ميلاد القصيدة الأولى.. 150 بيتًا في مدح الرسول تفتتح المشوار الشعري لـ أحمد سويلم
تعد القصيدة الأولى، المولود البكر للشاعر، فهي تخرج بعد تعثر ومحاولات شاقة لترجمة ما يجيش في النفس وما يتبع ذلك من كتابة مسودات وتمزيقها وشعور بالإخفاق لكتابة أبيات شعرية قويمة، وفي سلسلة ميلاد القصيدة الأولى نتوقف مع الشعراء حول أول قصيدة كتبوها وظروف خروجها إلى النور، وفي هذه الحلقة يحكي لنا الشاعر الكبير أحمد سويلم مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة ذكرياته مع القصيدة الأولى.
يقول الشاعر أحمد سويلم لـ القاهرة 24: حينما كنت صغير السن قرأت كثيرًا التراث الأدبي في مكتبة والدي الشيخ المتصوف الذي كان شيخ الطريقة الأحمدية، وهذا أُثر في جدًّا كقارئ وكان له إحساس ديني خاص.
ويتابع الشاعر أحمد سويلم: في سنة 1956 سمعت أغنية للفنان الكبير محمد عبد الوهاب فأعجبتني، وكتبت على نسقها قصيدة بالعامية وذهبت إلى صديق لي أزهري كي أعرضها عليه فرفض أن يستمع إلى هذه القصيدة العامية؛ لأنه يعرف أن لدي معرفة جيدة باللغة العربية الفصحى.
وتابع سويلم: وسألني صديقي لماذا لا تكتب باللغة العربية الفصحى وكأنه نبش شيئًا لدي كان خافيًا عليَّ، وبالفعل بدأت أجرب أن أكتب القصيدة العربية الفصحى، وقال لي: إن استطعت أن تكتب قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم في 150 بيتا على قافية واحدة فأنت شاعر جيد.
وتابع سويلم: كان هذا التحدي كبيرًا، لكن بالفعل استطعت أن أفعل ذلك وكتبت القصيدة وعرضتها على صديقي هذا الذي رحب بها جدا، وأصلح بعض الأشياء فيها ثم بدأت مسيرتي مع الشعر عادي جدا، أكتب في الكثير المناسبات الوطنية والمجتمعية السياسية في بلدي بيلا كفر الشيخ وأكتب الشعر وألقيه في الإذاعة المدرسية.
قصيدة تشعل مظاهرة
ينتهي سويلم من ذكرات القصيدة الأولى ويأخذنا إلى رحلته الشعرية بعد ذلك فيقول: أتذكر بعد ذلك وأنا في الصف الثاني الثانوي كتبت قصيدة عام 1958 عن العراق إزاء الأحداث التي وقعت بها وقام بها عبد الكريم قاسم، وأخذ يُسيل دماء العراقيين في الشوارع، فكتبت قصيدة بعنوان: «خطاب مفتوح إلى قاصم العراق» بالصاد، وأعني أنه قصم العراق ومزقها، وحينما ذهبت لألقيها في الإذاعة كان لا بد أن أعرضها عل مدرس اللغة العربية ولكني لم أعرضها عليه وألقيتها بشكل حماسي جدا مما جعل الطلبة في الفناء يهتفون ضد عبد الكريم قاسم ويخرجون في مظاهرة في البلد، ويتركون المدرسة تمامًا، وخرجت أيضا جميع المدارس في البلد بيلا كفر الشيخ وشاركوا في هذه المظاهرة وكان يوما عاصفا جدا وألقيت القصيدة أكثر من مرة في الشوارع وأماكن كثيرة في البلد.
ويتابع أحمد سويلم: في اليوم الثاني استدعاني الناظر وسألني كيف ألقيت هذه القصيدة دون عرضها على مدرس اللغة العربية، فادعيت أنه لم يكن موجودا فقال الناظر بل كان موجودا، ولكنك لم تعرضها عليه، وسألني هل تعرف ماذا حدث؟ فقلت ماذا حدث؟ قال: أمن محافظة كفر الشيخ بالكامل حضر إلى هنا أمس.
يضحك سويلم ويتابع: ناظر المدرسة أخذ قرارًا بمنعي من الإذاعة المدرسية لمدة يومين، ولكن كانت تبدو عليه السعادة بما حدث، وسعدت أنا بالطبع أيضا أن تتسبب قصيدة في مظاهرة.
ما قبل التاريخ
يقول أحمد سويلم: كان هذا قبل المجيء إلى القاهرة عام 59 واحتك بالوسط الثقافي في القاهرة، وحينما جئت إلى القاهرة جمعت أشعاري كلها التي كتبتها ووضعتها في ملف وكتبت عليه "ما قبل التاريخ"، لأنني وجدت نفسي غريبًا جدًّا وسط الساحة الثقافية في القاهرة، ولا بد أن أنضم إليها بشروط جديدة جدًّا تمامًا ومكثت أقرا جيدا وأحاول الكتابة من جديد، وأحضر الندوات وأتواصل مع الشعراء إلى أن نشرت أول قصيدة لي كانت في بيروت وليست في مصر عام 1963، أرسلتها إلى إحدى المجلات وقلت إذا كانت القصيدة صالحة للنشر أرجو نشرها فنشروها.
يتابع سويلم: بعدها دخلت بالقصيدة على على الدكتور عبد القادر القط في مجلة الشعر، وقلت له: أنا أحمد سويلم، وأكتب الشعر وهذه القصيدة منشورة فقرأها ورحب بي جدا، وقال لي: لماذا لا تكتب عندنا وطلب مني أن أنشر عنده في المجلة، فقلت له معي قصيدتان اختر منهما وبدأت أنشر عند الدكتور عبد القادر القط في مجلة الشعر، ونشرت بعدها في عدة مجلات أيضا حتى أشار علي كثير من الأصدقاء بإصدار أول ديوان فصدر عام 1967 بعنوان: الطريق والقلب الحائر لم أضع فيه جميع ما كتبت ولكن وضعت فيه 18 قصيدة فقط.
شاعر باعتراف صلاح عبد الصبور
سويلم يتابع تذكره فيقول: لم أكتف بذلك بل صممت في البرنامج الثقافي في الإذاعة «مع النقاد«، أن يناقشني أكبر 2 في مصر هما الدكتور عبد القادر القط وصلاح عبد الصبور وذلك لأنهما إذا لم يعترفا بي كنت توقفت عن كتابة الشعر.
ويواصل: كنا جيلا يأخذ حياته بجدية شديدة حتى عندما سألني المذيع في كواليس البرنامج إذا لم يوافق هذان الكبيران على مناقشتك ماذا كنت ستفعل؟ قلت كنت سأتوقف عن كتابة الشعر، لأن أكبر اثنين غير معترفين بي، واليوم عندي 23 ديوانا و4 قصايد و4 مسرحيات شعرية، وهناك عد كبير من الدراسات نحو 35 عن دراسة عن أعمالي، وعدد من شعر الأطفال نحو 50 عملا.