السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

رسائل الله

الجمعة 15/أبريل/2022 - 04:40 م

 السيدة الإنجليزية "دوروثي فليتشر" في سنة 2003 كان عندها 67 سنة.. "دوروثي" عندها بنت واحدة اسمها "كريستين".. "دوروثي" و"كريستين" عايشين في مدينة ليفربول الإنجليزية بس ولأن النصيب غلاّب ووقت ما بيصيب مش بيعترف بأماكن أو مسافات؛ "كريستين" حبت شاب أمريكي كان متواجد في ليفربول في مهمة عمل والأمور ما بينهم مشيت بسرعة واتخطبوا وقرروا يتجوزوا.. لحد هنا تمام والمفروض إن "دوروثي" تفرح على أساس إن بنتها الوحيدة خلاص هتتجوز ولقت شريكها.. بس للأسف كان فيه حاجز نفسي بين "دوروثي" وبين الجوازة لأن بنتها وخطيبها كانوا مخططين إنهم يعيشوا في "فلوريدا" الأمريكية!.. طب وإيه يعني؟.. لأ مفيهاش وإيه يعني.. ليه؟.. لأن ده معناه إن "دوروثي" هتضطر تعيش لوحدها في ليفربول بعد ما بنتها تبدأ حياتها!.. طب تعالي عيشي معانا في أمريكا.. لأ برضه أنا مرتبطة بـ ليفربول ومش متخيلة نفسي في مكان تاني غيرها.. الموضوع كبر ووصل تقريبًا لقطيعة بين البنت وأمها.. الأصدقاء والقريبين حاولوا يقربوا وجهات النظر بين الطرفين بس كانت الأجواء ما بينهم لسه ملتهبة.. "كريستين" ضغطت على خطيبها إنها مش هتقدر تعمل حاجة دون موافقة أمها وعشان كده يبقى الحال على ما هو عليه لحد ما تقدر تقنعها.. الشاب وافق على مضض وعدم اقتناع!.. الفكرة إن "دوروثي" كان عندها يقين بشكل كبير إنها هتموت وهي لوحدها، وببُعد بنتها عنها اليقين ده كان بيكبر أكتر.. فيه سبب تاني برضه كانت خايفة منه بينها وبين نفسها وهو إنها كانت متكفلة بمصاريف طفلين أيتام في ليفربول كفالة تامة ولو سافرت أمريكا مع بنتها وجوزها الموضوع ده مش هتقدر تكمل فيه!.. خُد بالك برضه إننا بنتكلم عن حاجة من 19 سنة يعني شركات تحويل الأموال ماكانتش موجودة بالشكل بتاعها النهاردة وطبعًا فكرة إنك تعمل تحويل بنكي كل شهر بالمبلغ اللي هي بتدفعه للأطفال هيبقى وراها مليون حوار وتفصيلة مش هتقدر تكون متابعاهم وهي بعيد كده ومن هنا جه قرارها بعدم السفر وبالتالي عدم الموافقة على الجوازة أصلًا.. تحس بالامتنان تجاه "دوروثي" لما تحس إن قرارها مبني أساسًا على خوفها إن الخير اللي بتعمله ينقطع لدرجة إن بقى عندها ثقة إنها لو قطعت الخير ممكن ربنا يخليها تموت عقابًا ليها!.. طب يا ستي روحي اعملي خير في أمريكا مع ناس جديدة!.. لأ برضه.. أنا بعمله مع الطفلين دول وعايزة أكمله معاهم!.. فضلت الجوازة متعلقة والشد والجذب مستمرين لمدة شهور لحد ما فجأة قدر خطيب "كريستين" يتوصل لطريقة سريعة وسهلة من خلال شركة أمريكية ليها فرع في إنجلترا هتبقى مسؤولة عن تحويل مبلغ الكفالة الشهري اللي بتدفعه حماته للطفلين.. والجميل إن فيه مندوب من الشركة في ليفربول هيروح يوصل الفلوس كل أول شهر للطفلين في الدار مش مجرد تحويل يعني.. عظمة على عظمة كده مشكلة الست "دوروثي" اتحلت أهو ومالهاش حجة.. فضلت مصممة على الرفض برضه.. ضغطوا عليها، وجابوا ناس تضغط عليها لحد ما اقتنعت أخيرًا ووافقت تسافر هي وبنتها لـ فلوريدا عشان ترتيب إجراءات الجواز.. وهما على متن الطيارة وفي نص الرحلة بالظبط حست "دوروثي" بألم شديد وقاسي في صدرها وكتفها وصعوبة بالغة في التنفس!.. مضيفة من المضيفات فهمت بخبرتها وبسرعة إن دي أزمة قلبية عاجلة.. كان واضح خلاص إنها النهاية وإن الفرح اللي رايحين يرتبوله هينتهي بجنازة بالطريقة المؤسفة دي.. المضيفة وبشيء من العجز صرخت في ميكروفون الطيارة: (هل يوجد طبيب هنا؟).. فجأة ودون ترتيب تحرك 15 شخصًا من كراسيهم لمقدمة الطيارة في المكان اللي فيه كرسي "دوروثي".. لحظة مين دول؟.. يشاء ربنا إنهم يكونوا 15 طبيب قلب إنجليزي كانوا رايحين يحضروا مؤتمر طبي مهم في "أورلاندو"..  مش أي أطباء.. لأ.. أطباء قلب بالذات!.. بمجموعة من الإسعافات الأولية وباستخدام بعض الأطباء لبعض الأدوات والأدوية اللي كانت معاهم على الطيارة في شنط الإيد بتاعتهم؛ تم إنقاذ حياة "دوروثي" وعاشت ولسه عايشة لحد دلوقتي!.. والسبب؟.. قرارها إنها تحافظ على الخير السري اللي كانت بتعمله واللي كان بينها وبين ربنا واللي بسببه جاتلها رسالة ربنا بالنجاة في التوقيت المناسب.

(السيدة الإنجليزية "دوروثي فليتشر")

 

 في واحد من أيام سنة 2020 وفي أثناء ما موجة كورونا كانت في عزها في العالم كله كانت المراسلة الصحفية "فيكتوريا برايس" واللي عندها 28 سنة مزمزأة ومش عايزة تنزل الشغل في اليوم ده.. كده كده هي من حقها أجازات ورصيدها يسمح، وكده كده كانت محتاجة فترة هدنة من الشغل وشدة الأعصاب.. بس للأسف المدير المسؤول في القناة اللي هي بتشتغل فيها اتصل بيها وطلب منها إنها تنزل تقدم تقريرها المعتاد.. إيه ده!.. طب ما فيه مراسلين غيري والمفروض إن ده وقت شغلهم.. لأ هما في إجازة وحاليًا مفيش عندنا غيرك وكمان بيتك قريب من القناة فمش هتاخدي وقت!.. يعني هما ياخدوا الإجازة بتاعتهم عادي وأنا عشان بشتغل بضمير وبذمة ما قدرش أريح يوم واحد بس!.. معلش يا "فيكتوريا" انزلي النهاردة وخُدي أجازتك بكره عادي.. الكلام ماكنش داخل دماغها وكانت متأكدة إن ده مجرد وعد خايب زي عشرات الوعود اللي أخدتها قبل كده من نفس المدير وطلعت فشنك.. هما بييجوا عليها هي بالذات عشان هي اللي بتشتغل بضمير وشغلها محترف وبتراعي كل تفصيلة في الشغل، لكن الباقيين بيشتغلوا على قد القد ومش بيدوا الشغل حقه.. الغريب إن اللي بيشتغلوا نص نص هما اللي واخدين كل حقوقهم كاملة، وهي اللي بتشتغل بشكل احترافي؛ القناة بتحسسها إنها ضميرها نقمة بدل ما يبقى نعمة.. المشكلة إن شخصية "فيكتوريا" كانت قوية وكانت هتموت وتعمل رد فعل عنيف تدافع بيه عن كرامتها وترفض بس شيء ما إلهي خلاّها تسكت وتوافق تطلع على الهوا وتعمل التقرير.. خلصت التقرير، وروحت البيت وبدأ الجزء التاني من شغلها بقى.. آه بالمناسبة ما هي متعودة بعد كل حلقة إنها تقرا معظم الإيميلات بتاعت الناس المشاهدين عشان بتشوف إن ده جزء من تقديرها للجمهور!.. قعدت تقرا.. في اليوم ده كانت الإيميلات كتيرة فعلًا.. بنتكلم في حوالي 200 إيميل.. بس هي قررت تقراهم كاملين.. حتى لما خطيبها قال لها مش ضروري تقريهم كلهم النهاردة ده أساسًا إنتي نازلة الشغل بالعافية رفضت وقالت إن لأ وده جزء من مهنيتها وشغلها اللي بتاخد عليه فلوس.. هما مش هيقبضوني في القناة مرتبي ناقص عشان أنا ماقراش كل الإيميلات!.. يا ستي ما إنتي كده كده مش مطلوب منك تقريهم كلهم أساسًا.. لأ بس ده نظامي اللي براعي بيه ضميري وربنا في شغلي.. خلاص إنتي حرة.. معظم الإيميلات كانت متوزعة كالعادة ما بين استفسارات أو شكر في الحلقة أو كلام في مواضيع تانية مالهاش علاقة لا بيها ولا بالبرنامج أصلًا بس أهو واحد قرر يلعب ويتسلى.. الحقيقة إن "فيكتوريا" مع الوقت بقى عندها الخبرة تعرف إيه المهم وإيه اللي أي كلام فكان رتم قرائتها للإيميلات سريع.. لحد ما وصلت للإيميل قبل الأخير!.. إيميل من شخص من الجمهور شاف الحلقة بيقول لها فيها إنه لاحظ انتفاخ في جنب رقبتها الشمال.. انتفاخ بسيط جدًا بس هو شاكك إن ده ممكن يكون ورم سرطاني فنصحها إنها ياريت تعمل أشعة عشان تتأكد وتتطمن!.. يا خبر!.. بسرعة ودون تفكير أخدت رأى خطيبها اللي أيد الفكرة وراحوا عملوا أشعة وظهرت المفاجأة!.. ده فعلًا ورم سرطاني في الغدة الدرقية وبينتشر للعقد الليمفاوية وطوله 3 سنتيمتر وبدأ يضغط على أحبالها الصوتية ولازم عملية جراحية بسرعة لإزالة الغدة الدرقية بالكامل!.. يومين واتعملت العملية وخفت "فيكتوريا" واتكتب لها عُمر جديد بسبب إخلاصها لـ شغلها ومراعتها لضميرها والأهم إستجابتها لضغط حست إنه كان غير منطقي وكإن الدنيا كلها كانت ضدها فيه لكن اتضح بعد كده إنها بسبب الضغط ده نزلت الشغل وبسبب نزولها للشغل فيه مشاهد شافها في الشاشة ونصحها وتم إنقاذ الموقف. 

(المذيعة "فيكتوريا برايس" أثناء الحلقة وبعد العملية)

 

 بمليون رسالة ربانية بتتحدد اتجاهاتك تروح فين وتيجي منين.. رسايل عنوانهم كلهم إنك مادمت بتعمل اللي عليك للنهاية وضميرك مرتاح يبقى مفيش مانع من شوية استجابة للضغوط اللي ممكن تكون بالنسبا لك مرفوضة في لحظتها لكنها في النهاية وارد جدًا تكون بالنسبا لك طوق النجاة.

تابع مواقعنا