الرئيس وملف الحريات في مصر

لم تكن مفاجأة أن يبادر الرئيس عبدالفتاح السيسي بخطوة عملية جديدة لتعزيز ملف الحريات العامة في مصر، بعدما أصدر تكليفات واضحة (خلال مشاركته في حفل إفطار الأسرة المصرية، مساء الثلاثاء الماضي) يتصدرها إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، والبدء في الإعداد لـ حوار وطني شامل، فضلا عن تكليفات اقتصادية واجتماعية للحكومة، أراها جميعا جزء من عناوين تعبر عن فلسفة الجمهورية الجديدة، تستهدف لم شمل الأسرة المصرية الكبيرة، بعد سنوات حاول خلالها أطراف داخلية وخارجية تعكير الصفو، وتبديد القوة، حتى يسهل تفتيت وحدة مصر.

لسنوات طويلة، ظل ملف الحريات العامة (كمعظم المجتمعات في مصر وخارجها) مصدر شد وجذب بين أطراف عدة، حيث تختلف رؤية كل شخص للملف من واقع المربع الذي يقف فيه، والأفكار التي يتبناها، والانتماء السياسي الذي يدافع عنه، ومع ذلك لم يكن الملف غائبا أو مؤجلا عن رؤية الدولة بعد 30 يونيو 2013، حيث شهد تحركات عدة بتوجيهات من الرئيس السيسي الذي طالب المؤسسات المعنية أكثر من مرة بتصحيح مواقف المحبوسين على ذمة قضايا متعددة، واستخدام روح القانون في التعامل مع الحالات التي تستحق الرأفة، على عكس كل من تورط في جرائم جنائية تهدد أمن المجتمع.

ليست مزايدة مني أن الفت النظر إلى أهمية المقارنة بين الدول التي تتاجر بملف الحقوق والحريات في المنطقة وخارجها، كون المقارنة ستكشف عن حالة الزيف التي يتبناها هؤلاء في التعامل مع الملف، ومحاولة توظيفه لخدمة مصالحهم، بينما مجرد تتبع ما يرتكبون من جرائم سيكشف عن ازدواجية هذه الدول، التي تدغدغ مشاعر البسطاء بشعارات زائفة، بينما هم السبب المباشر فيما تعانيه دول المنطقة من أزمات وانفلات، على عكس مصر التي نجحت بوعي شعبها في تجاوز المصير نفسه الذي كان يستهدف تحويل مصر إلى دولة فاشلة.

الآن، الكرة في ملعب الجميع بعد الخطوة العملية التي اتخذها الرئيس السيسي، حيث لابد من أن يتحمل الجميع مسئولياتهم السياسية والوطنية عبر طرح الحلول والبدائل التي تساعد في تحسين صورة المشهد السياسي من خلال دور واضح للأحزاب والقوى السياسية الوطنية، التي يجب أن تبتعد عن المماحكات والمزايدات التي تسيء لها، وتفقد أطرافها القيمة والمكانة عند الرأي العام، الراغب في أن يسمع حلول واضحة لمشكلاته، وليس مجرد إعادة تدوير للمشكلات نفسها.