات البيئة الجافة، إذ تأثر هو وآخرين من مزارعي القمح سلبيا من التقلبات الجوية والطقس المضطرب.
ما بين أمراض كالصدأ الأصفر ورياح تسببت في "رقود القمح" وملوحة وجفاف، واجه شاهين تحديات عديدة نجح في تجاوزها بصعوبة هذا الموسم في مساحة 5 أفندنة يزرعها بقرية قارون أباظة بالفيوم، مؤكدا أن الكثير من المزارعين تعرضوا لتأثيرات سلبية على الإنتاجية.
يقول شاهين إن موجات الصقيع والبرودة والتغيرات المفاجئة في المناخ أثرت على نمو محصول القمح بشكل كبير وعدم اكتمال نضج السبلة، خاصة في ظل تحديات أخرى كعدم القدرة على التحكم في أوقات الري بسبب عدم توافر مياه الري في جميع الأوقات، وكذلك ملوحة المياه المخلوطة والمعاد تدويرها، موضحا أن مواجهة تغير المناخ يتطلب إمكانيات لدى الفلاح منها الري الحديث الذي يمكن من خلاله التحكم في ساعات الري والتسميد.
يؤكد شاهين أن موجات الرياح تتسبب في رقاد القمح وخسائر تصل إلى 50% في بعض الأحيان "أوقات لازم نروي أرضنا وفي نفس الوقت في رياح ومفيش حل تالت لأن الميه مش متوافرة بصورة مستمرة ودا بيسبب رقاد القمح"، موضحا أن الري أيضا أثناء ارتفاع درجات الحرارة يؤثر سلبا على المحصول.
وطالب شاهين، وهو رئيس جمعية قارون أباظة الزراعية، بضرورة ربط الجمعيات الزراعية المنتشرة على مستوى قرى مصر بالتكنولوجيا الحديثة والتحول الرقمي لدعم المزارع بإرشاد زراعي سريع حول التقلبات الجوية والمناخ، بالإضافة إلى ضرورة استنباط أصناف جديدة تتحمل الملوحة والجفاف وتتأقلم مع التغيرات الجوية ومقاومة للأمراض.
وزادت مخاوف مصر من حدوث أزمة في توافر حبوب القمح بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية التي لا زالت مستمرة منذ فبراير 2022، خاصة وأن هاتين الدولتين تمثلان مصدرا رئيسيا لاستيراد هذا المحصول، فالقاهرة استوردت ما يزيد عن 5 مليون و900 ألف طن قمح من روسيا فقط خلال عام 2021.
وتتوقع مصر إنتاج 10 ملايين طن قمح من المساحة المنزرعة بالمحصول هذا الموسم، والبالغة 3 ملايين و659 ألف فدان، حسب بيان رسمي صادر من وزارة الزراعة واستصلاح الأرضي المصرية.
دراسات بحثية عديدة منها توقعت انخفاض إنتاجية القمح وزيادة احتياجات هذا المحصول من المياه خلال السنوات المقبلة بسبب التغيرات المناخية، وأوصت بضرورة العمل على استنباط أصناف قمح جديدة مقاومة للتغيرات المناخية والأمراض والجفاف المتوقع خلال الفترة المقبلة.
أولى هذه الدراسات، نُشرت في دار النشر العالمي سبرنجز العلمي للباحثة المصرية سميحة أحمد عودة بمعهد بحوث الأراضي والمياه والباحث عبد الحفيظ ظهري بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، فإن هناك عنصران من عناصر الطقس يؤثران بشكل مباشر على نمو النبات والتمثيل الضوئي، وهما درجة الحرارة والإشعاع الشمسي، موضحة أن الاحترار العالمي والتلوث البيئي إلى زيادة متوسط درجة حرارة سطح الأرض وتقليل الإشعاع الشمسي، مما أدى بدوره إلى زيادة تواتر الضغوط البيئية مثل الإجهاد الحراري والتعتيم الشمسي وكلاهما يؤثر سلبًا على نمو وإنتاجية المحاصيل.
وتوقعت الدراسة تسبب تغير المناخ في زيادة الاحتياجات المائية للقمح في عام 2030 بنسبة 9% في دلتا النيل و18% في كل من وسط مصر العليا، وهو ما سيؤدي إلى اتساع فجوة القمح في عام 2030.
طرحت الدراسة 3 حلول لتقليص الفجوة التي تبلغ 49% بين إنتاج واستهلاك القمح في مصر ويتم تعويضها بالاستيراد وكذلك مواجهة تأثيرات تغير المناخية، أولها إمكانية تقليص الفجوة إلى 32% من خلال تغيير زراعة القمح من أحواض إلى أحواض مرتفعة، حيث يمكن زراعة المزيد من الأراضي بنفس الكمية المطبقة من المياه، وإذا تم تغيير نظام الري على المستوى الوطني من سطحي إلى رش فستكون فجوة القمح 28%.
وشددت الدراسة على أنه في ظل تغير المناخ في عام 2030 ستبلغ فجوة القمح 63%، لكن زراعة القمح على أحواض مرتفعة وري القمح بالرش سيساعد على تقليل الفجوة إلى 55% و44% على التوالي، إضافة إلى أن زراعة القمح مع المحاصيل الأخرى ستعمل أيضا على تقليص زيادة الفجوة.
ناقشت الدراسة أيضا إمكانية استنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية، لكنها أشارت إلى أن هذه الخطوة تحتاج إلى فترة طويلة لإنتاج أصناف واختبار ثباتها، علاوة على أن التوسع في المساحة المزروعة بالقمح تحتاج إلى تخصيص المزيد من مياه الري وهو الأمر الذي لا يمكن تنفيذه نتيجة محدودية مواردنا المائية حسب الدراسة، حيث تواجه مصر عجزا مائيا يتجاوز 54 مليار متر مكعب من المياه حسب وزير الري المصري الدكتور محمد عبد العاطي.
مرض صدأ أوراق القمح
ويعتبر مرض الصدأ الأصفر من أكبر مهددات إنتاجية القمح الناتجة عن تغير المناخ، فحسب دراسة نُشرت في عام 2021 في دار النشر العالمي نيتشر للباحثين المصريين حسن عودة عوض الباحث في كلية الزراعة جامعة الزقازيق والباحثة بمركز البحوث الزراعية دعاء راغب النجار فإن صدأ القمح يشكل تهديدات رئيسية لها تأثير سلبي على مكونات المحصول وجودة الحبوب، موضحة أن تطوير أنماط وراثية جديدة لها جينات مقاومة هو الأداة الأكثر فعالية للتغلب على هذه التحديات.
ومرض صدأ أوراق القمح هو مرض فطري يصيب بعض المحاصيل الزراعية مثل القمح، وينشط مع الرطوبة العالية وموجات الصقيع والفترات الممطرة الطويلة، وتسبَّب في نقص كبير في الإنتاجية هذا العام لبعض الأصناف ضعيفة المقاومة.
وأكدت الدراسة أن زراعة أصناف مقاومة للصدأ تعتبر من أكثر الاتجاهات استدامة وفعالية من حيث التكلفة والصديقة للبيئة في مكافحة أمراض الصدأ، مشيرة إلى أنه من خلال برامج تربية السلالات نجح البرنامج الوطني لتحسين القمح في مصر على مدار الـ 25 عامًا الماضية في زيادة إنتاجية القمح من 3.3 طن للهكتار في عام 1981 إلى 5.1 طن للهكتار في عام 1991 إلى حوالي 6.9 طن للهكتار في عام 2016 بزيادة قدرها 109%.
وتعدد الدراسات حول تأثيرات تغير المناخ على المحاصيل الزراعية، لكن دراسة نشرها باحثون مصريون الباحثين بمركز البحوث الزراعية المصري وهم سامية المرصفاوي، وسميحة عودة، وحلمي محمد عيد، بالبنك الدولي ضمن مجموعة بحوث التنمية وفريق التنمية الريفية والحضرية المستدامة في عام 2007، تحت عنوان "تقييم الآثار الاقتصادية لتغير المناخ على الزراعة في مصر"، كشفت نتائجها أيضًا عن تراجع صافي إيرادات الزراعات بسبب تأثيرات التغيُّرات المناخية والتربة وعوامل أخرى، بعد إجراء مسح عن طريق إجراء مقابلات مع 900 أسرة من 20 محافظة في مصر.
المسح الذي أجراه الباحثون، كشف أن 85% من أعداد المزارعين المصريين من العينة البالغة 900 أسرة لاحظوا تغيرًا في درجة الحرارة في فصلي الصيف والشتاء، بينما لاحظ 65٪ منهم نقصًا في كمية الأمطار في الموسم الواحد، وأنهم يواجهون ذلك باستخدام أصناف المحاصيل ذات الكفاءة العالية.
حلول مبتكرة
ويسعى مركز البحوث الزراعية المصري، الذي يعد الأقدم في الشرق الأوسط، إلى استنباط سلالات جديدة أقل تأثرا بالتغيرات المناخية وأقل استهلاكًا للمياه في ظل ضعف الموارد المائية، حيث أكد الدكتور محمد سليمان رئيس المركز التعان مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة "إيكاردا" في إيجاد حلول مبتكرة لرفع إنتاجية المحاصيل الهامة في مصر مثل القمح على أن تتحمل المحاصيل الجديدة التغيرات المناخية وندرة المياه.
وبحسب محمد سليمان رئيس المركز فإن مصر ستتعاون مع مع بنوك الجينات الزراعية في مصر والمغرب، من أجل الوصول إلى أفضل سلالات ممكنة من المنتجات الزراعية، والتي تتحمل درجات الحرارة وشح المياه، مؤكدا توجه دول العالم إلى تلك الطريقة لمواجهة التغيرات المناخية.
الدكتور عبد السلام المنشاوي، رئيس بحوث القمح بمركز البحوث الزراعية، أكد أن قطاع الزراعة من أكثر القطاعات تأثرًا بالتغيرات المناخية، ويتأثر محصول القمح بشكل كبير بالعوامل غير المتحكم فيها وخاصة المناخ.
وأوضح لـ “القاهرة 24” أن الظروف الجوية كالحرارة والصقيع والفترة الضوئية والرطوبة النسبية وشدة الرياح تؤثر بدرجة كبيرة في نمو وتتطور المحصول، مشيرا إلى العديد من الدراسات تناولت قياس التأثيرات المتوقعة للتغيرات المناخية على إنتاجية عدد من المحاصيل الزراعية ومنها القمح.
نقص إنتاجية محصول القمح نتيجة للتغيرات المناخية بنحو 18% في 2050
واتفق المنشاوي مع الدراسات البحثية التي توقعت أن يكون هناك نقصا في إنتاجية محصول القمح نتيجة للتغيرات المناخية بنحو 18% خلال عام 2050، كما تشير بعض الدراسات باستخدام عدد من النماذج والاحتمالات والمعادلات إلى زيادة الاحتياجات المائية للمحاصيل الرئيسية بمنطقة الدلتا فوق المعدلات الحالية بحلول عام 2050 تزداد الاحتياجات المائية للقمح بنسبة 28%.
ورأى رئيس بحوث القمح المصري، أن الحاجة لتهيئة المحاصيل الزراعية للتكيف مع التغيرات المناخية المحتملة أصبحت واحدة من أهم التحديات التي تواجه التطوير في قطاع الزراعة، مشيرا إلى القطاع الزراعي قد يواجه انخفاضا في الناتج الزراعي إذا لم يتم اتخاذ تدابير كافية للتكيف، الذي قد يكون فعل تلقائي (وذلك بالتربية لاستنباط الأصناف تحت نفس الظروف التي من الممكن أن يكون حدث بها تغير)، أو مخطط له.
ووضع المنشاوي بعد الحلول لتخفيف المخاطر، أولها إعطاء قدرا أكبر من الاهتمام للإسراع بمعدل النمو في الإنتاجية الزراعية، إضافة إلى مضاعفة الإنفاق على البحوث الزراعية خصوصا البحوث المتعلقة باستنباط وتطوير الأصناف وخاصة الأصناف المتحملة للملوحة والحرارة والجفاف والأصناف قصيرة العمر والمقاومة للأمراض والآفات.
وتشمل الحلول حسب المنشاوي زراعة أصناف من القمح تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، بالإضافة إلى مقاومتها للجفاف إلى جانب زراعة القمح في الميعاد المناسب مع الالتزام بالسياسة الصنفية لأصناف القمح على المناطق الجغرافية من الممكن أن يمنع التأثيرات السلبية المتوقعة أو على الأقل يخففها.
درجات الحرارة وإنتاجية القمح
وتمثل تغير درجات الحرارة تأثيرا مباشرا على إنتاجية المحاصيل الزراعية، فحسب نتائج دراسة رابعة بعنوان "تغيُّر المناخ والأزمات الزراعية المصرية"، أجراها أيمن فريد أبو حديد، أستاذ الزراعة بجامعة عين شمس، وكانت الدراسة قد عُرضت في المؤتمر الدولي التاسع للتنمية الدولية حول تنمية الأراضي الجافة، فإن إنتاجية محصول القمح ستقل بنسبة 9% إذا ارتفعت درجة الحرارة درجتين مئويتين، وسيزداد الاستهلاك المائي لهذا المحصول حوالي 6.2% بالمقارنة بالاستهلاك المائي له تحت الظروف الجوية الحالية، في حين سيصل معدل النقص إلى 18% إذا ارتفعت درجة الحرارة 4 درجات مئوية.
وعلى الرغم من الجهود المصرية الكثيرة المبذولة لمجابهة قضية التغيرات المناخية، إلا أن المنشاوي يؤكد أننا لا زلنا نحتاج إلى العديد من الدراسات والبحوث المتخصصة، مشيرا إلى الحاجة للكثير من الدراسات التطبيقية التي تطور نظم جديدة للتخفيف من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية أو التكيف مع هذه التأثيرات عند حدوثها.
القطاع الزراعي هو الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية
وتقع في منطقة جغرافية فقيرة وهشة مناخيًّا، إذ لا يتجاوز المطر 100 مم إلا في المناطق الساحلية في أقصى الشريط الشمالي الضيق، أما على مستوى باقي مناطق الجمهورية فمعدلات المطر لا تُذكر، حسب الدكتور محمد علي فهيم رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة، موضحا أنه في جنوب مصر من الممكن أن تصل إلى صفر مم، إذًا تقع مصر في منطقة جافة، ليس فيها سوى خط رفيع غني بالمياه، لا تزيد مساحته عن 3 إلى 4% من مساحة مصر، اسمه نهر النيل والدلتا، والباقي عبارة عن صحراء، وهو النطاق الذي يتأثر أكثر بالمناخ، ويصنف مناخ مصر في الشمال على أنه مناخ بحر متوسط في معظمه، أما في الجنوب فهناك مناخ جاف وشبه جاف.
وأوضح لـ “القاهرة 24” أن المناخ ذاته تغير، وتغير بطريقة دراماتيكية، وكان من المفترض بناءً على النماذج الموجودة أن هذا التغير يحدث خلال 10 سنوات إلى 20 سنة من الآن، لكننا فوجئنا أن التغير كان سريعًا جدًّا، ومواعيد حدوثه كانت مبكرة، وهذا ما تسبب في وقوع مشكلات كبيرة في الأنشطة الاقتصادية الرئيسية في مصر، وعلى رأسها النشاط الزراعي وما يمس الأمن الغذائي في مصر.
حسب فهيم فالقطاع الزراعي هو الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية، ما تسب في نقص مباشر في الإنتاجية في بعض المحاصيل والمواسم، وهو ما حدث في موسم الصيف 2018 وموسم الشتاء 2019، فمثلًا كان شتاء عام 2018 قصيرًا وكانت درجات الحرارة في المنطقة الدافئة، ما تسبب في انخفاض القمح على مستوى الجمهورية حوالي من 40 إلى 50%، بخلاف المحاصيل الأخرى، ومستمر أيضا إلى الآن.
ويمتد تأثير المناخ إلى انتشار أمراض وحشرات جديدة لها قدرات صعب مواجهتها، وهو ما حدث في شتاء 2019، فكان هناك انتشار غريب ووبائي لمرض الصدأ الأصفر على القمح في مناطق الدلتا ومصر الوسطى على أصناف معينة حساسة للتغيرات المناخية كما قال فهيم، وبعد ذلك أصاب باقي الأصناف الأخرى، إضافة إلى انتشار مرض التبقع البكتيري على محصول الطماطم، ولفحة الساق الصمغية في القرعيات "الخيار والكنتالوب وغيرهما"، ومرض البياض الزغبي واللطعة الأرجوانية أيضًا يتسببان في مشكلة كبيرة لمحصول البصل.
ولا زال الآلاف من مزارعي القمح في مصر يواجهون هذا التحدي الذي يؤثر سلبا إنتاجية المحصول ويتسبب لهم في خسائر بالغة حسب شهاداتهم ودراسات بحثية وباحثين الذين أكدوا تأثير ذلك على الأمن الغذائي المصري، وسط محاولات بحثية رسمية لتفادي تلك المخاطر.
وأعلنت جمعية كتاب البيئة والتنمية، أسماء الفائزين بالجوائز، وفاز الزميل شعبان بلال بالجائزة الأولى في المسابقة، عن موضوع تأثيرات خطيرة لتغير المناخ على إنتاجية القمح في مصر، والذي نُشر في 1 أبريل 2022.