مسافر على الرصيف لمحمود السعدني.. كتاب عن حياة العظماء من مقهى عبد الله
تحل اليوم ذكرى وفاة الكاتب الساخر محمود السعدني الشهير بالولد الشقي، الذي توفي في 4 مايو 2010، وهو الشقيق الأكبر للفنان صلاح السعدني.
شارك محمود السعدني في تأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية، وسجن في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، بعد إدانته بتهمة الاشتراك في محاولة انقلابية، وبعد خروجه قرر العيش في منفى اختياري خارج البلاد، وتوفي في عام 2006
وللكاتب محمود السعدني الكثير من المؤلفات، نتوقف منها عند كتابه مسافر على الرصيف، وهو كتاب يسرد فيه محمود السعدني ذكرياته مع عدد كبير من الكتاب والأدباء، الذين كان يلتقيهم على مقهى عبد الله في الجيزة.
مقهى عبد الله.. ملتقى العظماء
يقول محمود السعدني في كتابه: على طول ما لفيت ونطيت في بلاد الله، أصارحكم بأن أعظم رحلاتي في الحياة كانت بلا سفر، رحلة ساكنة ومستقرة وهادئة أو خاملة في نظر البعض، رحلة قطعتها عبر سنوات طوال على مقعد في مقهى بلدي في الجيزة وهي قهوة عبد الله، وعبد الله هذا رجل بلا شأن ولا ذكر، ولكنه مثاب رغم أنفه، فقد دخل التاريخ من أوسع الأبواب.
ويضيف السعدني: وفي هذا المقهى الذي كانت أنواره باهتة، ومقاعده مهشمة، ورصيفه أعرض من حظه، وشهرته أوسع من مساحة الميدان الذي كان يطل عليه، في هذا المقهى التقيت بعشرات الأدباء والشعراء والفنانين، بعضهم تتلمذت على يديه، وبعضهم زاملته، وبعضهم تأستذت عليه إن صح هذا التعبير! نماذج من البشر قلّ أن يجود الزمان بمثلهم، ونادرا ما يجتمعون في زمان واحد، ولكن - وهنا المعجزة - جاد الحظ بهم وفي وقت واحد، واجتمعوا طويلا، ثم انفضوا جميعا، بعضهم اختطفه الموت، والبعض هرسه الزمن الغادر، وبعضهم طرده الجحود والنكران، ولكنهم جميعا من زبدة مصر، وجزء من سحرها، وقبس من روحها، وحفنة من ترابها.
ثمل يكمل السعدتي: وهم في النهاية مصر نفسها، وبدونهم ربما لا تكون مصر!! أسماء لمعت وأسماء انطفأت، وحظوظ طقطقت وحظوظ اندثرت، وبهم نشبت معارك ولا معركة البسوس، وبسببهم تحقق الخلود لأيام ولا يوم داحس والغبراء، وبفضلهم خرج من هذا المقهى الصغير الحقير شعاع من النور، هو نفسه جزء من النور العام الذي يشع في مصر كلها!
ومن بين من التقاهم محمود السعدني على قهوة عبد الله وكَتب عنهم في كتابه مسافر على الرصيف: أنور المعداوي، وزكريا الحجاوي، ومحمود حسن إسماعيل، وعبد القادر القط، وعبد الرحمن الخميسي، وعبد الحميد قطامش، ونعمان عاشور، ومحمود يوسف، ومحمود شعبان، والدكتور محمد كامل حسين، وشفيق الكمالي، والشيخ محمد الفيومي، وغيرهم.
يذكر مثلا محمود السعدني عن الناقد الكبير عبد القادر القط أنه كان من مؤسس ندوة قهوة عبد الله، وأنه كان طيب القلب وأقلهم طموحا، وأنه كان من هواة كرة القدم.
