ذاكرة الأمثال.. الفاحت نازل والباني طالع
الأمثال تحمل هوية الأمم وتاريخها، لأنه بقدر ما تكون الأمثال قديمة في التاريخ؛ يكون ذلك دلالة على قدم الأمة، ولذلك لا يمكن اعتبار الأمثال أقوالا يتم استدعاؤها للتنكيت والضحك.
تزودنا الأمثال بالخبرات، وتوقفنا على تجارب أجدادنا السابقين، ونأخذ منها الدروس والعبر، ومن الأمثال القديمة: الفاحت نازل والباني طالع، والمقصود بالفاحت: هو من يحفر.
معنى المثل: أن الذي يسعى وراء الناس ليوقعهم؛ لا بد أن يظهر ويفتضح أمره لهم في يوم ما، فيقابلونه بمثل عمله، ولا يرجى له أن يعلو بمثل هذا العمل السيئ، فإن ذلك الشخص مثل الشخص الحقيقي الذي يحفر في الأرض فينزل فيها.
أما الشخص الباني: فهو ساعٍ في خير الخلق، فإنه كالباني، يعلو كل يوم، وفي معنى المثل أيضا، قولهم: يا باني يا طالع، يا فاحت يا نازل.
الفقر حشمة والعز بهدلة
ومن الأمثلة التي تبدو غريبة إلى حد ما، قولهم: الفقر حشمة.. والعز بهدلة، والمعنى أن الفقر حامل على الحياء والاحتشام؛ لقلة الموجود، والعز- أي الغنى- يغري صاحبه بما لا يحمد، ويحمله على الاستهتار بالملذات، والتعرض للإهانة والاحتقار.
ويذكر أحمد تيمور باشا في كتاب الأمثال العامية، أنه: بالطبع ليس المقصود أن ذلك يكون على الإطلاق، بل المقصود أن ذلك هو الكثير الغالب، وكأنه من قول أبي العتاهية:
إن الشباب والفراغ والجدة.. مفسدة للمرء أي مفسدة