بالتمثيل الغذائي.. طرق علاج مبتكرة تساعد أصحاب الأمراض المزمنة والسرطان على الشفاء | خاص
شعرت السيدة السبعينية أميرة أحمد فتحي باقتراب لحظاتها الأخيرة، بعد أن أجمع الأطباء على ضرورة إجراء عملية جراحية لإزالة الكلية الوحيدة في جسدها بعد تعرضها للإصابة بالسرطان.
ولدت أميرة فتحي بغياب خلقي للكلية اليمين وبعد تجاوز السبعين من عمرها أصيبت هذه الكلية بمرض السرطان، صدمة وقلق سيطرا عليها بمجرد أن تأكدت من الخبر، ذهبت لعدة أطباء جراحة وباطنة لكن النتيجة كانت واحدة، إزالة الكلية للتخلص من الورم هي السبيل الوحيد للحياة.
تقول أميرة فتحي، 74 عاما، إنها عاشت أوقات صعبة تفكر في كيفية الحياة بدون كلية والحاجة الشبة يومية إلى إجراء عمليات غسيل كلوي في عمرها، معقبة: مكانش فيه حل غير إني أعمل العملية الجراحية بتوصية من أشهر أطباء الجراحة والباطنة في مصر، ومكنتش متخيلة إني أخرج سليمة من العملية.
في سبتمبر من عام 2021 كانت أول زيارة لها إلى مؤسسة مصر للبحث والتنمية المجتمعية، لتتلقى العلاج وهو نظام غذائي مفصل على حسب احتياجات الجسم، بالإضافة إلى جلسات تسخين موضعي بالأشعة تحت الحمراء وعلاج صوتي ديناميكي.
وبعد أشهر من العلاج، أثبت تقرير المسح الذري بتاريخ يناير 2022 عدم وجود أي انتشار للورم في أماكن أخرى، بالإضافة لانخفاض نشاط الورم الأولي بنسبة 35%، ولا زالت السيدة أميرة فتحي تتلقى العلاج حتى الآن بانتظام دقيق، قائلة: دلوقتي بمارس حياتي طبيعي لدرجة إني بنسى أحيانا إني مريضة سرطان.
أميرة وغيرها من مرضى السرطان والسكر وضمور المخ وغيرها تجاوزت مراحل الخطر عبر العلاج بالتمثيل الغذائي في مؤسسة مصر للتنمية، وسط محاولات الأخيرة للتوسع عبر التعاون مع الجهات المسؤولة خاصة وزراتي الصحة والبحث العلمي، بينما لا يزال هناك آلاف المرضى يبحثون عن فرصة للعلاج.
ولا يوجد إحصاء رسمي دقيق عن عدد مرضى السرطان في مصر تحديدًا، إلا أنه في عام 2019 أعلنت وزارة الصحة عن أن نسبة الإصابة بمرض السرطان في مصر تصل إلى 166.6 شخصًا في كلّ 100 ألف نسمة، متوقعة أن تزيد بنسبة 40% خلال السنوات المقبلة، بينما تقع مصر ضمن 10 دول على مستوى العالم إصابة بمرض السكر، وترتيبها الثامن عالميا بنحو 9 مليون مصاب 90% منهم من النوع الثاني حسب اتحاد السكر الفيدرالي العالمي واللجنة القومية لمكافحة الأمراض المزمنة المصرية.
والعلاج بالتمثيل الغذائي هو دراسة كيمياء خلايا الجسم وما الموجود في الجسم الذي تسبب في هذا المرض ثم العمل على علاج أصل المشكلة وليست أعراضها مثل مريض السكر الذي ننظر في كيمياء خلايا البنكرياس نفسه، ثم اتباع عادات ونظام غذائي معين مع علاج سبب المرض، حسب ما ذكر الدكتور أحمد السقا المتخصص في الكيمياء الحيوية التطبيقية والأحياء الجزيئية لخلايا الأورام في جامعة بوسطن الأمريكية.
محاسن محمد علي
كان شهر مايو من عام 2021 فارقا بالنسبة للسيدة محاسن محمد علي، التي تُعاني من ارتفاع ضغط الدم ومرض السكر وضعف عضلة القلب، في هذا الشهر شُخصت بالإصابة بورم خبيث في الثدي في مايو 2021 في المرحلة الثانية منه لتزيد معاناتها مع المرض.
محاسن محمد، البالغة من العمر 80 عاما، لم تكن أمام خيارات إلا إجراء عملية جراحية لإزالة الثدي للتخلص من الورم لكنها حالتها الصحية لم تكن تسمح بذلك، قائلة: "فجأة لقيت ظهر ورم في صدري الشمال، عملت الأشعة والتحاليل وأظهرت إصابتي بالمرض، واتعرضت على أساتذة في الأورام أكدوا ضرورة إزالة الورم رغم أن اكتشافه كان في وقت مبكر لكن عضلة قلب لا تتحمل".
مرت محاسن التي تعيش في مصر الجديدة بالقاهرة بحالة نفسية سيئة، بعد أن قرر الأطباء الجراحين عرضها على طبيب تخدير لدراسة مدى قدرتها على تحمل إجراء العملية التي قد تستغرق أكثر من ساعتين ونصف، لكن في أثناء ذلك دلتها إحدى صديقاتها إلى طبيبة وبدورها دلتها على مؤسسة مصر للبحث والتنمية المجتمعية، معقبة: "جيت وقابلت الدكتور أحمد السقا وشرح لي طريقة العلاج واقتنعت".
اتبعت محاسن نظام غذائي مفصل على حسب احتياجات جسمها، بالإضافة إلى جلسات تسخين موضعي بالأشعة تحت الحمراء وعلاج ضوئي وصوتي ديناميكي، موضحة: خدت علاج إشعاع تداخلي وبعد 6 أشهر عملت المسح الذري والأشعة المقطعية اختفى الورم مبقاش له أثر والدكتور اللي بيعملي الأشعة مكانش مصدق، وباقي حاجات بسيطة ملهاش أثر.
دراسة تكشف العلاج بالتمثيل الغذائي للسرطان
دراسة بحثية لـ 7 باحثين من دول أمريكا وتركيا والمجر وسويسرا، نُشرت في عام 2020 في مجلة النشر العالمية "frontiersin" المتخصصة في العلوم والتكنولوجيا والطب، أثبتت أنه يمكن من خلال العلاج الأيضي الكيتوني" أحد أنواع العلاج بالتمثيل الغذائي للسرطان"، استهداف الخلايا السرطانية دون التسبب في تلف الخلايا الطبيعية، ويمكن أيضا من خلال استخدامه تحسين البقاء على قيد الحياة لمرضى سرطان الثدي، وهي طريقة العلاج التي تم اتباعها بالنسبة للسيدة محاسن.
وذكرت الدراسة ضرورة الأخذ في الاعتبار أن كل حالة يكون لها تصميم نظام علاجي خاص مختلف عن باقي الحالات، وذلك استرشاديا بمجموعة فحوصات طبية تعكس التغير الكيميائي لخلايا السرطان عن باقي الجسم وكيفية استهدافها.
أحمد بكري خيري.. أول نفس بعد 30 دقيقة
هذه الطريقة العلاجية التي تدُعى "العلاج الأيضي" الغير منتشرة في مصر حتى الآن على نطاق واسع يُمكن اتباعها لعلاج أمراض أخرى بخلاف السرطان، فالحالة الصحية للطفل أحمد بكري خيري، الذي لم يتجاوز عمره عام ونصف، تحسنت بعد خضوعه لهذا العلاج.
كان أول نفس للطفل أحمد بعد 30 دقيقة من ولادته ما تسبب له في شلل دماغي كان نتيجته أزمة في الحركة والسمع والبصر والإدراك، لكن المشكلة الأكبر حسب ما قالت والدته هي عدم قدرته على البلع أو تناول الطعام ليتغذى عبر أنبوب للمعدة.
تضيف والدة الطفل أنها اتبعت طريقة علاج تقليدية من علاج طبيعي وأدوية وفيتامينات ومنشطات لكن النتيجة لم تكن مرضية وضعيفة والحالة تحتاج إلى تدخل أكبر، موضحة أنها وصلت إلى مؤسسة مصر للبحث والتنمية المجتمعية لتبدأ طريقة علاج بالأوزون، قائلة: طلبوا مني أشعة وتحاليل كاملة وكانت النتائج مرضية بعد شهرين من الجلسات.
خضع لطفل أحمد لـ 3 جلسات أسبوعية على مدار شهرين كانت نتائجها حسب والدته مرضية، ليبدأ لأول مرة منذ ولادته في تناول الطعام والبلع وكذلك تحسن في الحركة والبصر والإدراك، مشيرة إلى أنها مستمرة في العلاج حتى تتحسن حالته الصحية بالكامل.
دراسة تؤكد نتائج إيجابية لعلاج التمثيل الغذائي على مرضى السكر
وحسب دراسة ثانية نشرها 7 باحثون في مجلة national library of medicine فإن هناك تحسينات في التمثيل الغذائي للجلوكوز وحساسية الأنسولين مع اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات في مرضى السمنة المصابين بداء السكري من النوع الثاني.
وفحصت هذه الدراسة نظامًا غذائيًا منخفض الكربوهيدرات وعالي الدهون مع تقييمات فسيولوجية مفصلة لحساسية الأنسولين والتحكم في نسبة السكر في الدم وعوامل الخطر لأمراض القلب والأوعية الدموية، بالتطبيق على 14 مريضا يعانون من السمنة المفرطة مصابين بداء السكري من النوع الثاني.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن 12 شخصا فقدوا وزن يصل إلى 7 كيلوجرامات خلال 24 أسبوع بسبب انخفاض كبير في الكربوهيدرات، ونتيجة لذلك انخفاض في إجمالي مدخول الطاقة، وكذلك تحسن التحكم في نسبة السكر في الدم بشكل ملحوظ مع انخفاض الأدوية الخافضة لسكر الدم.
عشرات الحالات التي كانت نتائج علاجها عن طريق التمثيل الغذائي إيجابية، منها ولاء الصولي، 41 عاما، التي مرت بعدة أزمات بسبب إصابتها بالسرطان مرتين، الأولى سرطان الثدي في عام 2016 والمرة الثانية سرطان القولون عام 2019.
ولاء الصولي.. أصيبت مرتين بالسرطان ونجت بالتمثيل الغذائي
تقول ولاء الصولي، من القاهرة، إنها شُخصت بمرض سرطان الثدي عام 2016 بعد اكتشاف كتلة في الثدي الأيسر وتم استئصالها، ثم خضعت لعملية استئصال للزائدة الدودية بتاريخ ديسمبر 2019 وأثبت نتيجة العينة وجود سرطان الزائدة الدودية فأجرت عملية استئصال جزئي للقولون.
وأوضحت أن بعض أطباء الأورام رشحوا لها طريقة العلاج بالتمثيل الغذائي في مؤسسة مصر للبحث والتنمية لتكون أول زيارة لها في أبريل من عام 2020.
وخضعت ولاء إلى بروتوكول علاج في مؤسسة مصر للبحث والتنمية، وهو نظام غذائي مفصل على حسب احتياجات الجسم، بالإضافة إلى جلسات تسخين موضعي بالأشعة تحت الحمراء وعلاج ضوئي وصوتي ديناميكي.
وبعد اتباع بروتوكول العلاج بالمؤسسة أثبت تقرير المسح الذري بتاريخ ديسمبر 2021 عدم وجود أورام سرطانية ومجرد التهابات في الثدي، حسب ما أكدت ولاء الصولي.
هذه النتائج الإيجابية أيضا كانت في حالة الأسواني زكريا عبد الحميد علي، 68 عاما، الذي أصيب بورد في البنكرياس وخضع لعملية استئصال للبنكرياس والاثنى عشر ثم جلسات كيماوي، خاصة وأن متوسط استجابة هذا النوع من السرطان للعلاج تكاد تكون منعدمة.
لجأ زكريا إلى مؤسسة البحث والتنمية لمحاولة رفع فرص استجابة العلاج ليتبع بعض المكملات الغذائية بناء على احتياجات الجسم، بالإضافة إلى جلسات تسخين بالأشعة الحمراء وعلاج صوتي وديناميكي.
وأثبتت تقرير الصورة الطبقية بتاريخ ديسمبر 2021، استقرار تام للحالة مع انخفاض نشاط الورم ودلائل الأورام بمعدل ملحوظ.
طريقة العلاج بالتمثيل الغذائي
الدكتور أحمد السقا المتخصص في الكيمياء الحيوية التطبيقية والأحياء الجزيئية لخلايا الأورام في جامعة بوسطن الأمريكية وطبيب مؤسسة مصر للبحث والتنمية المجتمعية، شرح طريقة علاج التمثيل الغذائي، موضحا أن هذا العلم قديم وموجود منذ مئات السنين لكن دخول استخدام الكيمياء الحيوية في علاج الحالات السريرية جديد بعض الشيء.
وأضاف أن العلاج بالتمثيل الغذائي هو دراسة كيمياء خلايا الجسم وما الموجود في الجسم الذي تسبب في هذا المرض ثم العمل على علاج أصل المشكلة وليست أعراضها مثل مريض السكر الذي ننظر في كيمياء خلايا البنكرياس نفسه، ثم اتباع عادات ونظام غذائي معين مع علاج سبب المرض.
وأشار إلى أن مرضى الزهايمر والخرف والأمراض العصبية لدى الأطفال عند النمو والذين يولدون بنقص الأكسجين على المخ والسرطان وغيرها لهم كيمياء معينة في خلايا الجسم تساعد أن يكون المرض أعلى في قوته أو العلاجات ليست لها نتيجة، موضحا أن تداخل الكيمياء الحيوية مع الطب العادي ليس طبا بديلا ولكنه تكميلي، مردفا: "العلاج ليس علاجا بالأعشاب لكن علاج أصل المشكلة عن طريق نظام غذائي أو أدوية معينة أو مكملات غذائية معينة".
ويتخصص السقا في كيمياء خلايا الأورام لذلك تتركز جهود المؤسسة في علاج مرضى السرطان، حيث أوضح أن تطور العلاج الكيمياوي والإشعاعي والهرموني والمناعي للسرطان يشهد قفزات عديدة لكن رغم كل تلك العلاجات لا زالت النتائج غير مجدية بالمرة رغم الأموال التي تنفق على الأبحاث والتجارب.
ولخص السقا طريقة العلاج بالتمثيل الغذائي، قائلا: نشتغل على 3 محاور، نرى كيمياء خلايا الورم نفسه ثم كيمياء البيئة المحيطة بالورم ثم كيمياء الجسم نفسه، وبعدها نبد علاج تكميلي مع الكيماوي والإشعاعي أو قبله لحل مقاومة العلاج الكيماوي والإشعاعي، موضحا أن العلاج بالإشعاع يعتمد على رفع الجهد التأكسدي لخلايا الأورام ما يتسبب في موت الخلايا بالأكسدة، وأحيانا في خلايا الأورام تحدث سلسلة تفاعلات كيميائية لإنتاج مواد مضادة للأكسدة بشكل غير مسبوق لمسح تأثيرات ومفعول الإشعاع.
تراخيص استخدام هذه التكنيك في العلاج
حسب السقا فهناك نوعين من التراخيص لاستخدام هذا التكنيك في العلاج، الأول ترخيص استخدام التكنولوجيا والتكنيك نفسه وهو مرخص، أي استخدام الموجات الصوتية ذات التردد المنخفض واستخدام الليزر منخفض الطاقة مرخص به طبيا في أكثر من استخدام، والثاني هو إدراج هذا العلاج في قائمة الإرشادات التي تصدرها وزارة الصحة والسكان الخاصة بكل مرض وهو غير متوفر.
وأوضح أن المؤسسة تقوم بإعادة توجيه الأغراض بالنسبة لاستخدام هذه التكنولوجيا بمعنى أن الجهاز مستخدم في غرض معين لكن نحن نستخدمه في غرض أو مرض آخر، موضحا أن العالم يعمل على استخدام هذا الجهاز لكن في مصر لم يحدث ذلك.
وأضاف أن المؤسسة تقوم بعلاج حالات منفردة بالتعاون مع أطباء الحالات نفسها سواء أورام أو أطفال أو سكر وغيرهم، مشيرا إلى أن المؤسسة تُعرف الطبيب المعالج على التكنولوجيا الجديدة وتُطلعه على كافة الأوراق البحثية التي تؤكد ثبوت هذه النظرية علميا وأنه هذا التكنكيك مثبت في أكثر من دولة بالعالم، وعندما يوافق الطبيب يتم استخدام هذا التكنيك تحت إشراف الطبيب المعالج والمؤسسة.
وأشار إلى أن نتائج علاج الحالات يتم إدراجها في الأبحاث التي تجريها المؤسسة ويتم مناقشتها في مؤتمرات دولية، وبعد ذلك يتم عرض هذه النتائج على لجان وزارة الصحة واللجان المختصة الأخرى للحصول على موافقة لاستخدام هذا التكنيك في علاج جميع الحالات، وهو ما يستغرق وقت كبير.
شريفة أبو الفتوح: هدفنا العلم
الدكتورة شريفة أبو الفتوح استشارية تغذية شاملة ورئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر للبحث والتنمية المجتمعية، أكدت أن المؤسسة غير هادفة الربح غرضها البحث العلمي المتقدم لمساعدة المجتمع، وهي مختلفة عن المؤسسات الأخرى التي تقدم مساعدات عينية لكن مؤسسة مصر للبحث غرضها العلم.
وأوضحت لـ القاهرة 24 أن المؤسسة قررت عمل أبحاث لخدمة البلد وللقدرة على إيجاد حلول للأمراض المستعصية بالاستعانة بكبار أساتذة الطب في مصر والعالم، مشيرة إلى وجود استحسان على نتائج الأبحاث ودعم في مؤتمرات دولية التي شاركت فيها المؤسسة، بالإضافة إلى أن المؤسسة تُنتج مكملات غذائية يتم الاستعانة بها في الأبحاث العلمية ولها دورا كبيرا في علاج الأمراض المستعصية.
وتعمل المؤسسة حسب الدكتورة شريفة أيضا على التنمية المجتمعية عبر التوعية الغذائية لكافة فئات الشعب خاصة الأطفال في المدارس الذين يعانون من الأنيميا والتقزم وأمراض فقر الدم وكذلك في القرى الأكثر احتياجا للمدرسين والأمهات والأطفال، مشددة على أن كل ذلك يحتاج إلى دعم للتقدم والمساعدة على علاج مرضى أكثر.
