تفاصيل مؤتمر مدبولي لإعلان خطة مصر للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية | أرقام
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم بمقر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، مؤتمرا صحفيا عالميا لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، تنفيذًا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
وعرض الدكتور مصطفى مدبولي، خلال المؤتمر، عددا من المحاور تضمنت الوضع الاقتصادي الحالي على مستوى العالم، مشيرا في هذا الإطار إلى النقاشات التي تدور في بعض الأحيان والتي تعتبر أن الأوضاع الحالية في مصر هي بمثابة أزمة محلية، وليست نتاج مشكلة عالمية، وهو أمر ليس صحيحا، كما تضمنت المحاور تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصري، وكذلك الإجراءات التي تتخذها الدولة حاليا للتعامل معها والخطوات التي ستتخذها خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن هذه المحاور تعد نقاط شديدة الأهمية وكان لابد من إعلانها؛ لكي يعي العالم والمواطنون المصريون كيفية تحرك الدولة المصرية حيال تلك الأزمة.
أسوء أزمة منذ عشرينيات القرن الماضي
وقال رئيس الوزراء إن هذه المحاور تشمل خطوات الدولة لتعزيز نشاط القطاع الخاص والعمل على زيادة توطين الصناعات المصرية، وكذا الإعلان عن خطة واضحة لخفض الدين العام وعجز الموازنة، وإجراءات تنشيط البورصة المصرية، وكيفية المضي قدما في إجراءات الحماية الاجتماعية، وتوفير السلع الأساسية للمواطنين.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي للرد على تساؤل بشأن ما يحدث في العالم الآن، لابد أن ندرك أننا نتحدث عن أسوأ أزمة يمر بها العالم بأسره منذ عشرينيات القرن الماضي، أي منذ ما يقرب من 100 عام، وكل العالم يصفها بذلك، مشيرا إلى أن البعض ذهب إلى القول بأنها لم تحدث منذ الجفاف الذي أصاب العالم، والبعض الآخر يرى أنها لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وهي فترة ليست بالقصيرة، ولم يشهد العالم مثيلها منذ ذلك الوقت، وقدرت خسائر الأزمة الراهنة على مستوى العالم كله بما يقرب من 12 تريليون دولار في الناتج الإجمالي العالمي.
وفي ضوء توضيح الصورة حول الأزمة العالمية، أشار رئيس الوزراء إلى أن جميع المؤشرات بدأت تخفض توقعات النمو الاقتصادي على مستوى العالم، بعد أن سرى التفاؤل بين الأوساط الاقتصادية بعد انتهاء أزمة كورونا، وبدأت التوقعات بتخفيض معدلات النمو مرة ثانية، حيث أصبح المعدل المتوقع 3.6% للنمو العالمي، بعد أن كان 4.4%، بل إن هناك مؤسسات مالية ترى أن نسبة 3.6% ربما يكون صورة براقة للوضع الاقتصادي في ظل الأزمة الراهنة وقد يتراجع المعدل عنه أيضا خلال الفترة المقبلة.
وأضاف رئيس الوزراء أن حجم الدين العام على مستوى العالم شهد تفاقما واضحا بسبب الأزمة الراهنة، مشيرا إلى أن النقاشات التي دارت في مصر حول الأزمة تناولت أيضا هذا الأمر وتساءلت عن حجم زيادة الدين العام المصري، وهو ما يدعوني إلى توضيح أن الدين العام على مستوى العالم زاد بنسبة 351%، حتى وصل حجم المديونية على الحكومات على مستوى العالم إلى 303 تريليونات دولار، كما أصبحت دول في حالة مديونية حرجة بالفعل، مشيرا إلى التقارير التي ذكرت أن 60% من بلدان العالم الأشد فقرا أصبحت في حالة مديونية حرجة، كما أعلنت بعض الدول عدم قدرتها على سداد التزاماتها، فضلا عن أن 80% قيمة ما تمثله مديونية الأسواق الناشئة، وأصبحت تمثل قيمة كبيرة من حجم الدين العالمي.
حجم التضخم العالمي وصل إلى 9%
وفيما يتعلق بمعدل التضخم غير المسبوق الذي نشهده حاليا على مستوى العالم في الأسعار، أوضح رئيس الوزراء أن حجم التضخم العالمي وصل الآن إلى 9%، وهناك دول متقدمة تتمتع باقتصاد مستقر لم يكن التضخم بها يبلغ 1% أو 2%، لكن الآن نرى معدل التضخم يصل بها إلى 9%، مستعرضا خريطة توضح نسب التضخم في مختلف دول العالم، والتي توضح أن مصر في الفئة الواقعة ما بين 6 إلى 10 %، كما أن هناك دولا تجاوزت نسبة التضخم بها 25%، بل وصل إلى 50% و60% في دول أخرى.
وقال رئيس الوزراء: كل تلك المؤشرات نتج عنها ضغوط هائلة على مستوى الدول المتقدمة والنامية، وعلى النامية بصورة أكبر بالطبع، مستعرضا في هذا الإطار مقارنة لتوضيح تلك الضغوط تتمثل في مقارنة بين أسعار عدد من السلع الأساسية في مايو 2021 ومايو 2022، مركزا على القمح والبترول في هذه المقارنة؛ ففي مايو 2021 كان سعر القمح 270 دولارا للطن، ووصل في مايو 2022 إلى 435 دولارا، وبالنسبة لدولة مثل مصر تستورد ما يقرب من 10 ملايين طن، فبدلا من أن مصر كانت تدفع مقابل هذه الكمية المستوردة 2.7 مليار دولار أصبحت تدفع 4.4 مليار دولار لنفس الكمية، أما بالنسبة للبترول الذي تستورد مصر منه 100 مليون برميل فكان سعر البرميل في مايو 2021 يبلغ 67 دولارا، وكانت مصر تدفع مقابل ذلك 6.7 مليار دولار، وفي مايو 2022 أصبح سعر البرميل 112 دولارا، وبالتالي أصبحت مصر تدفع 11.2 مليار دولار لنفس الكمية.
أعباء مالية ضخمة نتيجة تداعيات الحرب
وأكد رئيس الوزراء أن هذه الأزمة كان لها بلا شك تداعيات كبيرة، يجب أن يشعر بها المصريون جميعًا، حيث كنا نستورد 42% من احتياجاتنا من الحبوب من دولتي، روسيا وأوكرانيا، وكان 31% من عدد السياح الوافدين إلى مصر من هذين البلدين، وكل ذلك سيكون له تداعياته الكبيرة التي كان ينبغي أن تتسبب في اضطراب شديد لنا، كحكومة ودولة، في التعامل مع هذه التداعيات، ولكننا تحركنا على الفور وبدأنا في توفير أسواق بديلة للقمح، وكذلك أسواق بديلة للسياحة، ولم نستسلم لتلك التداعيات التي فرضتها الأزمة، وسعينا خلال أسابيع لأن نعوض هذه التداعيات التي حدثت.
وشدد "مدبولي" على ضرورة أن ندرك كمصريين أن تداعيات الحرب فرضت علينا أعباء مالية ضخمة جدًا، حيث أصبح هناك 130 مليار جنيه، تم رصدها كتأثير مباشر، نتيجة لزيادة أسعار السلع الاستراتيجية، مثل القمح والبترول، وكذا أسعار الفائدة التي زادت، وذلك إلى جانب 335 مليارا أخرى كتأثيرات غير مباشرة، وقد أخذنا إجراءات حماية اجتماعية حيث تم تبكير موعد صرف زيادات المرتبات والمعاشات، وإجراءات أخرى كانت ستبدأ من أول يوليو، بدأت أول أبريل، وهي اجراءات تتحملها الدولة، وذلك من أجل تخفيف وطأة هذه الأزمة على المواطن المصري.
وأضاف رئيس الوزراء أنه كان لدينا بالطبع تحديات كبيرة جدًا، حيث حدث نتيجة هذه الأزمة خروج لرؤوس الأموال الساخنة، واستثمارات كانت موجودة، ولكن الحمد لله نتيجة لجهد الدولة والقيادة السياسية، تحركنا لتعويض خروج هذه الأموال، موجهًا الشكر والتقدير في هذا الصدد إلى الأشقاء في الدول الخليجية التي وقفت بجانب مصر خلال الشهرين الماضيين، وضخت أرقاما معينة، بما مكننا من الحفاظ على الاستقرار النقدي للعملة الأجنبية في مصر.
وأضاف "مدبولي" أنه بالنظر الى الأرقام، فقد كانت قوة العمل في عام 2000 نحو 19 مليونا، وفي 2021 أصبحت 30 مليونا، فكل عام يدخل سوق العمل لدينا مليون شاب، يريد ان يعمل ولديه امل في الحياة ان يكون لديه فرصة عمل وتكوين أسرة، لافتا الى ان توقعاتنا لمصر حتى مع كل محاولاتنا واجتهادنا لضبط الزيادة السكانية، فإننا نأمل أن يكون عدد سكان مصر أقل من 120 مليونًا في 2030، وهذا الرقم يمثل عدد سكان 15 دولة أوروبية متقدمة ليس لدينا موازناتها وإمكاناتها، ويعادل عدد سكان 14 دولة عربية.
القطاع الخاص ينمو بصورة أكبر
ولفت إلى أن القطاع الخاص المصري كان وما زال له دوره الواضح، مستعرضا إجمالي الاستثمارات التي كانت تضخ في شرايين الدولة، والمقسمة بين القطاعين الخاص والحكومي، والتي تشير الى أنه حتى عام 2015/2016 كان القطاع الخاص صاحب النسبة الغالبة في تلك الاستثمارات، وقبل عام 2010 كانت الدولة المصرية تمنح الفرصة بالكامل لهذا القطاع ليعمل أكثر، وكان دورها اقل قليلًا، وعندما قمنا بالإصلاح الاقتصادي في 2015/2016 كان له نتيجة، لذلك ففي العام التالي لهذا التاريخ قل نصيب القطاع الخاص قليلًا، وزاد نصيب الدولة، وخلال العامين التاليين عاد القطاع الخاص ينمو بالصورة الأكبر، ثم جاءت أزمة كورونا، وكانت شديدة القوة، ونتيجة لتلك الظروف، قلت استثمارات القطاع الخاص، فنحن في دولة تنمو وليست ثابتة، وتحتاج كل عام مليون فرصة عمل جديدة، ولو كانت الدولة لم تضخ استثمارات عامة، ولم تدخل بنفسها لتنفيذ مشروعات، كان سيكون البديل أننا لن نكون قادرين على خلق فرص العمل التي نحتاجها.
وتطرق رئيس الوزراء إلى وضع الاقتصاد المصري في عام 2013، موضحًا أن معدل البطالة كان قد وصل الى 13.2%، كما انخفض معدل النمو الاقتصادي حينها إلى 2.2%، وانخفض صافي الاحتياطيات إلى 13.6% وكان عجز الموازنة في هذا التوقيت نحو 13%، وتراجع تصنيف مصر في المؤسسات الدولية 6 مرات في خلال عامين، مشيرًا إلى أن مصر ومن أجل تعويض هذا الوضع بعد ثورة 30 يونيو 2013 وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كان لزامًا أن تضع الدولة خطة لكي تصحح هذا المسار، ومن هنا بدأنا برنامج الإصلاح الاقتصادي، ولكن كان الأهم لتعويض أحجام القطاع الخاص خلال الظروف الاستثنائية التي مرت بها مصر، وبعد ذلك الأزمات العالمية، فكان يجب على الدولة أن تتبنى فكرا لتحقيق تنمية حقيقية، وأن تضخ استثمارات حكومية وتنفذ مشروعات قومية، وتطلق برنامج الإصلاح الاقتصادي، موضحًا أن نصف الاستثمارات الحكومية خلال الفترة من 2014/2015 حتى 2020/2021 توجهت لمجالات البنية التحتية، والنقل، والتعليم، والصحة.
وأضاف مدبولي أن كل ما تحقق، ساعدنا بفضل الله، كمصر في التصدي لهذه الأزمات، حيث نفذنا مع الإصلاح الاقتصادي مرحلة الإصلاحات الهيكلية، التي أطلقناها منذ عام بالضبط، وبدأنا العمل عليها لكي نلبي المتطلبات خلال الفترة القادمة، وهو ما مكننا من إحداث طفرات كبيرة في العديد من المجالات، ولكن كان نتاج هذه الفترة أننا تمكننا من خفض معدل البطالة من نحو 13% إلى 7.4% كما ان معدل النمو الاقتصادي كان سيحقق لولا أزمة كورونا نحو 7.8%، واستطعنا زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض عجز الموازنة من 13% الى 6.3%، وتحسين تصنيف مصر في كل المؤشرات الدولية.
تسييل أصول بقيمة 40 مليار دولار
وأكد رئيس الوزراء أننا نستهدف تسييل أصول بقيمة 40 مليار دولار خلال الأربع سنوات القادمة، وذلك من خلال طرحها للشراكة مع القطاع الخاص سواء المصري، أو الأجنبي، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بالـ 10 مليارات الخاصة بهذا العام، فقد تم بالفعل تحديد أصول بقيمة 9 مليارات، وبدء خطوات تنفيذ تسييل تلك الأصول خلال الفترة الحالية، مضيفًا أنه تم تحديد أصول بقيمة 15 مليار دولار بصورة فورية، حيث إن مجموع ذلك يفوق المستهدفات للسنتين الأوليين.
وأوضح رئيس الوزراء أنه سيتم خلال هذا العام الانتهاء من استراتيجية قومية متكاملة للملكية الفكرية، مع دراسة إنشاء جهاز قومى للملكية الفكرية.
وحول جهود تحسين مناخ المنافسة، أشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم خلال المرحلة القادمة زيادة فاعلية جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، إلى جانب فصل الجهات التنظيمية والرقابية عن الوزارات المنفذة، فصلًا لعملية الرقابة والاشراف عن عمليات التنفيذ.
ونوه رئيس الوزراء إلى أنه سيتم إطلاق حزمة من الحوافز المتنوعة والجديدة، تتضمن حوافز خاصة بقانون الاستثمار، وحوافز خضراء، وحوافز الاستثمار في القطاع الصحي، فضلًا عن تفعيل الرخصة الذهبية، التي يقوم رئيس الوزراء بإصدارها رخصة واحدة تجُب كافة الموافقات والاشتراطات المصدرة من جهات أخرى.
كما نوه رئيس الوزراء إلى أنه وفيما يتعلق بالقطاع الصحي، وافقت الحكومة على إدراج كل مشروعات إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية ضمن منظومة الاستثمار الجديدة، لافتا إلى اجتماع مجلس الوزراء الأخير الذي اتخذ قرارات بتيسير إجراءات الاستحواذ على النسب المختلفة داخل المستشفيات والمنشآت الصحية للتسريع من هذه الإجراءات.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي مجددا أننا نعلن اليوم خطة واضحة للعمل على تنفيذها، تتضمن أيضا دمج أكبر 7 موانئ مصرية تحت مظلة شركة واحدة، وسيتم طرح نسبة منها في البورصة، كما سيتم دمج أكبر الفنادق المميزة، والتي تعد من أفضل الأصول في مصر سيتم دمجها أيضا تحت مظلة شركة واحدة يتم تقييمها من خلال بنوك استثمارية دولية، على أن يتم طرح نسب منها في البورصة للمصريين، ويمكن للمستثمرين المشاركة، وبذلك نعمل على توسيع ملكية وحوكمة إدارة هذه المؤسسات التابعة للدولة.