عمرو خالد: جدد حياتك بالرضا ومتعة عيش اللحظة بهذه الطرق الفعالة
قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن للذكر فوائد روحية عجيبة الأثر، وأيضًا فوائد نفسية عميقة لا يمكن إهمالها، خصوصًا في واقعنا المعاصر والحياة المادية التي صرنا منغمسين فيها، من ذلك أنه يصل بالإنسان إلى المعاني العميقة في حياتك، مثل: الصفاء الروحي – السكينة النفسية – الأنس بالله – الإيثار – لذة العطاء – الحب المولِّد للتفاني والتضحية، وغيرها.
فوائد الذكر
وأضاف عمرو خالد في الحلقة الخامسة عشر من برنامجه الرمضاني حياة الإحسان، المذاع عبر قناته على موقع يوتيوب، إن الحياة دون تلك المعاني العميقة تفقد قيمتها الحقيقية وحلاوتها وسعادتها الكاملة، فلا يمكن استكمال السعادة بالمعاني البسيطة وحدها، عندها ستكون سعادة عرجاء ناقصة لا تُشبع روح الإنسان، خصوصًا وأن تكوين النفس البشرية يحتاج أن يتذوق المرء المعاني العميقة للحياة، لتكتمل لذة الشعور بالسعادة.
كيف نصل للمعاني العميقة؟
أوضح خالد إن ذكر الله من أقوى وأسهل الطرق لإدراك تلك المعاني، فهو يأخذك تلقائيًا لتدركها باستمرار، فيرددها اللسان ويركز العقل على أكثر المعاني عمقًا في الحياة؛ وهو معرفة الله ومحبته.
وتابع: الذكر يجعلك تعيش الحاضر وتستمع به؛ لأنه يجعلك تعيش مع الله في الزمن الحاضر، تعيش اللحظة، تعيش الآن، لأنك مع بدء الذكر بتركيز وتأمل تخرج من الزمان والمكان وتعيش مع الله وحده فتقل حدة الرغبات والأهواء، ويتوقف الزمن عند الآن مع الله، ويتوقف ضغط الماضي والمستقبل، فتحدث السكينة والطمأنينة التي وعد الله بها الذاكرين "ألا بِذِكْرِ اللَّه تَطَمئِنُّ الْقُلُوبُ.
ووصف خالد، الذكر بأنه مصدر رائع لطاقة الإنسان، فالإنسان يحتاج طاقة ليعيش ويتحرك وينتج، والطاقة تتغير حسب نوع النشاط الذي يقوم به.
وبين أن هناك ثلاث مستويات من النشاط الإنساني: جسدي ونفسي وعقلي، وكل منها يحتاج لمقدار من الطاقة يختلف عن غيره من الأنشطة، النشاط الجسدي الرياضي مثلًا يحتاج طاقة أكبر من النشاط الجسدي المكتبي، والنشاط العقلي يحتاج طاقة أقل بعض الشيء، والنشاط النفسي أيضًا يحتاج طاقة أقل؛ إلا أن هذه المعادلة تنعكس تمامًا مع النشاط الروحي! النشاط الروحي له سر عجيب، فهو لا يستنزف طاقتك، بل هو الذي يمدك بالطاقة!
عش اللحظة
قال خالد إن السعادة رحلة ومشوار الأحداث بصرف النظر عن النتيجة النهائية، وأي سعادة مرتبطة بالحدث النهائي غير مكتملة وتحولك لإنسان يبحث عن الصعاب، لأنه كل ما يحقق حلمًا لا يسعد فيسعى لحلم جديد، لعله يسعد وينسى الرحلة للوصول، لن تسعد باللحظة إلا لو عشت الرحلة، حتى الجنة لولا رحلة الدنيا لن تحس بطعمها.
وأوضح أن الإنسان الذي يريد أن يعيش لحظة الإنجاز والنتائج لا يستمتع بالرحلة، لأنها تكون شاقة، ولا يستمتع بالإنجاز الأخير لأنه تعب، أما الإنسان الذي يعيش اللحظة يستمتع بالرحلة، فإنه يستمتع بالإنجاز والنتيجة في اللحظة الأخيرة.
عمرو خالد: العيش بنفسية عقلية الامتنان له فوائد روحية وصحية
حث خالد على العيش بنفسية وعقلية الممتن، الحامد لله، مشيرًا إلى أن العيش بنفسية عقلية الامتنان له فوائد ليس فقط من الناحية الروحية، وإنما أيضًا من الناحية العلمية الصحية، لأن الحمد والشكر بالإحساس بالنعم يجعل العقل يفرز مادة اسمها "الاندروفين"، وهي المسئولة عن سكون وهدوء الإنسان، كلما كنت حامدًا يفرز مخك هذه المادة، فتشعر بالسكينة والسعادة.
وبين أن الغرب أصبح مهتمًا بالعيش بنفسية الامتنان، بعدما توصل العلماء إلى أن هناك أشياء لا بد أن تمتن عليها وإلا ستتعب، ويقولون: امتن لأي شيء، ولأي شخص، اشكر كل إنسان، امتن للنعم في حياتك، امتن للوردة الحلوة، امتن للشجرة التي أمام بيتك، ونحن كمسلمين لدينا نعمة رائعة: أن نمتن لله خالق النعم كلها: " وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ".
وتوصل خالد إلى أن "معظم الناس لا يعيشون حياتهم الحقيقية، فلا يلاحظون ما يحدث حولهم لأنهم شاردون في الأفكار التي تدور في أذهانهم، والتي غالبًا ما تكون قلقًا من المستقبل، أو ضيقًا بسبب شيء حدث في الماضي".
لذا حث على "إعادة اكتشاف عالمك، وملاحظة أوجه الجمال فيه، بدلًا من تجاهله والحياة في همومك وأفكارك، وأن تخصص وقتًا لذكر الله، عش فيه بكل كيانك مع معاني الذكر التي تذكر الله بها. اختر ثلاثة أعمال يوميًا تمارسها بكل حواسك وأنت تعيش اللحظة مثل ممارسة رياضة أو استماع للموسيقى، الصلاة، فهذا هو هدفها الأصلي أن تعيش اللحظة مع الله خمس مرات يوميًا".
وذكر أن "الإحسان له علاقة بعيش اللحظة، والحضور الذهني بالكامل، لأنه يحتاج الانغماس في اللحظة الراهنة بتركيز، وهو درجة من درجات الوعي الكبير، لكن التشويش يقلل بشدة هذا التركيز، بينما الذكر يعيد مهارة التركيز".
وأرجع خالد انحسار الإبداع والإتقان إلى تشتت العقل، لأن "الإبداع والإتقان هما الإحسان في الحياة، والحضور الذهني أول خطوة مثل التأمل.. استحضر النية.. استحضر عظمة الله.. استحضر النعمة.. حضور.. تركيز".
وأوضح أنه "لا بد مع الإحسان والذكر أن تتحرك الخمس حواس، كلما تحركت تفتح الروحانيات بقوة، الذكر ثلاثي: لسان وعقل وقلب، الإحسان إحساس لا بد أن تحوله إلى الحواس الخمس. العين: "كأنك تراه "، السمع: قرآن، اللمس: الصلاة، لسان: ذكر، شم: رائحة الكون.. التذوق الروحي.. القلب مصفاه الخمس حواس.. لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك".