ذاكرة الأمثال.. شال المية بالغربال
من الخطأ اعتبار الأمثال كلامًا يُقال من أجل التسلية أو التسامر، لأن الأمثال تحمل هوية الأمم وتاريخها، ونسطيع أن نقول إن الأمثال تؤرخ لحضارات الأمم، فكلما كانت الأمثال قديمة؛ يكون ذلك دليلا على قدم تاريخ الأمة التي توارثت هذه الأمثال.
ولا شك أن الأمثال أيضًا؛ تمدنا بالخبرات الحياتية، وتجعلنا نتبع ما سار عليه السابقون من صواب، وتجعلنا نتفادى ما وقعوا فيه من أخطاء، ونأخذ منها الدروس والعبر، ومن الأمثال القديمة قولهم: شال الميه بالغربال أي: رفع الماء بالغربال.
ومن المعروف أنه يستحيل بقاء الماء في الغربال لما فيه من العيون، ولكن المثل كما يوضح أحمد تيمور باشا في كتابه الأمثال العامية؛ يُضرَب كناية عن عمل المستحيل بحسن الحيلة والبراعة.
وفي معنى المثل قولهم: فحت البير بإبرة، وكلا المثلين من المبالغة، وقد قال الشاعر في هذا المعنى:
أنعم الله لي بذا الوجه عينا
وبه مرحبا وأهلا وسهلا
حين قالت: لا تذكرن حديثي يا بن
عمي أقسمت؟ قلت: أجل، لا
لا أخون الصديق في السر
حتى ينقل البحر بالغرابيل نقلا
الشركة مع الأجاويد
ومن الأمثال أيضا قولهم: الشركة مع الأجاويد ولا عدمها، أي: لا تشارك إلا الجواد، الكريم الحسن الطباع، وإلا فعدم الشركة أولى ويرويه بعضهم: الشرك في الأجاويد ولا عدمهم.
ومن الأمثال أيضا قولهم: شريك سنه ما تحاسبه، وقال: ولا شريك العمر كله، وذلك لأن المحاسبة تولد الخلاف بين الشركاء غالبا.