فضل صيام الست من شوال.. هل يجوز صيامها قبل قضاء ما فات من رمضان؟
يعد فضل صيام الست من شوال فضلا كبيرا فهو بمثابة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام شهر رمضان، ومواصلة الطاعة بالطاعة وتجميع للحسنات، ونيل ثواب صيام الدهر كله، كما جاء في الحديث النبوي الشريف " من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر"، ولذلك سنوضح لكم حكم صيام ست من شوال وفضله وحكم الإفطار فيهم.
فضل صيام الست من شوال
يتساءل الكثير من المسلمين عن فضل صيام الست من شوال، وكم يعادل صيام سته من شوال؟ والإجابة عن هذه التساؤلات ستحفز الكثيرون على الصيام ومواصلة طاعة رمضان بطاعة شوال، وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم: " صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة” رواه النسائي، وذلك هو الفضل الذي ينبغي أن يسعى المسلم في الحصول عليه.
ويندرج فضل صيام الست من شوال بشكل آخر في شكر العبد لربه على صيام شهر رمضان وإكمال خلل ونقص ما حدث في الفرائض لأن الفرائض تُكمل بالنوافل يوم القيامة، كما قال صل الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا، وَإِلَّا قِيلَ: انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ. فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذَلِكَ».
وفي صيام الست من شوال إصابة للسنة النبوية ووسيلة للتقرب من الله عز وجل، وهو نوع من أنواع صيام التطوع، أو النوافل، ومن فضل صيام الست من شوال تحديدا وصيام النوافل عموما دخول الجنة من باب الريان؛ وهو باب الصائمين، ففي صحيح البخاري قول رسول الله: مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِن أبْوَابِ الجَنَّةِ: يا عَبْدَ اللَّهِ هذا خَيْرٌ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلَاةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِن بَابِ الجِهَادِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ).
وفي حديث نبوي آخر "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة؛ فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعان"، وهو ما يؤكد أهمية فضل صيام الست من شوال، ونذكركم بقول ابن الجوزي رجمه الله "كل العافية في الذكر والطاعة، وكل البلاء في الغفلة والمخالطة، وكل الشفاء في الإنابة والتوبة" فما أجمل تجديد التوبة بنية صيام الست من شوال لنيل رضا رب رمضان ورب العام كله.
حكم صيام ست من شوال
أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم صيام ست من شوال والتي قال عنها الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء أنها تجارة مع الله عز وجل، وسنة مؤكدة عن النبي صل الله عليه وصلم وكان يرغب في تعليمها للامة الإسلامية لما في فضل صيام الست من شوال من حسنات وأجور عظيمة.
وأضاف أمين الفتوى بالدار قائلا: "وهذا كي لا ينقطع العبد عن عبادة الله عز وجل، حيث قال وسام: «النبي يعلمنا التجارة مع الله، وألا ننقطع عن الصوم والعبادة، فكان من الممكن أن يفرض علينا الصوم السنة كلها، لكن الله علم ضعفنا فبدل لنا الأمر بست أيام مضافة إلى شهر رمضان".
وتابع موضحا: "رمضان ثلاثون يومًا بالإضافة إلى ست من شوال فصاروا 36 يومًا والحسنة بعشرة أمثالها فصار المجموع 360 يومًا أي عدد أيام السنة" وفيما يتعلق بـ حكم الجمع بين صيام قضاء ما فات من رمضان لعذر وصيام الستة من شوال، فقد أوضح الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إمكانية الجمع بين النيتين والحصول على الأجرين، بينما والأكمل والأفضل أن يصوم كلا منهما على حدة.
حكم صيام ست من شوال قبل قضاء رمضان
يكثر البحث عن حكم صيام ست من شوال قبل قضاء رمضان، وهو ما اختلف فيه الفقهاء حيث أوضح مجمع البحوث الإسلامية هذا الحكم على حالتين، الأولى قضاء ما فات من رمضان ثم صيام الست من شوال لأن دين الله أحق بالقضاء، والفريضة أولى بالبدء والمسارعة من النافلة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول "ثم أتبعه ستًا من شوال" والذي عليه أيام من رمضان ما يصلح أن يكون متبعا للست ما لم يكمل صيام شهر رمضان سواء الرجل المريض أو المسافر أو المرأة الحائض والنفساء.
والحكم الثاني هو إمكانية صوم الست من شوال إذا ما ضاق الشهر، لأن الزمان صار مضيقا بالنسبة لصوم الستة من شوال بينما موسع لقضاء رمضان طوال العام لأن قضاء رمضان على التراخي، وقد أوضحت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية إن من أفطر في رمضان لعذر يستحب له قضاء ما فاته أولا، ثم يصوم ما شاء من النوافل ومنها صيام الست من شوال، ومن أفطر رمضان كله لعذر قضاه في شوال وأتبعه بصيام ستة أيام من ذي القعدة تحصيلًا لـ فضل صيام الست من شوال.
متى يبدأ صيام الست من شوال
لمن يتساءل متى يبدأ صيام الست من شوال؟ أوضحت دار الإفتاء المصرية أن صيامها يبدأ من ثاني أيام عيد الفطر المبارك، حيث يحرم الصوم أول يوم العيد، ويجوز أن يبدأ المسلم الصوم بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصوم الست من شوال متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له.
حكم الإفطار في صيام الست من شوال
اختلف الفقهاء في حكم الإفطار في صيام الست من شوال إذا ما نوى المسلم الصيام ثم أفطر دون عذر، وأجاز الرأي الأول أنه لا يلزم إتمام صيام النفل، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، واستدلوا بالحديث النبوي الشريف عن رسول الله صل الله عليه وسلم عن عائشة أم المؤمنين قالت: "دخل علي النبي صل الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذن صائم، ثم أتانا يوما آخر فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيس، فقال أرينيه فلقد أصبحت صائما، فأكل".
اختلاف العلماء في صيام ست من شوال
أما القول الثاني فقد أوجب إتمام النفل، ولمن أفسده بالفطر عليه القضاء وهو مذهب الحنفية، واستدلوا بالحديث النبوي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( أهدي لي ولحفصة طعام وكنا صائمتين فأفطرنا ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا له يا رسول الله إنا أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عليكما صوما مكانه يوما آخر ) رواه أبو داود 2457، والترمذي 735، وفي إسناده زميل، قال في التقريب: مجهول، وضعفه النووي في المجموع 6 / 396، وابن القيم في زاد المعاد 2 / 84، وضعفه الألباني.
ولذلك فالقول الأول هو الأرجح في حكم الإفطار في صيام الست من شوال لقوة أدلته، ويؤيده ما ثبت عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت: (يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة؟ فقال لها: أكنت تقضين شيئا، قالت لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعا)