لماذا يهاجم إبراهيم عيسى إقامة صلاة التراويح في المساجد؟
في كل مرة ومع اقتراب تأدية شعيرة من شعائر الإسلام، يخرج علينا إبراهيم عيسى في برنامجه المتلفز كعادته، بالرأي الشاذ والقول الشارد في تلك الشعيرة وذاك المنسك، زاعما أن تلك الشعيرة وذاك المنسك ليس من الإسلام في شئ، فبداية من إنكار معجزة المعراج، وقبلها إنكار صحيح البخاري، وصولا منذ أيام قليلة بالتشكيك في تأدية صلاة التراويح في المساجد، داعيا إلى إلغائها وإقامتها في المنازل، بدعوى أنها من قيام الليل، وأن رسولنا الكريم لم يؤديها في المسجد مكتفيا إقامتها في بيته، وإصدار فتواه على سند متوهم، لأنه ليس متخصصا، متهما من يؤديها في المسجد بالنفاق والرياء، وذكر ما نصه: قمة الرياء والنفاق الديني أداء صلاة التراويح في المساجد، وإنما مستحب صلاتها في المنازل لأنها تعد من قبيل قيام الليل، وللرد على الأستاذ إبراهيم، بداية أقول له مقولة بن حجر العسقلاني: من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب، فقيام رمضان في جماعة وفي المسجد مشروع سنّه رسول الله، والذي منعه من المداومة عليه، هو خشية أن تُفرض على المسلمين، فلا يستطيعون القيام بها وهذا من شفقة رسولنا على أمته أن يحملهم ما لا يطيقون.
فعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي محمد خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله فصٌلِّي بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة، عَجَزَ المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: أما بعد فإنه لم يخف عليِّ مكانكم، ولكني خشيتٌ أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله والأمر على ذلك.
وظل الأمر على ذلك، في عهد أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، حتى جاء عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ورأى أن الناس تفرقوا، أو عجز بعض الناس عن تأديتها في المسجد، فجمع الناس عليها في المسجد خلف إمام واحد، فقد جاء في البخاري في صحيحه، وإبراهيم عيسى له في نفسه من صحيح البخاري شيء سيء، فهو ينكر معظم ما جاء فيه، وكأن البخاري كتبه من عند نفسه، ونسي هذا العابث في موروث الأمة الإسلامية، أن الأمة أجمعت على أن كتاب البخاري أصح الكتب بعد القرآن الكريم.
فقد جاء في البخاري، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلةً في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرَّهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أٌبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه.. انتهى.
ويظهر لي أن عمر بن الخطاب، قال عنها بدعة، لأنها لم يكن حالها أي صلاتها في المسجد، في حياة الرسول أو عهد أبو بكر، وهذا اجتهاد من أمير المؤمنين ويحق له الاجتهاد، فهو أمير المؤمنين وعالمهم بأمور دينهم، وهناك حديث لرسولنا يؤيد ما جاء به عمر بن الخطاب، فقد جاء في الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عُضو عليها بالنواجذ، وعمر بن الخطاب أحد الخلفاء الراشدين، الذين أمر الرسول باتباع سنتهم، فهل بعد ذلك يأتي مُنكر بقول شاذ وينكر على المسلمين أداء صلاة التراويح في المساجد؟!.