إيطاليا توقع عقدا مع الجزائر لاستيراد الغاز.. هل بدأ عصر التمرد الأوروبي على الإمدادات الروسية؟
وقعت إيطاليا اتفاقا مع الجزائر، مساء الاثنين، لزيادة حجم واردات الغاز الطبيعي عبر خط أنبوب يعبر من البحر المتوسط وصولا إلى صقلية ومنها إلى الأراضي الإيطالية، في خطوة يُنظر إليها على أنها خطوة في اتجاه تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، بعد شن موسكو عملية عسكرية ضد أوكرانيا المدعومة الدول الأوروبية.
وكانت إيطاليا قد بادرت عقب شن روسيا هجومها العسكري على أوكرانيا، بإعلان عزمها خفض الاعتماد على الغاز الروسي، الذي تشتري منه نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، أي ما يصل إلى 40% من استهلاك إيطاليا من الغاز.
وبعد مرور أكثر من شهر ونصف على الهجوم الروسي، وقعت إيطاليا أول اتفاق لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، لكنها لم تُعلن الكميات الإضافية التي ستضخها الجزائر عبر أنبوب "ترانسمد".
والتقى رئيس الحكومة الإيطالية، ماريو دراجي، بالرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وعقدا جلسة مباحثات ثنائية، أعقبها توقيع الاتفاق بين شركتي سوناطرك الجزائرية وإيني الإيطالية، لزيادة حجم الغاز المصدر باستخدام القدرات المتاحة لخط أنبوب الغاز إنريكو ماتيي (ترانسمد).
فيما أفادت وكالة رويترز، نقلا عن مصادر، أنه من المتوقع تزويد الجزائر لإيطاليا بـ4 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي سنويا على أقصى تقدير، ثم 9 مليارات خلال عامين، وهي كميات إضافية على العقد المبرم بين البلدين والذي تم تجديده عام 2019 لمدة 10 سنوات.
ويُعد هذا الاتفاق مع الجزائر، واحد من 3 اتفاقيات أعلنت إيطاليا اعتزامها توقيعها مع كل من الجزائر وليبيا وبنجلاديش لاستيراد 10 مليارات متر مكعب من الغاز خلال العام الجاري، قبل زيادة هذه الكميات إلى الضعف بحلول عام 2024.
وقبل أيام صرح وزير التحول البيئي الإيطالي، روبرتو شينجولاني، بأن بلاده تعتزم الحصول على 10 مليارات متر مكعب من الجزائر وليبيا وأذربيجان هذا العام، لتحل محل الغاز الروسي، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن مضاعفة هذا الرقم ليتجاوز 20 مليار متر مكعب بحلول عام 2024، عندما تصبح هذه التدفقات الجديدة بكامل طاقتها.
إيطاليا تتجه إلى الجزائر لتعويض الغاز الروسي
وفي عام 2021، أمدت الجزائر إيطاليا بأكثر من 21 مليار متر مكعب من الغاز، فيما تبلغ صادرات الغاز الجزائري إلى أوروبا عموما 11% من استخدامات القارة، مقابل 40% لصالح روسيا.
وتعد الجزائر هي ثاني أكبر موردي الغاز إلى إيطاليا، حيث توفر 21 مليار متر مكعب سنويًا، أي ما يعادل حوالي 31% من الاستهلاك السنوي، لكن هذه الكمية تساوي ثلثي طاقة الخط العابر للمتوسط، الذي تصل طاقته القصوى 33 مليار متر مكعب سنويًا، ما يمنح إيطاليا مجالًا لزيادة وارداتها من الغاز الجزائري، وتحقيق استفادة فورية من هذه الخطوة على حساب روسيا.
وفي كلمة أمام المشرعين الإيطاليين، الشهر الماضي، شدد دراجي، على ضرورة تنويع إيطاليا لوارداتها من الغاز بشكل عاجل، لا سيما بالنظر إلى خطورة أن تقرر روسيا وقف إمدادات الغاز، لافتا إلى أنه لا يمكن لإيطاليا الاعتماد على قرارات دولة واحدة فقط، لأن هذا يعرض حريتها للخطر، وليس فقط ازدهار اقتصادها.
وتأتي الخطوة الإيطالية، في سياق سلسلة من الخطوات الأوروبية المهرولة بعيدا عن الغاز الروسي، عقب شن موسكو حملتها العسكرية على أوكرانيا، فقد أبرمت ألمانيا اتفاقا مع قطر الشهر الماضي، لتدشين شراكة استراتيجية طويلة الأمد في سبيل تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، حسبما صرح وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك.
وتعتزم ألمانيا التوقف تماما عن استيراد الغاز الروسي بحلول عام 2024.