الاختيار 3.. التوثيق في ثوب الدراما
للعام الثالث علي التوالي.. وما زال مسلسل الاختيار هو محور اهتمام المشاهد المصري بل المشاهد العربي في جميع أرجاء وطننا العربي.. فالقضية المثارة وبالرغم من كونها محلية.. فإن تشعب الإخوان في محيط وطننا العربي.. جعل منها محط اهتمام ومتابعة...
الجزء الثالث هذا العام ربما اختلف عن سابقيه وأصبح وثائقيا نوعا ما.. فلا تخلو حلقة من حلقات المسلسل إلا وقد تم توثيقها بالصوت والصورة.. لشخوص تم تجسيدهم من خلال الدراما.. والحقيقة أن التوثيق كان متسقا ومتناسقا مع مجريات الأحداث.. بل ويبدو أن البناء الدرامي للمسلسل بني في الأساس على تلك الوثائق المهمة بعد الإفراج عنها.. وهنا نحن أمام حدث غير عادي.. فلم نعتد من قبل أن تكون الدولة المصرية متمثلة في أجهزتها الوطنية.. بهذا الشكل الشفاف في التعامل مع المواطن المصري.. كان دائما الخبر هو محور التعامل.. فنستفيق على أخبار من نوعية القبض على شخص أو مجموعة أو خلية أو ما شابه..
وهذا النوع من التعامل كان دائما ما يحدث نوعا من الجدل ما بين مؤيد ومعارض.. بل كانت الصيحات وبكاء البكّائين من الجماعات المتطرفة يعلو من خلال منابرهم، ومن يتولى أمرهم ورعايتهم.. ولغياب الشفافية كان التعاطف معهم في ازدياد.. فصوروا للجميع أن الدولة المصرية متمثلة في مؤسساتها الأمنية هي أجهزة قمعية.. تكبت كل صوت معارض.. وتعتقل كل شخص يبغي لمصر الخير والتقدم بسواعد مغايرة..
أما الآن فنحن أمام سياسة المكاشفة.. سياسة بناء الوعي..
فوجئ المشاهد أيضا ولأول مرة بظهور شخصية الرئيس عبدالفتاح السيسي.. منذ أن كان رئيسًا لجهاز المخابرات الحربية.. ووصولا لمنصب وزير الدفاع.. وهي المرة الأولى التي تتناول فيها الدراما المصرية شخصية الرئيس وتجسدها وهو في سدة الحكم..
والحقيقة عكس ما يثار الآن على صفحات السوشيال ميديا المناصرة للجماعات الإرهابية حول أن المسلسل من أجل (بروزة) الرئيس.. فهذا الأمر يتنافى مع سياق الدراما حتى الآن.. وأن الأمر لا يتعدى توثيق ما جرى بكل صدق وحياد.. حتى أن الحياة الشخصية للرئيس لم تأخذ في مجريات الأحداث سوى دقائق معدودة حتى الآن.. ما بين جلسة إفطار أسرية في رمضان.. وقد كانت مهمة للغاية في سياق الدراما، حيث تخلل ذلك الإفطار خبر استشهاد جنودنا في سيناء في الحادث المعروف والأليم..
أما المشهد الآخر والذي جمع الرئيس بوالدته.. وهي في حال (استغراق) روحاني.. كان مهما في سياق الدراما، حيث هو في مفترق طريق.. وأمام قرار مصيري ومهمة ليست بالهينة..
وأمام تلك الأم (البركة) كان الرئيس في حاجة مهمة لإحساس الطمأنة.. بأنه سينجح في مهمته.. وهو ما حدث.
فالرجل كان أمينا مع أناس هو يعلم في قرارة نفسه أنهم ليسوا أمناء علي هذا الوطن... ولكن كان دائما.. وكما جاء في سياق الأحداث ناصحًا أمينًا.. ولم يبخل أبدًا عليهم بالمشورة السليمة.. التي تجعل منهم في أفضل صورة أمام الشعب... فهو دائم النصح لهم بالمكاشفة.. وتبيان حقائق الأمور للشعب... وأن يستمعوا لمطالب الشعب لا لصوت الجماعة... بل كان دائما يوجههم باتخاذ بعض الإجراءات اللازمة لامتصاص حالة الاحتقان في الشارع المصري.. إذًا نحن أمام شخصية ليست بالطامعة ولا بالمخططة لمنصب الرئيس.. فلو كان كذلك لالتزم الصمت.. أو أيّدهم فيما بدأوه حتى تغرق سفينتهم... ولكنه كان حريصًا على مصالح دولة.. فيسهم بما يقول لصالحها حتى وإن كان الربان... قرصانا...
وبالعودة لسياسة المكاشفة والوعي.. نجد أن تلك هي السمات التي تميز بها الرئيس السيسي منذ توليه منصب وزير الدفاع.