في ذكرى ميلاده ووفاته| موقف نادر من حياة قيثارة السماء.. بلطجي حاول صفعه فلقنه أهالي المدبح علقة ساخنة
تحل اليوم ذكرى ميلاد ووفاة القارئ الشيخ محمد رفعت قيثارة السماء وبلبل الجنة، الذي شاء الله أن يخلد اسمه ويرتبط به المصريون في شهر رمضان من كل عام، وأيضا في السابعة من صباح كل يوم تبركا بصوته الرخيم عبر أثير إذاعة القرآن الكريم.
الشيخ محمد رفعت.. صوت الشعب
صوت الشيخ رفعت كان له فعل السحر على أذان مستمعيه، منذ أن بدأ ارتقاء دقة التلاوة وعمره خمس عشرة عاما بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب، لعذوبته وإلمامه بعلوم القراءات والموسيقى، ورغم كثرة المقلدين له، إلا أن واحدا منهم لم يحظ بشغف وامتلاك قلوب مستمعيه، كما حظي الشيخ محمد رفعت.
أم كلثوم وعبد الوهاب والريحاني وليلى مراد عشقوا صوته
كوكب الشرق السيدة أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، والفنانة ليلى مراد ووالدها الموسيقار زكي مراد، والفنان الكبير نجيب الريحاني، وأمير الشعراء أحمد شوقي، والشاعر الكبير أحمد رامي ومعظم مشايخ الأزهر، كل هؤلاء جمعهم حب الشيخ الذي كانوا يهيمون عشقا بحلاوة صوته، فكانوا يأتون من كل حدب وصوب إلى الصالون الذي كان يقيمه قيثارة السماء في حارة البغالة خلف مسجد السيدة زينب -رضي الله عنها- ليستمعوا إلى لحن السماء وقيثارتها الخالدة.
بلطجي حاول الاعتداء على الشيخ محمد رفعت.. فلقنه الجمهور علقة «لم يأخذها حمار في مطلع»
مواقف الشيخ محمد رفعت التي تدل على شعبيته الكبيرة أكثر من أن تحصى، وفي هذا التقرير يستعرض القاهرة 24 موقفا نادرا من حياة الشيخ أثناء إحيائه إحدى المناسبات بحي المدبح.
مأساة قارئ من التلاوة إلى البلطجة
يقول الكاتب الكبير محمود السعدني في كتابه الماتع ألحان السماء، الذي تناول فيه أبرز الأصوات القرآنية في القرن العشرين، والذين لا يزال بعضهم على قيد الحياة: ويخشى العبد لله أن يكون قد نسي أحدا من نجوم دولة التلاوة، وإن كان من الضروري أن أتعرض لذكر الشيخ علي، وهو أحد القراء الذين ظهروا في بداية القرن، وكان من السهل عليه أن يحتل مكانا لائقا به تحت الشمس، ولكن حظه السيئ أصابه بمرض في صوته أجبره على التوقف.
يا مشبع صل على النبي كدة واشرع.. أبرز عبارات المطيباتية لتشجيع القراء
ويضيف الكاتب الساخر: ولما كان الشيخ علي يتمتع بتكوين جسماني يشبه تكوين الملاكم، قامة فارغة وصدر عريض وعضلات مفتولة، فقد اكتفى بحضور حفلات المآتم والمناسبات التي يحييها كبار القراء، وكان محله المختار على مقعد بجوار دكة القارئ، وكان يقوم خلال السهرة بدور المطيباتي للشيخ الصييت، ويقضي السهرة يكرر بعض العبارات استحسانا لصوت القارئ وتشجيعا له، وهي عبارات محفوظة وقديمة ومكررة، مثل: يا مشبع.. صل على النبي كدة واشرع، وصل على حضرة النبي، وهي مهمة لا يزال يمارسها حتى الآن مئات من غير الموهوبين، ويحصلون آخر السهرة على ما يجود به القراء، ولكن عمنا الشيخ علي لم يكن من النوع الذي يرضى بالجودة التي هي من الموجود، لكنه كان يصر على مشاركة القارئ في الأجر الذي حصل عليه.
ويكمل السعدني: ولأنه كان شديد القوة وشديد البأس فقد خضع له أغلب القراء، ولكن لسوء حظ الشيخ علي الذي لازمه منذ البداية أوقعه في شر أعماله، فقد تحرش بأكبر رأس في دولة التلاوة وهو الشيخ محمد رفعت، وكان سوء حظه مضاعفا لأن السرادق الذي شهد الحادث كان مقاما في حي المدبح.
ويختتم الكاتب محمود السعدني: وفي تلك الليلة رفع الشيخ علي يده وهوى بها على وجه الشيخ رفعت، ولكن كفه لم تصل إلى وجه الشيخ، لأن الشيخ علي نفسه كان قد سقط على الأرض، وأتحفه عشاق الشيخ رفعت بعلقة لم يأكل مثلها حمار في مطلع، وكانت هذه آخر مرة يشاهد فيها “الشيخ علي” على قيد الحياة.