أول مصرية تصعد قمة جبل إيفرست: حلم عمره 15 عامًا.. وأسعى لتغيير الصورة المسيئة للحجاب | حوار
احتفت وسائل التواصل الاجتماعي بالمصرية منال رستم، بعد إنجاز صعودها لقمة جبل إيفرست، فهي تبلغ من العمر 42 عامًا، وتخرجت من كلية الصيدلة، ثم اتجهت إلى الإعلانات واختيرت لتكون أول مصرية واجهة لإحدى شركات الرياضة العالمية للملابس الرياضية للمحجبات، وبعدها اتجهت لمجال الرياضة، فكانت أول رحلة جبلية لها في عام 2010 إلى سانت كاترين، ومن ثم توالت رحلاتها الجبلية خارج مصر حتى وصلت إلى قمة إيفرست.
لا أريد أن أخذل أحدا ولا أخذل نفسي، فسوف نتجاوز هذا رغم الألم.. كانت هذه كلمات ساعدت منال على تجاوز المراحل الصعبة خلال رحلة إيفرست، وفي حوارها الخاص لـ القاهرة 24، تحدثت عن الاستعدادات الجسمانية والنفسية، بالإضافة إلى أصعب المواقف التي واجهتها خلال رحلة استغرقت شهرين متتالين رأت فيهما العديد المشاهد الصعبة، وبالرغم من كل هذا إلا أنها استطاعت تحقيق لقب أول مصرية تصعد قمة جبل إيفرست.
وإلى نص الحوار
في البداية.. كيف استعدتْ منال لخوض تجربة الصعود لقمة جبل إيفرست؟
بدأت التمرين والاستعداد للتدريب منذ شهر مارس 2021، مع سوزان الهوبي بدبي، وهي أول عربية تصعد أعلى 7 قمم جبلية في العالم، ودون أن يعلم أحد وضعنا خطة للاستعداد عبر عدة خطوات كان منها رفع الأوزان الثقيلة، السباحة، وأيضًا الصعود لجبل كليمنجارو الذي يبلغ ارتفاعه 6000 متر، لتهيئة الجسم على المرتفعات، وخضت تجربة ماراثون 42 كيلو في درجة حرارة 20 تحت الصفر.
وفي شهر يناير صعدت جبل الشايب في مصر، وحينما لاحظنا استقبال جسمي لكل هذا دون أي آثار سلبية أو تعب مقلق، قررت استكمال فترة التدريبات في دبي، وبدأت مع المدرب في التمرين على أشياء مشابهة لما سأقابله في رحلة جبل إيفرست.
ما أصعب المواقف التي مرت عليكِ خلال رحلة الصعود؟
الرحلة نفسها صعبة للغاية، بها استهلاك بدني ونفسي وأيضًا مادي، لم أتوقع أن تكون التجربة صعبة بهذا الحد، ولذلك قررت أن أعرض فيديو لبكائي خلال الرحلة عبر موقع التواصل الاجتماعي إنستجرام، لأوصل رسالة للجميع أنها ليست سهلة، وأذكر نفسي دومًا بما تحملته كي أكون أول مصرية تصعد قمة جبل إيفرست، وأيضًا كوني العربية الوحيدة في الرحلة وسط باقي زملائي كان يشعرني دومًا بالوحدة، فبالرغم من قدرتي على التحدث بلغاتهم، إلا أن الأمر كان صعبًا بسبب مدة الرحلة الطويلة، فأحيانًا تحتاج إلى رفيق مثلك، ولكن جميعهم كانوا لا يتحدثون العربية، ولا يعرفون الصلاة.
ما الفائدة التي تعود عليكي من هذه الرحلات خاصة أنك تتحملي تكلفتها؟
الإجابة دومًا هي حلمي، لا أريد أن يكون عمري 50 أو 60 عامًا وأنا خالية من تحقيق الأحلام في ما أحبه، وبحلم بعد تحقيق لقب وإنجاز أول مصرية تصعد قمة جبل إيفرست أن يكون هناك دعم لهذه الرياضة في مصر، وأجد شركات أو بنوك تدعم هذه الرياضة، فالجميع يسألني ما الرحلة الجديدة لكِ، بالتأكيد أحلم بصعود أعلى 7 قمم جبلية في العالم، ولكن التكلفة المادية كبيرة للغاية، تواصلت بعد صعود قمة جبل إيفرست مع العديد من الشركات ولكن لم أجد أي استجابة ترحب بالدعم المادي.
رأيت خلال رحلات سابقة جنسيات أخرى تدعمها شركات أو بنوك من بلدها، فكانت ثاني بنت سعودية تصغد الجبل مدعومة مادية، وأول بنت لبنانية تصعد كانت مدعومة أيضًا من بنك لبناني، وأرغب في التعامل مع دعم مادي مصري وأرغب أيضًا في الاستمرار وأوكد أن الرحلة الأخيرة لإيفرست كانت صعبة جدًا.
تخرجتِ من كلية صيدلة ومن ثم اتجهتِ للرحلات الجبلية.. كيف بدأ هذا الشغف؟
بدأت تسلق الجبال منذ 12 عامًا، وكنت أعمل في مجال الصيدلة، وحينما فقدت وظيفتي في 2016، وكنت أعمل أيضًا في مجال الإعلانات الرياضية، وحينما رأيت أن السنوات تمر سريعًا دون أن أحقق لنفسي شيئًا، قررت أن أخوض ما أحبه وهو تسلق الجبال وكانت أول رحلة في عام 2010 بتسلق جبل سانت كاترين في مصر، وأول جبل خارج مصر في عام 2012 كان جبل كليمنجارو.
هل الاستعدادات لرحلات صعود الجبال تختلف من جبل لآخر؟
جبل إيفرست كان مدته شهرين، فكان التدريب قبله ليس فقط جسماني، ولكن أيضًا عقلاني وجسماني، كنت أجلس في السيارة وأسمع شرائط تحفيزية، كي تحمسني للاستمرار، وأعرف الفرق بين شخص يستسلم وآخر يستكمل، شاهدت العديد من الأفلام الوثائقية، وذهبت أحيانًا كتير للجلوس في الثلج مدة طويلة.
ما هي أصعب الرحلات الجبلية التي خضتيها منذ أن بدأتِ؟
إيفرست كان أصعب تجربة، فخلال آخر 100 أو 200 متر برحلة إيفرست كنت أرى بالقرب مني جثامين متجمدة منذ عام 2019، فنحن كنا في درجة حرارة سالب 20، وكانت هناك تكلفة مادية أخرى عبارة عن إمضاء أنه في حال تعرضك للوفاة فلا بد من دفع 25 ألف دولار لعودة الجثمان إلى أرض الوطن.
ما الهدف من حرصك الدائم على الحديث عن الحجاب بكافة الأحاديث؟
أنا صاحبة أكبر جروب داعم للحجاب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وذلك لأنني أرى دومًا أن هناك صورة نمطية عن الحجاب مسيئة له، في مجتمعنا المصري وأيضًا في المجتمعات الأوروبية، فهذه الصورة تحتاج إلى التغيير، فأنا أسعى منذ 7 سنوات لتغييرها، وحتى الآن لا تزال هناك دول تمنع المحجبات من دخول بعض الأماكن، وهذه إهانة للمرأة العربية بشكل عام.
وحينما وجه إليّ سؤال في أثناء رحلة إيفرست حول صعودي الجبل وأنا محجبة، كنت لا أفهم ما المعنى من السؤال أو الهدف منه، فأنا أرى أيضًا أن التلفزيون كان سببًا في هذا بسبب ظهور البنت في أكثر من عمل وهي غير مثقفة أو يكون شكلها غير لائق اجتماعيًا، فأرى أن الحجاب مظلوم وأحاول فقط الدفاع عنه، فهو بالتأكيد ليس سهلًا على كل البنات أن يرتدينه في ظل هذه الضغوط، ولذلك كان الجروب مصدرا للأمان والتشجيع والتأكيد على أن الحجاب ليس عائقا أمام أي إنجاز أو حلم البنات.
من أبرز مشجعينك خلال رحلة كفاحك.. وما هي الخطوة القادمة؟
معظم الوقت والدي يشجعني، وأحيانا أُشجع نفسي، لا بد أن يشجع الإنسان نفسه، ولا ينتظر التشجيع من أحد، لأنه من الممكن أن يكون الشخص الذي ترغبين في تشجيعه لكِ غير موجود، أو غير مؤمن بفكرتك أصلا.
حلم صعودي كأول مصرية لجبل إيفرست عمره 15 عامًا، وبعد ظهور جائحة كورونا وغلق العديد من القمم الجبلية كان الحلم يضيع مني، ومع أول فرصة قررت تحقيق الحلم بالرغم من التكلفة المادية المرتفعة للغاية.
وفيما يخص الخطوة القادمة، فأوكد أنني أحتاج حاليًا إلى الراحة والاسترخاء، فعلى الرغم من انتهاء الرحلة إلا انها لا زالت تؤثر عليّ بشكل كبير.
ما النصيحة التي توجهينها للبنات الشغوفة بهذا المجال؟
أن يدرسن الموضوع قبل أي شيء، ويبدأن بالقمم الجبلية الموجودة في مصر، وبعدها يخضن تجارب خارج مصر، وإذا وقف الأهل في طريقهن لا بد أن يتحدثن معهم كثيرًا ويقنعوهم، فأهلنا من جيل ثاني، وكان يُقال لي حينما عرضت الرغبة في صعود جبل إيفرست إنني مقدمة على رحلة انتحار، ولكنني أومن دومًا أن الجبل يناديني وأخيرًا لبيت الدعوة.