كيف تناول فولتير القضاء والقدر في كتابه زديج؟
الكاتب الكبير فولتير أحد أهم الكتاب الفرنسيين وأحد أهم المهتمين بالإصلاح السياسي، في القرن الثامن عشر، وله الكثير من المؤلفات منها كتاب طريف بعنوان زديج أو القضاء الذي ترجمه المفكر الكبير الدكتور طه حسين إلى العربية.
يقول طه حسين في مقدمته للكتاب: بطل هذه القصة فتى من أهل بابل، وهذا الفتى البابلي المثقف الممتاز قد اختلفت عليه الأحداث، وتعرض لكثير من المحن في وطنه أولا، وفي الأوطان التي تغرَّب فيها بعد ذلك، في مصر وفي بلاد العرب وفي جزيرة سرنديب وفي سوريا، وكانت هذه الأحداث والمحن كلها مخالفة لمنطق الأشياء وطبيعة الحياة كما يراها الناس، فقد كان يكافأ بالشر على الخير دائما، وكان يستقبل ذلك بالحيرة والإذعان وبالصبر والاحتمال؛ حتى كوفئ آخر الأمر بما يلائم ذكاءه ووفاءه وثقافته وبراعته وصبره واحتماله، فأصبح ملك ا على الدولة البابلية العظمى.
القضاء في تصور الفلاسفة
يتابع طه حسين: في القصة إذن عرض لمشكلة القضاء والقدر كما يتصورها الشرقيون، أو كما خيل لفولتير أن الشرقيين يتصورونها، وفيها حل لهذه المشكلة على نحو ما تصوره الفلاسفة منذ أقدم العصور، وهو هذا الحل الذي لا يحل شيئا، والذي يلخص في أن الإنسان أقصر عقلا وأكل ذهنا من أن يفهم حكمة الخالق الذي أبدع العالم ووضع له ما يديره من القوانين، فما عليه إلا أن يكد ويجد ويعمل الخير ما وسعه أن يعمل الخير، ويجتنب الشر ما أ تيح له أن يجتنب الشر، ولا عليه بعد ذلك أن تسره الأيام أو تسوءه، وأن تسخطه الأحداث أو ترضيه.