الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أبي.. أمي.. بأي الدموع أبكيكما؟

الجمعة 29/أبريل/2022 - 01:52 م

لأول مرة أشعر وكأنني عاجزة عن الكتابة، وطالما أجلت كتابة تلك السطور التي أعلم جيدا أنها غير مرتبة وربما تكون غير مفهومة للبعض، فقد انتبهت فجأة ولاحظت أن العام قد مضى، لم أعِ كيف ومتى وفي أي شيء مضى. 

كل ما أدركه فقط أن كل الأحداث التي غرقت بها لم تفارقني كواليسها لحظة في أي يوم قد مضى من هذا العام، منذ وضع رأسي على وسادتي أو عندما أغرق في نومي لتراودني هلاوسي بكل ما حدث بالتفصيل أو في أوقات بقائي بمفردي بين أثاث منزلنا الذي لا يزال يحتفظ برائحتهما العالقة به وآثار أيديهم التي لا زالت باقية على ملابسنا في شكل حياكة أمي لها أو في طعامنا الذي لا زال باقيا من تخزين يديها أو تدوينات أبي الحسابية بخط يده لكل أمور حياتنا لا سيما الذكريات المميتة التي تلاحقني يوميا وتشتد وتشتد في المناسبات سواء أعياد الميلاد أو عيد الأم أو شهر رمضان والأعياد المباركة التي كانت يجهز لها والدي قبلها بوقت كاف. 
لماذا وكيف ومتى وأين وماذا لو؟ كل تلك الأسئلة التي تجتاح تفكيري أرهقتني بما فيه الكفاية، وأصبحت الذكريات جرعات زائدة قاتلة، حصلت عليها وأشقائي كضربات موجعة في القلب بل فعلا قاتلة مميتة لم أتخيل أن أمر بها يوما ما، لم يخطر ببالي لحظة أن أفقد أجنحتي التي كنت أحلق بها في سماء دنياي، أفقد قلبي وعقلي في آن واحد، لم أتخيل أن أمر بأيام بل بعام أكحل كهذا العام الذي ذهبا فيه فقيدا قلبي إلى خالقهم.
لقد لبست روحك يا أمي، ارتديتها دون دراية فأصبحت أضاهيك في كل شيء حتى ما كنت أرفض قيامك به أصبحت أفعله مثلك تلقائيا، نعم لبستني شخصيتك في أقوالك وأفعالك ومسئولياتك واهتماماتك اليومية. 
رحل أبي في صمت بعد أن كثرت أسئلته عن حالتكِ للاطمئنان عليكِ، رحل ولم يعلم أنكِ تلاحقينه بتلك السرعة التي فاجأتنا نحن الأحياء أيضًا، رحلت وأنتِ تعلمين برحيله، رحلت وأنتِ تقرأين له القرآن ليتغمده الله برحمته، رحلت وأنتِ تحملين هم وحدتنا، ورحل هو وترك لنا إرثا سيظل، رحل وترك اسما وسيرة طيبة تظلنا في كل خطواتنا كأفعالك التي كنا دائما نستغربها، لكننا الآن أصبحنا نعيها ونحصد نتائجها، لم نكن نعلم أنكما كنتما تمهدان الطريق لتلك الحياة تلك الوحدة التي ترافقنا.. فبأي دموع أبكيكما؟
بابا.. ماما.. لم أتخيل يوما أن أن أتلقى خبر رحيلكما بنفسي.. أن أتسلم جثاميكم بيدي.. أن أرافقكما إلى مثواكم الأخير أن أقف لتلقي عزائكما بنفسي.. أن أرثيكم بيدي.. 
أظلكما الله أبي وأمي بكامل رحمته ومغفرته التي وسعت كل شيء وجعل جميع أعمالكما الصالحة في ميزان حسناتكما، وألهمني وأخواتي الصبر على قضاء الله.

تابع مواقعنا