الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الراعي الصالح والحارس الأمين

السبت 04/يونيو/2022 - 11:12 م

لا يمكن للرعيّة أن تحيا دون راعٍ، ولا يمكن للخراف أن تعيش إلا تحت راية راعٍ أمين يصون رعيته، ويحافظ عليها، ويضع ذاته عوضًا عنها.
بل أحيانًا يعرض الراعي نفسه للمخاطر فقط لكي يحافظ على رعيته من كل ذئب ومن كل أسد مفترس يحاول أن يختطفها.


فكما قال القديس بطرس في رسالته الأولى واصفًا الشيطان: "اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ". (1 بط 5: 8)
ولذلك نجد نصيحة القديس بطرس الرسول في رسالته لنا أن نكون مستيقظين ومستعدين.


ولكن من هو العضو الذي يكون مستيقظًا ومترقبًا لكل شيء من حوله؟، هي العين، العين التي كان وصفها في الكتاب المقدس وبالتحديد في إنجيل معلمنا لوقا البشير إذ قال الكتاب: "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا" (لو 11: 34).


فالعين هي أساس الجسد وسراجه، وكالعين سراج للجسد، فالأسقف حينما يكون أبًا ويكون قديرًا بقدر ما توجه له من مسئوليات كبيرة، يكون كقول الكتاب عن كل الرجال الذين كانوا في مسئولياتهم وحياتهم يحيون حسب قلب ومشيئة الله، إذ قال الكتاب عن الملك داود بن يسى أنه "وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلًا حَسَبَ قَلْبِي، الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي" (أع 13: 22).


فحينما يكون الأب الأسقف يحيا كقلب الله، ويصنع مشيئته في كل خطواته وكل تدابيره تجاه كنيسة الله التي يتسلمها من يد الأب البطريرك، تحيا الكنيسة في عصره في محبة واستقرار، وتشهد حالة حب تكون غنية في التعليم والتشييد وفي كل نواحي الحياة المختلفة.


ولأن رجال الله "لا يأتون" إلا بتدبير من الله، لذلك لا تجد أسقفًا محبوبًا من شعبه أو أسقفًا ظل اسمه خالدًا على لسان شعبه أو صورته رغم مرور سنين ما زالت حية ومحفورة في قلوبهم إلا إذا كان رجلًا حسب قلب الله بالحق.


وواحد من هؤلاء الرجال الذين لم يأتوا إلا بتدبير وأمر إلهي من فوق ليعضده في مسئولياته فيما بعد هو القديس "باسيليوس"، فلو رجعنا بالزمن إلى القرن الرابع الميلادي، وبالتحديد في عام 370 بعد ميلاد رب المجد يسوع، نجد أن عندما استراح أسقف كبادوك القيصرية من أتعابه، كان في نظر القديس غريغوريوس ووالده أن القديس باسيليوس هو الأجدر والأنسب ليحل محل الأسقف المتنيح، لما هو عليه من علم ومكانة روحية وعلمية، ولأنه كانت له محبة كبيرة في قلوب من عرفه عن قرب.


ووقتها أرسل القديس غريغوريوس رسالة باسم والده إلى كنيسة قيصرية، يخبرهم فيها بترشيحهم للقديس باسيليوس ليكون أبًا لهم وأسقفًا ليدبر أمور كنيستهم.


وربما لن أتطرق إلى كل كلمات رسالة القديس غريغوريوس ووالده إلى كنيسة القيصرية، لكن سأكتفي أن أتطرق إلى نقطتين كانوا في رسالتهم لكنها لخصت كل ما يجب أن يتوافر في كل راعٍ في كنيسة المسيح، إذ إن الراعي هو سراج الكنيسة وهو الذي يتسلمها من المسيح على الأرض، ليسلمها للمسيح في المجيء الثاني.

فنجد أن الرسالة كان فيها سطر يقول: "إنه إنسان ذو حياة نقية وتعليم نقي، إنه الوحيد بين الجميع الذي يستطيع أن يقاوم اتجاهين، صعوبات الساعة الحاضرة وهوس الخطابة عند الهراطقة".


الراعي عندما تكون عيناه نقية وتقتدي بحياة السيد المسيح على الأرض تكون حياته نقية أيضًا تشبه العذارى الحكيمات المستعدات للدخول معه إلى العرس وكانوا يملأون قناديلهم بالزيت، وعندما يهتم بالأرضيات، وينسى كل ما هو سمائي ومن فوق يصبح قنديله فارغًا ولا يكون رجلًا حسب قلب الله.


والتعليم النقي، إذ لا يمكن أن يكون لشخص غير نقي وغير مملوء بالروح، أن يكون مملوءًا بالتعليم النقي، فالإناء لو كان من الأساس ليس طاهرًا، لا يمكن أن يكون ما يحويه طاهرًا، كالفريسيين، الذين كانوا ينقون خارج الكاس ومن الداخل كان مليئًا بالاختطاف.


وعندما يجتمع التعليم النقي مع الحياة النقية، يستطيع الأب الأسقف أن يكون أبًا ومرشدًا ومعلمًا، يجاوب كل من يسأله، ليس في أمور الكنيسة فقط، بل وكل مشاكل الحياة أيضًا، فهو حينها يكون أبًا في كل شيء، وليس فقط لشيء واحد.

تابع مواقعنا