وزير الأوقاف: من قلل هامش ربحه وقت الأزمات له صدقة
قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن الصوم ليس مجرد إمساك عن الطعام والشراب والجماع من أذان الفجر إلى أذان المغرب فحسب، بل تربية إيمانية، وأخلاقية وسلوكية وإنسانية؛ لأن من أهم معاني الصوم المراقبة، ويقول الله عز وجل: يَأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، قال أهل العلم: التقوى هي: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل، وقال بعضهم: إنما سمي المتقون بالمتقين، لأنهم اتقوا ما لا يتقى، وقال بعضهم: لأنهم يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة من الحرام، وهذا ما نبهنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ.
وأضاف وزير الأوقاف، في بيان عبر صفحته على فيس بوك: الصائم بحق من أمسك نفسه عن الطعام والشراب لا يعلم سره إلا الله، ولا يطلع على ذلك إلا الله، لا يمكن لعاقل أن يفكر بعد ذلك أن يغضب الله الذي عمل على مراقبته، وخوفه، والإمساك عن الطعام، والشراب اتقاء له، ومرضاة له من الفجر إلى المغرب، ثم يفطر على مال حرام يقول سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، فأكل الحرام بمثابة قتل للنفس يقول الله عز وجل: "ومَن يَفْعَلْ ذَِلكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللَّهِ بغيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ
وأكمل: وعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ"، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: كُلُّ جِسْمٍ نَبَتَ مَنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ، أي: عودا من سواك، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى اللَّهُ عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللَّهُ.
وتابع: وذكر النبي: الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذّي بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟، فإذا خرج الإنسان حاجًا أو معتمرًا ملبيًا يقول: لبيك اللهم لبيك لبيك اللهم لبيك بلسانه، لأن القلب المؤمن لا يأكل حرامًا أبدًا، قيل له: لا لبيك ولا سعديك حج مردود عليك عمرتك مردودة عليك، مالك حرام، ومطعمك حرام، وملبسك حرام، فأنى يستجاب لك، فإذا رفع يديه إلى السماء يدعوا ربه ردت دعوته إليه.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن من يجور على المسكين والفقير والعامل الصغير فيقتطع شيئًا من حقه، أو لا يوفه أجره فهو خصيم لله يوم القيامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللَّهُ: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة"، منهم رجلًا استأجر أجيرًا، أو عاملًا أو صانعًا أو أجيرًا أو زارعًا أو مهنيًا، ثم جار على حقه فلم يعطه حقه، هذا خصم لله عزو جل لا تستضعف الضعيف.
أشد أنواع الحرام الاحتكار
واستطرد: نقول: من أشد أنواع الحرام الاحتكار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: المحتكر ملعون، من يحتكر السلع ليرفعها على الفقراء والمساكين والمحتاجين أو حتى على عامة الناس ليتاجر في أقوات الناس أو ليغالي بها، المحتكر ملعون، ولا يحتكر إلا خاطئ، والاستغلال إثم كبير، ولا سيما استغلال الأزمات والنكبات والظروف الصعبة، من أشد أنواع الحرام أن يبالغ الإنسان في استغلال حوائج المحتاجين، ولا سيما إذا كان استغلالًا في الأقوات أو الدواء أو أساسيات ما يحتاجه الناس بل على العكس من ذلك، ونقول: من قلل هامش ربحه ولا سيما وقت الأزمات تخفيفًا على الناس فهو له صدقة، فالغش والاستغلال والاحتكار كل هذه أدواء خطيرة مدمرة لمن يأكل بها المال الحرام.