التضخم يعطي السندات دفعًا بعدما ضربتها المخاوف حياله
يواجه مقرضو الحكومة الأمريكية طريقًا شاقًا فيما تتصاعد المخاوف حيال التضخم، تخارج المستثمرون من السوق أفواجًا، ما جعل الربع الأول هو الأسوأ على الإطلاق ودمر قيمة محافظ السندات، لكن الآن بدأت عائدات الدخل الثابت تحصل على زخمها من ذات الغول.
انخفضت أسعار السندات فيما كافح الاحتياطي الفيدرالي التضخم عبر رفع أسعار الفائدة وإشارته لزيادات أخرى في المستقبل. حين ينخفض سعر السند يرتفع عائده، وهو العائد الذي يتوقع المستثمرون الحصول عليه وليس الاحتفاظ بالسند. بدأت في منتصف أبريل، ولأول مرة منذ عامين، العوائد على بعض الديون الحكومية المعدلة احتسابًا للتضخم تعوض أثر ارتفاع الأسعار بشكل كامل، وإن كان ذلك لفترة وجيزة.
قال ريموند لي، كبير مسؤولي الاستثمار في "توريكا كابيتال" (Torica Capital) في سيدني: "يبدو كل من السندات والائتمان أكثر جاذبية الآن."
يراهن السوق على أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية أربع مرات هذا العام. سيعزز هذا معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية من أعلى مستوى حالي له وهو 0.5% وصولًا إلى 2.5%، ما يؤدي لارتفاع العائد على سندات الخزانة. قد لا يبدو هذا مثيرًا مقارنة مع متوسط 6% المدفوع لسندات 10 سنوات في الستينات، لكنها زيادة هائلة عن المعدلات القريبة من الصفر خلال 15 عام خلت. قال راجيف دي ميلو، مدير محافظ عالمية لدى شركة "غاما أسيت مانجمنت" (GAMA Asset Management) في جنيف: "العامل المهيمن الذي يقود العوائد حاليًا هو الاحتياطي الفيدرالي الأكثر قوة."
كانت تلك العوائد سلبية لمدة عامين تقريبًا، بالنظر إلى أن المعدلات الإسمية ظلت منخفضة حتى مع ارتفاع التوقعات التضخمية. لكن تتوقع "بلومبرغ إنتليجنس" أن يبدأ خلال الأشهر المقبلة مزيد من أنواع الديون الحكومية بتوفير عائد إجمالي إيجابي. سيظل 2022 بالتأكيد صعبًا على مؤشر الخزانة، الذي خسر 5.6% في الربع الأول وحده، لكن يُرجح أن يبدأ المؤشر بإظهار عائد صغير بحلول مثل هذا الوقت في 2023، حيث تعوض دفعات الفائدة المرتفعة انخفاض الأسعار، حسب "بلومبرغ إنتليجنس".
يُرجح على نحو متزايد التحول مجددًا نحو أمان أوراق الدخل الثابت مع استمرار انخفاض الأسهم بسبب المخاوف بشأن الحرب في أوكرانيا والنتائج الهزيلة من شركات مثل "نتفلكس" و"ميتا بلاتفورمز" والمخاوف من أن التضخم ومعدلات الفائدة المرتفعة سيعوقان أرباح الشركات. قال مارك هيفيل، رئيس قسم المعلومات في "يو بي أس ويلث مانجمنت" (UBS Global Wealth Management): "إن ارتفاع العوائد، مع تساوي كل شيء آخر، يقلل من جاذبية الأسهم النسبية مقارنة بالسندات."
قد يتسارع هذا الاتجاه بسبب القلق بشأن الانكماش الاقتصادي، والذي عادة ما يحفز الاستثمار في السندات. يرى الاقتصاديون زيادة احتمالات حدوث ركود في الولايات المتحدة، حيث توقع أكثر من ربع من شملهم استطلاع الرأي أجرته "بلومبرغ" في أبريل انكماشًا، بزيادة من 20% في الشهر السابق.
يتوقع جان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في "غولدمان ساكس"، أن يعاني رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في خفض التضخم إلى النسبة المستهدفة 2% دون التسبب في ركود. وكتب هاتزيوس في مذكرة بتاريخ 17 أبريل: "يواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي طريقًا صعبًا نحو الهبوط الهادئ."
سيأتي الكثير من الزخم تجاه السندات من صناديق التقاعد. فمع تدفق السيولة بعد السوق الصاعدة في السنوات الأخيرة، يرجح أن تبحث المعاشات التقاعدية عن ملاذ لبعض مكاسبها. وسيُضخَّم الأجانب هذا الاتجاه، والذين تم طردهم من السوق حيث اشترى بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه تريليونات الدولارات من سندات الخزانة لدعم الاقتصاد في السنوات الأخيرة، وفقًا لشركة "لازارد أسيت مانجمنت" (Lazard Asset Management). سيكون المستثمرون في اليابان مهمين بشكل خاص، حيث لا تزال العائدات منخفضة وهناك خطر متزايد من فقدان الين قوته أمام الدولار. تقول إيفيت كليفان، مديرة محفظة "لازارد": "مع التقلبات في أسواق الأسهم، تحاول الكثير من صناديق معاشات التقاعد تحصين محافظهم ورفع المخاطر على الطاولة".