كاهن بدرجة أب
عندما كنت صغيرًا، كان هناك برنامج يُقدم على قناة CTV يناقش الكتاب المقدس، وكان يقدمه أب كاهن هاديء الملامح والصوت، وهو أبونا بيشوي حلمي، أستاذ اللاهوت وراعي كنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا، وكان يناقش فيه مثلث الرحمات والطوبى نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوي، مطران كرسي دمياط ورئيس دير القديسة دميانة حين ذاك.
ولأن والدي الحبيب كان من المحبين بشدة للأنبا بيشوي، فكان البرنامج شبه أساسي في حياتنا ليتابعه ونتابعه نحن معه بالتبعية، وكان البرنامج يذاع وأنا ربما لم أتجاوز العاشرة من عمري بعد، ولكن كان سببًا كافيًا لأحب تعاليم الأنبا بيشوي، وأتعلق أيضًا بأبونا بيشوي حلمي، وبأسلوبه الهاديء والوديع في التعليم.
لكن مرت السنوات وكبرت، ولكن ربما من أكبر النعم التي منحني الله إياها هي أبوة أبي الحبيب أبونا بيشوي حلمي لي، فأنا منذ اللحظة الأولى التي شاهدته فيها صرت مولعًا بأسلوبه، سواء في الوعظ أو في الكتابة حين اقرأ له، أو حتى عندما أشاهد له فيديوهاته القصيرة عن كل مواضيع إيماننا المسيحي بأسلوب خالٍ من التعصب ولكن مليء بالعلم والرؤية الكتابية والتعليمية العظيمة.
وعندما قرأت كتابه عن الإلحاد ومناقشته لقضية وجود الله، وجدته يتحدث بلغة العالم ولغة المسيحي ولغة الباحث ولغة المرشد، خليط من اللغات التي تقود في نهاية الأمر إلى إثبات وجود الله، ومناقشة كل الأفكار التي تطرح أو تدخل إلى عقول أبناءنا خلسة لتشكك في وجود الله.
ولا يمكن أن ننسى كتابًا هامًا، كان قد أصدره قبل سيامته كاهنًا عندما كان شماسًا إكليركيًا، وهو كتاب كنيستي الأرثوذكسية ما أجملك وما كان يحتويه في كعبته من مواضيع جميلة تناولها باسلوب جميل وهاديء يليق بأب معلم ومرشد قدير يسير على درب الأباء ويسير على خطى التعليم كما تسلمناها من آباءنا الأوائل.
ربما نحتفل بعيد سيامته ونطلب من الله أن يطيل في عمره وعمر خدمته، ولكن أيضًا نحتفل لنشكر الله على وجود راعي أمين يعرف كيف يكون مرشدًا عظيمًا لأبناءه، ومعلمًا جليلًا في تعاليمه، وأبًا لا ينسى أبناءه بل يعرفهم كما يعرف الراعي خرافه ويبحث عنهم حتى لا يضلوا الطريق، فهو في حياته درسًا حيًا يُعلم كل من يسلك في حياة الخدمة بأن الخدمة ليست في المناصب ولكن في المحبة الصادقة كما الله أحبنا.