الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

حرب المياه| سدود تركيا سلاح إسطنبول للضغط على العراق.. ما القصة؟

جفاف نهري دجلة والفرات
سياسة
جفاف نهري دجلة والفرات بالعراق
الإثنين 09/مايو/2022 - 01:41 ص

تصحر وعطش مائي وعواصف ترابية متتالية، أزمات عدة يعيشها العراق بسبب شح قاسٍ في المياه القادمة من نهري دجلة والفرات، اللذين يمثلان شريان الحياة في بلاد الرافدين، إثر بناء العديد من السدود التركية على مجرى النهرين، وندرة الأمطار، الأمر الذي أدى بوزارة الموارد المائية العراقية للإعلان بأنه من المتوقع أن يجف شريان الحياة في غضون عشرين عامًا إذا استمرت الخطوات التركية.

أزمات عدة يواجهها العراق جراء الأزمة المائية في ظل مواصلة أنقرة تقليل المياه الواصلة إلى جارتها وتخزينها في السدود المبنية حديثًا على مجرى نهري دجلة والفرات، خبراء عراقيون يفندون لـ القاهرة 24 تفاصيل أزمة السدود التركية المتحكمة في مياه بلادهم والمهددة لحياتهم.

العراق يواجه أزمة تصحر تهدد بقائه

المهندس ثائر يوسف خبير البيئة العراقي، قال إن أزمة المياه ليست حديثة، وأنها بدأت منذ أكثر من 25 عامًا، مبينًا أن النظام العراقي الذي كان يترأسه الرئيس الراحل صدام حسين، كان يمتلك العديد من الوثائق التي تضمن حقوق العراق المائية، وأنه بعد سقوطه فقدت بغداد تلك الوثائق، ما أدى إلى ضعف موقف المفاوض العراقي في الأزمة المائية.

وأضاف في تصريحات لـ القاهرة 24، أن تأثير أزمة المياه أصبح بدرجة قاتلة للعراقيين، ونسبة الرقعة الزراعية انخفضت بنسبة 60%، إذ أصبح مسموح بزراعة 40% من الأراضي للفلاحين بالحنطة والشعير.

تصحر العراق 

واستكمل الخبير البيئي العراقي، أن هناك الكثير من بحيرات الأسماك العذبة تم منع تجديدها، وإلزام المزارعين بالحصة المائية ومحاسبة المتجاوزين، بسبب التصحر الذي تواجهه البلاد، وقلة الأمطار.

وأوضح ثائر يوسف، أن العراق يتعرض سنويًا لأكثر 300 عاصفة ترابية وفقًا لتقارير من الأمم المتحدة بسبب شح المياه، ما أدى إلى زيادة الملوثات في البحيرات المائية العراقية، كما أن تجويل مياه الصرف الصحي إلى الأنهار تسبب في زيادة نسبة المسرطنات بالمياه، الأم الذي من شأنه أن يؤثر على الصحة العامة العراقية لكافة المواطنين.

سدود تركيا تهدد الأمن المائي في العراق 

حالات الجفاف والعواصف الترابية ودرجات الحرارة التي تتجاوز الخمسين درجة مئوية باتت مألوفة لدى العراقيين في شائعة بشكل متزايد في العراق، إذ ألقى الرئيس العراقي برهم صالح باللوم على تغير المناخ، قائلا إنه يشكل تهديدا وجوديا للبلاد.

ومؤخرًا احتج العراق، على بناء السدود في دول المنبع مما يعرض موارده المائية للخطر، إذ بات العراق بحسب منظمة الأمم المتحدة يصنف بين دول العالم الخمسة الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر، كما أوضح البنك الدولي أن العراق يحتاج  إلى استثمار 180 مليار دولار على مدى العقدين المقبلين في البنية التحتية وبناء السدود ومشاريع الري، للخروج من أزمته.

جفاف نهري دجلة والفرات في العراق 

كيف تحل الأزمة العراقي المائية؟

الدكتور رمضان حمزة، كبير خبراء السياسات والاستراتيجيات المائية بالعراق، يرى أن الأزمة المائية العراقية تتمثل في أن أغلب مصادر المياه ترد من خارج العراق بسبة 70% ما يجعل من سيادته على المياه مهددة وغير كاملة.

وأضاف في تصريحات لـ القاهرة 24، أن تحكُّم تركيا وإيران في المياه العراقية تسبّب تقليص وتدهور مساحات الأراضي الزراعية، ونمط المحاصيل ودخل الفرد وزيادة معدل البطالة.

وتابع حمزة، أن الأزمة المائية العراقية تتفاقم بشكل سريع بسبب الزيادة المفرطة في النمو السكاني في العراق، وقِدَم أساليب الزراعة كونها لا تزال تقليدية، مع إهمال التقنيات الحديثة والممارسات الزراعية المتطورة، مشددًا أنه بلاده باتت بحاجة عاجلة لمزيد من الاستكشاف لمعالجة الأزمة.

وأردف الخبير المائي العراقي، أنه في حال عدم اتخاذ إجراءات قانونية واللجوء إلى المحكمة الدولية ضد كل من تركيا وإيران، سيؤثر ذلك سلبًا على حياة المجتمع العراقي بتهجير السكان في بعض المناطق، وحصول منازعات بين الفلاحين قد تمتد الى صراع عشائري بين العراقيين.

أزمة التصحر في العراق

وأشار إلى أنه يجب التوصل مع الدول الثلاثة تركيا، لإيران وسوريا إلى حل استراتيجي لقضية تقاسم المياه الدولية المشتركة ضمن المعايير الصحيحة والاستفادة من القوانين الدولية الخاصة بتقاسم المياه الدولية المشتركة، ومنع تركيا وإيران من تحويل المياه إلى سلعة تجارية، واستخدام نهج دبلوماسية المياه مع أنقرة وطهران وإدخال الحلول للملف المائي في جميع الاتفاقيات التجارية والأمنية.

تركيا تتلاعب بمياد بلاد الرافدين 

العراق البلد النفطي، يعتمد في تأمين المياه أساسًا على نهري دجلة والفرات، وروافدهما التي تنبع من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوب العراق لتشكل شط العرب، إلا أنه يعاني منذ سنوات من ندرة مائية بسبب حجب طهران للمياه عن بلاد الرافدين، وبناء تركيا المتواصل للسدود على مجرى النهرين اللذين يمثلان شريان حياة العراقيين.

ففي عام 2018 انتهت أنقرة من بناء سد إليسو، على نهر دجلة وبدأت بملء خزانه المائي، الأمر الذي أثار غضبَا دوليًا حينها بسبب انخفاض مستوى المياه المتوجهة إلى العراق وسوريا وإيران.

كما أقامت تركيا 5 سدود عملاقة أخرى على نهر الفرات ضمن مشروع ما يعرف بـ الغاب انتهت من 3 منها ومازال العمل جارِ في سدين آخرين، الأمر الذي تسبب وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية في اختفاء بحيرة ساوة جنوب العراق وتحولها لأرض قاحلة، وباتت ضفافها مليئة بالمخلفات البلاستيكية مع هيكلين حديديين أكلهما الصدأ لجسرين عائمين كانا يعلوان سطح البحيرة.

أزمة تصحر العراق 

خطوات بغداد لإيقاف أنقرة 

في ذات السياق قال الدكتور رائد العزاوي، المحلل السياسي العراقي، إن تركيا بدأت في بناء العديد من السدود منذ 15 عامًا على نهري دجلة والفرات، دون الرجوع إلى العراق.

والعزاوي، تابع في تصريحات لـ القاهرة 24، أن بغداد تقدمت بعدد من المذكرات احتجاجًا على الخطوات التركية، كما تستعد لإعداد مذكرة لتقديمها إلى الأمم المتحدة، ومذكرة أخرى إلى للمجموعة الأوربية اعتراضًا على الخطوات التركية، موضحًا أن ما تتسبب به أنقرة من شأنه أن يهدد حياة الكثير من العراقيين خاصة وسط وجنوب العراق.

وعلى الصعيد الإقليمي، قال إبراهيم كابان، الباحث السياسي الكردي، إن السياسات التركية منذ الثمانينات تحاول التلاعب بملف المياه وبناء السدود حول الفرات ودجلة والحصول على حصص سوريا والعراق المائية رغمًا عن الاتفاقيات المبرمة بين الدول الثلاث.

كابان أضاف في تصريحات لـ القاهرة 24، أن أنقرة تصر دائمًا على الحديث أن نهري الفرات ودجلة يتبعان لها وأنها تمتلك الحق في التحكم بهما كونها تحتضن منابع النهرين، وفي العشر سنوات الأخيرة، تسعى حكومة أنقرة لتحويل الكميات الأكبر لتعبئة السدود الجديدة عبر استغلال الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها كل من العراق وسوريا.

وأوضح أن تركيا تستخدم المياه كورقة سياسية للضغط على سوريا والعراق، وهو ما يسبب أزمة كبيرة في العراق باعتباره أخر الدول التي تستقبل المياه من نهر الفرات، وأن ما تفعله تركيا سيتسبب في انحصار الزراعة وتدهور الحالة البيئية في العراق.

تابع مواقعنا