السيد البدوي: التنمية الحقيقية عبر الإصلاح السياسي.. والحوار الوطني يخرجنا من الأزمات.. ولن أعود إلى الحياة الحزبية │ ندوة
- الرئيس السيسي لا يفعل إلا ما يراه صوابًا
- السيسي كان عضوًا فاعلًا في المجلس العسكري
- مصر أكبر من أن تُورث
- الإخوان رضخوا لطلب المشير طنطاوي
- هناك جمعيات تلقت تمويلًا أمريكيًا
- الإفراج عن السجناء ليس شرطًا للحوار الوطني
كشف الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد الأسبق، رؤيته للحوار السياسي الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بين القوى السياسية الذي من المقرر أن يبدأ الأسبوع الأول من شهر يوليو، ورأيه في القرارات الاقتصادية والإجراءات التي اتخذتها الدولة في هذا الشأن، وآخرها الإعلان عن وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي وضعت آلية تنظم خروج الدولة من عدد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية لصالح القطاع الخاص.
رئيس حزب الوفد الأسبق في ندوة بـ«القاهرة 24»
السيد البدوي يقول، في ندوة بموقع «القاهرة 24»: «الرئيس السيسي لا يفعل إلا ما يراه صوابًا، وبعض الأقاويل التي تدعي أن الرئيس يخاطب الحوار الخارج، وهناك مشككون في جدوى الحوار، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يقول إلا ما يؤمن به، وذلك من واقع خبرتي الطويلة في التعامل معه، والعلاقة التي تربطني به، بحُكم كوني من المشاركين في المشهد السياسي مع المجلس العسكري منذ 2011».
وتابع قائلًا: «الرئيس السيسي كان عضوًا فاعلًا في المجلس العسكري، إلى جانب اللواء محمد العصار، وكان أول لقاء ليّ بقيادات المجلس العسكري، بعد ثورة 25 يناير، مع كل من: اللواء عبد الفتاح السيسي، واللواء محمد العصار، واللواء محمود حجازي».
وأشار البدوي إلى أن «اللواء محمود حجازي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، عندما كان عضوًا بالمجلس العسكري خلال فترة حكم الرئيس الأسبق طمأنه، بشأن توريث الحكم لجمال مبارك، نجل الرئيس الأسبق، قائلًا: «مصر أكبر من أن تورث»، متابعًا «بعد تنحي الرئيس مبارك، خاطبني اللواء محمود حجازي قائلًا: فاكر سؤالك؟، فأجبتُ قائلًا: نعم، أتذكر».
وأضاف: «لفت انتباهي شخصية السيسي، فوجدته إنسانًا هادئًا، وقليل الكلام، بحوزته مذكرة يسجل بها الملاحظات التي تستحق التسجيل، فهذه بداية تعارفي به، ثم توالت اللقاءات خلال اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، مؤكدًا أن «المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع الأسبق، كان يثق باللواء السيسي جدًا، ويثق بمشروع البيان الذي كان سيصدر، حيث كان اللواء السيسي يدون ما توصلنا إليه».
تشكيل لجنة المئة المكلفة بكتابة الدستور
البدوي تحدث عن تفاصيل تشكيل لجنة المئة المكلفة بكتابة الدستور، قائلًا: «أذكر واقعة مهمة جدًا، وهي واقعة تشكيل لجنة المئة لتعديل الدستور، ودعانا المشير طنطاوي إلى اجتماع، قال لنا لن تغادروا حتى تتفقوا على تشكيل الجمعية التأسيسية، ويخطر بها مجلس الشعب، ويدعو إلى إعلان الجمعية التأسيسية، واستمررنا في مفاوضات، وكانت جميع القوى المدنية، ممثلة في هذا الاجتماع، وكان ممثل الإخوان في ذلك الوقت عصام العريان، وأسامة ياسين، وتم الاتفاق على تأسيس لجنة المئة لإعداد الدستور، وكان انتخاب رئيس الجمهورية سابقًا لإعداد الدستور».
وأضاف: «تم الاتفاق خلال الاجتماع في إطار تأسيس لجنة المئة على أن يكون 50% من القوى المدنية، والـ50% الأخرى من القوى الإسلامية، وتم عقد مشاورات عدة لتحديد نصيب كل حزب وكل قوى، ثم جاء الوقت لإقرار الاتفاق، وكلَّف المشير طنطاوي، الفريق سامي عنان، ليتصل بسعد الكتاتني، لدعوة المجلس لاعتماد اللجنة التأسيسية».
عندما رضخ الإخوان لطلب المشير
وتابع «في ذلك الوقت طلبني الفريق عنان، وقال ليّ إن سعد الكتاتني رافض أن يدعو المجلس، وطلب منيّ أن أقنع الكتاتني، فطلبناه على الهاتف وقُلت له إن الموضوع جاد، ولا بد أن يدعو المجلس لاختيار الجمعية التأسيسية، وفي ذلك الوقت دخل المشير، وطلب مِني إبلاغه أنه لو لم يطلب المجلس للانعقاد فورًا، سوف يصدر غدًا إعلانًا دستوريًا بالجمعية التأسيسية، وهنا رضخ الإخوان لطلب المشير، وتمت دعوة المجلس، وتم اختيار الجمعية التأسيسية، ولكن قُمنا بالانسحاب منها في 19 نوفمبر 2012، ويمثل هذا الإجراء من المشير، أحد المواقف ضد تعنت الإخوان».
تمويل منظمات المجتمع المدني
بشأن حزب الوفد وأزماته، قال السيد البدوي إنه «بعد توليه مسؤولية الوفد، واجه مشكلة داخل الحزب، حيث كانت هناك عديد من الجمعيات تتلقى تمويلًا من السفارة الأمريكية مباشرةً»، لافتًا إلى أن «هذه الجمعيات لم تصنع الثورة، وإنما مَن صنع الثورة هو الشعب المصري، وكان الوفد أول المشاركين في ثورة 25 يناير التي أُسيء استخدامها، وكانت هناك مشاعر غضب، ولكن احتراف تأجيج المشاعر أدّى بنا إلى مأزق عميق».
دور الوفد في ثورة 25 يناير
وحول دور الوفد في ثورة يناير، قال البدوي: «دعوت خلال الثورة إلى مؤتمر صحفي، بحضور 42 قناة فضائية عربية وأجنبية، وحدثني صديق ليّ في جهاز الأمن الوطني، وسألني حول إذا ما كنت أعددت مؤتمرًا صحفيًا، وأوضح ليّ أن البلد في وضع حرج، وطلب مِنيّ عدم إعداد المؤتمر».
وتابع «ذكر ليّ صديقي أن الرئيس كلف اللواء عمر سليمان لمخاطبتك، وحدثني اللواء عمر سليمان، قائلًا: «بلاش يا دكتور سيد المؤتمر»، وأجبته: «أنا دعوتُ لمؤتمر صحفي، ولن أطلب من الحضور الانصراف، ولا بد من عقد المؤتمر، ورد اللواء عمر سليمان قائلًا: «طيب خليك فاكر إنك كدا بتولع البلد».
الحوار السياسي الوطني
البدوي أعرب عن أمله في أن يؤدي الحوار السياسي الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، للنتائج المأمولة، مضيفًا: «الرئيس لديه أولويات لا بد أن يحققها، منها ترسيخ أركان الدولة، حيث كانت الدولة مستهدفة داخليًا، عن طريق الإرهاب والتطرف، وخارجيًا من أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق، الذي توافقت فترة رئاسته الثانية مع فترة رئاسة الرئيس السيسي الأولى، حيث كان عامل ضاغط في اتجاه إسقاط الحكم وإعادة الإخوان المسلمين، بالإضافة لوضع مصر الاقتصادي، فكانت الدولة على وشك الإفلاس، أما الأولوية الثانية فهي تحقيق التنمية الاقتصادية، وإقامة المشروعات، بجانب أولوية الأمن المجتمعي، والاضطراب الداخلي، الناتج عن الثورات المتعاقبة».
البدوي أضاف أنه «لن تكون هناك تنمية حقيقية إلا بإصلاح سياسي حقيقي وديمقراطية حقيقية، لا سيما أن الدستور المصري ينص على أن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والحزبية والتوازن بين السلطات، واقتران السلطة بالمسؤولية، واحترام الحقوق والحريات العامة، ولكي يتم تداول سلمي للسلطة، وفق نص هذه المادة، لا بد من وجود أحزاب قادرة على تداول السلطة، وفي الوقت الحالي الأحزاب السياسية غير قادرة على تداول السلطة، فلن يكون هناك تداول للسلطة بين الأحزاب ومستقلين، أو بين حزب وحيد مسيطر».
السيسي قادر على إقامة حياة ديمقراطية حقيقية في مصر
وأوضح أن «الانتخابات الأخيرة تجربة لم تحدث في أي بلاد العالم، وهي أن الأحزاب جميعها كانت في قائمة موحدة، فلا يوجد اليوم تحديد للأوزان الجماهيرية لكل حزب، أو الأوزان الفكرية، وبالتالي لا يمكن تحديد نسبة الأغلبية أو حجم المعارضة، فالحوار الوطني هو مخرج من هذا المأزق، فهو قيمة مضافة، ومتوقعة، فالرئيس السيسي هو الوحيد القادر على إقامة حياة ديمقراطية حقيقية في مصر».
البدوي قال إن «الاشتراطات المسبقة على الحوار الوطني هو سوء تقدير للموقف، وعدم خبرة سياسية، فيجب وضع اقتراحات وليس شروطًا، فوضع شروط من قِبل المعارضة، يتيح الحق للسلطة أن تضع هي الأخرى شروطًا»، متابعًا «هناك حديث عن ملف المحتجزين سواء بالحبس الاحتياطي أو ممن صدرت في حقهم أحكام، من سجناء الرأي، أو محتجزي الرأي، فالجماعات الإرهابية، وكل مَن تلوثت أيديهم بدماء المصريين، هم خارج إطار العفو».
وتابع «قضية الإفراج عن السجناء لن أجزم بأنه شرط للحوار الوطني، وإنما مبادرة يكون لها وقع طيب»، مضيفًا أن «من حق الرئيس أن يصدر عفوًا، ولكن إذا كان ناتجًا عن قانون أو تشريع يسقط بموجبه هذه الأحكام».
حول الملفات التي ينبغي إثارتها في الحوار الوطني، قال البدوي: «إن الإصلاح السياسي والمتمثل في الديمقراطية بركائزها المعروفة، وهو التداول السلمي للسلطة، من خلال قانون انتخاب يحقق هذا التداول، ويعيد الاعتبار للأحزاب السياسية، كمشارك أساسي في الحياة السياسية، وثانيًا إعلام حر ومستقل، ثلاثًا الفصل بين السلطات وقضاء مستقل استقلالًا تامًا، وحرص الدستور المصري على استقلال القضاة، ولكن حتى الآن لم تخرج القوانين المكملة للدستور التي تحقق الاستقلال الكامل».
إجراءات الإصلاح الاقتصادي
رئيس حزب الوفد الأسبق، يرى أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الدولة منذ بدايات 2016، كان لها دور فعّال في تجاوز أزمة كورونا، وامتصاص صدمات الأزمة الروسية الأوكرانية حتى الآن.
الدولة تحولت من الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الحر
وأضاف أن «الدولة تحولت من الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الحر»، مشيرًا إلى أن تخارج الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية، وإصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة، مقبول في الوقت الحالي وفي هذه المرحلة، موضحًا أنه «اطلع على الوثيقة، حيث تتخارج الدولة من 79 نشاطًا، وتتشارك في 45 نشاطًا، كما تدير 27 نشاطًا تحت إدارة الدولة، حفاظًا على الاستقرار الاجتماعي».
حول نيته في العودة للحياة السياسية مرة أخرى، أكد أنه لن يعود إلى الحياة الحزبية، وإنما الاتجاه نحو الحياة السياسية بمعناها الأشمل، مضيفًا أن السياسة هي إدارة الشئون العامة، والعمل على حل الأزمات، والمشاركة المجتمعية، قائلًا: «تعلمنا من الزعيم مصطفى النحاس باشا، والزعيم فؤاد سراج باشا، أن السياسة نوع من العبادة، نتقرب بها إلى الله».