الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

بطلي الأوحد واستقامة ظهري

الجمعة 03/يونيو/2022 - 04:46 م

على تويتر، فيه شاب مصري اسمه شيكا، كتب التويتة المطولة دي: بابا الله يرحمه فضل مخبي علينا مرضه بالسرطان 10 سنين، وهو في بلد وإحنا في بلد!، كان كل همه، إنه يوفر لنا كل اللي محتاجينه؛ عشان ننجح، خاف يقولنا؛ عشان مذاكرتنا متتأثرش، كان عنده سرطان في الدماغ، اسمه glioblastoma، وملوش علاج في العالم كله، لحد دلوقتي، وأول ما حد بيتشخص بيه؛ الدكتور بيقول للعيان، إن قدامه أقل من سنتين يعيشهم، بس بابا قاوم 10 سنين، من سنتين بابا حكالي، وكنت أجِّلت السنة، وسافرتله، وكانت أول مرة في حياتي أشوف بابا في الوضع ده، كانت فرصتي الأخيرة إني أقرب له وأعرفه أكتر.. لحد آخر يوم في عمري، هفضل ممتن للفترة دي في حياتي، لأني ما شوفتش ولا هشوف في قوة بابا وصموده.. يا رب قدرني أحقق كل حاجة بابا كان بيتمنى إنى أحققها.

المواطن الأمريكي "مايكل هارجروف" كان في المطار منتظر واحد صديقه جاي من السفر، وفي أثناء انتظاره وهو بيبص على وشوش الناس اللي خارجين من جوه، بيدور على صديقه، لفت نظره إن فيه راجل ماسك شنطتين بيقرب ومتجه ناحية أسرة مكونة من سيدة شايلة طفلة رضيعة ومعاها ولدين، واحد 10 سنين والتاني 6 سنين، كان واضح إن الراجل اللي معاه الشنطتين هو الأب، وإن دي هي أسرته منتظراه في المطار، جمال منظر مقابلة الأب مع زوجته وأولاده؛ شد نظر "مايكل"، فتابعهم بعينه، خصوصًا إنه ساعده في ده، إنه كان واقف قريب منهم، الأب حط الشنطتين على الأرض وحضن الابن الكبير بحب وحنان، وقال له: (كيف حالك يا زاك، لقد افتقدتك للغاية).. الولد حضن أبوه حضن صادق، وقال: (وأنا أيضًا يا أبي)، الأب حضن الابن الأوسط بحب برضه، وبمنتهى الحنان، وقال له: (لقد أصبحت شابًا يافعًا الآن يا بني، كنت أفتقدك أيضًا يا جون، واكتشفت أنني أحبك للغاية).. الولد الوسطاني حضن أبوه برضه وقال له بخجل: (وأنا أحبك يا أبي وأفتقدتك جدا).. الأب قرب من زوجته وشال منها الطفلة الرضيعة، وباسها هي كمان، وبعد كده حضن مراته وسلم عليها هي برضه بمنتهى الحب.. الحقيقة إن منظر الأسرة الجميلة دي كان حلو ومبهج، ويشد نظر أي حد في المطار، مش "مايكل"، بس لكن فجأة "مايكل"، وبسبب الفضول اللي عمل عمايله في دماغه، وبسبب برضه كمية الحفاوة والود والحب المبالغ فيهم اللي شافهم من الراجل لولاده؛ راح عشان يسأله! "مايكل" سأل: (عذرا سيدي، لكن منذ متى وأنت غائب عن أسرتك؟)، الأب رد: (منذ يومين كاملين) "مايكل" اندهش واستغرب، وقال: (يومين فقط!، وكل هذه الحميمية في الاستقبال؟).. الأب قال: (بالطبع، إن لم يجدوا مني الحب، ولو لم أجده منهم؛ لن تكون هناك قيمة لا للحياة ولا لعلاقتنا من الأساس!، حتى إن كان الغياب ساعات، وليس يومين فقط!).

من القصص الأدبية الأمريكية العالمية المشهورة، واللي بيتم استخدمها لبيان دور الأب وأهميته في حياة أولاده؛ فيه ولد صغير أبوه بعته عشان يروح يدفع فلوس فاتورة الكهرباء بنفسه، رغم إنه لسه معدَّاش الـ 10 سنين، بس بسبب زن الولد إنه عايز يعتمد على نفسه، وإنه بقى راجل، وبتاع؛ وافق الأب.. خصوصا كمان إن مكان شركة الكهرباء كان جنب البيت، فميش مشكلة.. وصل الولد للشركة، ووصل لمكان الدفع، فالموظف قال له بعدم اهتمام: (لقد انتهى اليوم، اذهب الآن، وتعال غدًا).. الولد اللي كان مش عايز يرجع البيت غير وهو عامل المهمة على أكمل وجه، عشان مايبقاش عمل 7 رجالة في بعض وفي الآخر طلع عيل؛ اتضايق، وقال للموظف: لأ، لازم أدفع دلوقتي!.. طبعا الموظف استقبل كلامه بعصبية، وقال: (لقد أغلقنا الأجهزة، وأنت أتيت متأخرًا!، اذهب الآن) الولد قال: (هل تعلم من هو والدي؟، هل تعتقد لو أتيت بوالدي ستقول نفس الكلام؟).. الموظف ماردش، وقال بينه وبين نفسه: إيه الهبل ده، وطنشه.. الولد خرج جرى من المكتب، ورجع بعد شوية ومعاه أبوه.. شكل وهيئة الأب كانوا بيدلوا على بساطة حاله.. هدوم متوسخة، وشحم على وشه بسبب طبيعة شغله كعامل تصليح عربيات.. كان واضح إن الأب مكسوف وجه غصب عنه وهو في المنظر ده؛ عشان يشوف إيه اللي حصل مع ابنه.. الموظف لما شافه قام سلم عليه باحترام وتقدير وشِبه انحنى ليه، وبعدها بص للولد، وقال له: (سأنجز معاملتك حالًا).. الولد قال بفخر: (أرأيت! قلت لك إنك لن تستطيع أن تقول لا لأبي).. الأب بمنتهى الامتنان، شكر الموظف بعينه، إنه كبّر بيه قدام ابنه اللي شايفه حاجة كبيرة ومهمة، أي ابن دايما بيشوف أبوه سوبرمان، قادر يحل أي مشكلة، ووجوده بيحسم أي حاجة متعلقة.. ده اللي فهمه الموظف لوحده؛ بمجرد ما شاف الأب.

الكاتب "جان جاك روسو" قال: (من لا يستطيع أن يقوم بواجب الأبوة؛ لا يحق له أن يتزوج وينجب أبناء).. لو مش متأكد إنك هتكون أب سوي؛ يبقى بلاش خطوة الجواز، اللي هيترتب عليها بهدلة مراتك وأولادك معاك بكره وبعده.. لو كنت ابن مكنش له حظ في أب يكون هو السند ليك؛ يبقى خلّيك أنت نفسك الأب اللي كنت بتحلم بيه لأولادك، ولو كنتي بنت ومكنش فيه مساحة من الود والتفاهم بينك وبين والدك؛ يبقى خلّيكي زوجة لراجل، يكون أب جيد لأولادك، لما تُحسِنِي اختياره.. مش كل الأبهات ملايكة؟.. أكيد، والدليل هي الحوادث اللي بقينا بنقراها على فترات متقاربة، وبيكون البطل فيها للأسف الأب، بسبب عنفه أو قسوته أو بُعده عن أولاده.. بس ده مش في المطلق، وتظل النسبة الأكبر، هي صورة الأب اللي بيكون أول صديق لـ ابنه، وأول حب لـ بنته.. أكتر حد هيحبك، وهيقف جنبك بدون مصلحة إلا مصلحتك، والوحيد في الدنيا اللي هيكون عايزك أفضل منه بدون حسابات الغيرة والنفسنة.

الفيلسوف "فريدريك نوفاليس"، قال: (ليس هناك مكان ينام فيه الطفل بأمان، مثل غرفة أبيه).. سواء كانوا وسطنا أو لأ؛ إحنا هنفضل لحد ما نموت عايشين بـ خيرهم وفي خيرهم.. ربنا يرحم أبويا، وكل أب اتوفى، ويرزقهم الجنة، ويديم نعمة الصحة على كل أب حي، ويشفي المريض منهم.

تابع مواقعنا