من الدرة إلى شيرين أبو عاقلة.. مصرية بإنجلترا توثق قصص ضحايا الاحتلال الصهيوني
«قتلت الابن وتركت الأب حيًا حتى يتعذب».. كلماتُ لن تُنسى قالها أحد جنود جيش الاحتلال الصهيونية في عام 2000 بعدما وجه سلاحه نحو الطفل البريء محمد الدرة وقتله أمام أعين والده، فكان وقعها على الشابة المصرية رندا غازي التي تعيش بإيطاليا وانتقلت إلى إنجلترا، صاحبة الخامسة عشر من عمرها في ذلك الوقت وقع قوي ومؤثر، مما جعلها تتساءل أكثر حول القضية الفلسطينية، وتكتب كتابًا تفوز عنه بجائزة أدبية للأطفال بإيطاليا حينها، ثم يكتب لها القدر أن تكون متواجدة بفلسطين بنفس توقيت حادثة شيرين أبو عاقلة.
نشأت المصرية رندا غازي بإيطاليا، ونتيجة عدم اهتمام الحكومة الإيطالية بنشر صور أو تفاصيل الحرب بفلسطين لم تكن تعلم عن القضية الفلسطينية وما ينتج عنها من تأثير سلبي على الشعب، فأسرعت لوالدها بعد حادثة محمد الدرة، وسألته عن حقيقة الأمر، قائلة: «كنت بسمع عن ما يحدث بفلسطين ولكن لا أعلم عن الاحتلال والحصار، وكنت أول مرة كنت أشوف الحدث ده، تأثرت جدًا بالحدث لأنه تقريبًا سن الطفل كان قريب من سني.. سألت نفسي ليه قتلوه وأيه ذنبه».
ازداد الشغف داخل الفتاة المصرية السمراء يومًا بعد يوم، ولم تكتف بالمعلومات المتاحة فقط، بل استكملتها من خلال البحث والتقصي، فكانت زاوية تعايش الأطفال مع الاحتلال بفلسطين، والقصص الإنسانية هناك هي الأقرب لها، وبسببها كتبت قصة خيالية تضمنت مجموعة شباب مُقيمين سويًا بغزة وكل شخص منهم مر بتجربة صعبة، مردفة: ردود الأفعال تجاه الكتاب كانت إيجابية للغاية وقتها، والكتاب تم ترجمته لـ 25 لغة، ليتم تحويلها إلى كتاب روائي يُسمى حالم بفلسطين.
رحلة رندا غازي لدولة فلسطين
تعيش الفتاة الثلاثينية منذ عشر سنوات بدولة إنجلترا وبالتحديد لندن، فهي تعمل بإحدى المنظمات العالمية بإنجلترا المهتمة بشئون الأطفال المقيمين بالدول المحاصرة والمحتلة في محاولة منهم لتوصيل صوتهم، فهي مسئولة عن الإعلام وإنتاج قصص عنهم، قائلة: وأنا صغيرة كان نفسي اطلع محامية، وبعد انتشار كتاب حالم بفلسطين وجدت أن الصحافة تجمع بين غرضي بالمحاماة في توضيح الحقيقة وبين حبها للكتابة، وتابعت: وكمصرية مسلمة بدولة أوروبية شعرت بالمسئولية في إظهار صورة إيجابية عن الإسلام.
سافرت غازي من لندن حيث مكان عملها الصحفي، لدولة فلسطين، فهناك فرع من مكان عملها بغزة ورام الله والقدس، لتقدم قصة جديدة حول أطفال فلسطين، موضحة: شغلي كان مقابلة الأطفال والعائلات، ليحكوا قصصهم وما حدث لهم نتيجة الحرب، وتابعت: شوفت الحرب والاحتلال المتواجد بكل شبر في الأراضي الفلسطينية، وتأثيره على التعليم والمستقبل ونفوس الشعب، حاكية أن الحياة بفلسطين صعبة للغاية، وأن الأجيال الحالية لم ترى بعينها سوى الحرب فقط، ولم تسمع بأذنيها سوى صوت الرصاصات والصرخات، واصفة إياها بـ سجن فلسطين المفتوح، وقالت: التجربة غيرتني كتير.
تواجدت الفتاة السمراء بدولة فلسطين بالتزامن مع حادثة اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، فحرصت على التصوير والتحدث عما يجري على وسائل التواصل المختلفة باللغة الإيطالية، مُسترسلة: عملت تقرير عن الأحداث اللي حصلت من إسرائيل أمام المستشفى ووقت الجنازة وتحدثت فيه باللغة الإيطالية ليعلم الشعب الإيطالي أكثر حول القضية الفلسطينية، وتابعت: الإسرائيليين حاولوا يمشونا من كل مكان وكل شارع في محاولات كثيرة منا للذهاب إلى المستشفى التي استقبلت شيرين أبو عاقلة، قائلة: كانت الاحداث صعبة لكل من رآها ولكنها مهمة لتوثيق الحدث جيدًا.
تقول رندا غازي إنها تتمنى أن تكتب كتابًا آخر حول فلسطين، كتابًا يتضمن ما تعانيه فلسطين في الوقت الحالي نتيجة الاحتلال الإسرائيلي المستمر حتى يومنا هذا، وحكايات حول الأطفال التي فتحت أعينها على الحرب ولم تزهر بربيع الدنيا، وبصوت يحنو عليه الحزن، مضيفة: تأثرنا جميعًا بما حدث في أوكرانيا ولازال العالم يهتم بهم، ولا بد أن نؤكد أن ما يحدث بفلسطين أيضًا هو احتلال ولابد أن نقف ونتكاف معهم عالميًا.