الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الكفاءات العلمية والحوار الوطني

الخميس 30/يونيو/2022 - 05:35 م

في إحدى الندوات التثقفية التي نظمتها القوات المسلحة، بحضور الرئيس السيسي، طلب أحد الحضور من سيادته، وهو صحفي كبير وبرلماني حالي، أن يكون هناك لقاء يجمع الرئيس بالجماعة الصحفية، فكان رده عليه أنه إذا كان هناك أمر مهم متعلق بالمصلحة العامة للدولة أرحب بذلك، وإن كان غير ذلك فلا تضيع وقتي ووقتك. 

الملاحظ في رد الكلام الواضح يفسر مدى حرص الرئيس على الوقت، وتباين نظراته على ما يسفر عنه لقاؤه بقوة مصر الناعمة، ويخرج منهم بأفكار جديدة تسهم في صنع الإنجازات. 

وفي حفل إفطار الأسرة المصرية في شهر رمضان الماضي، طرح الرئيس السيسي فكرة الحوار الوطني، وهذه الفكرة خرجت من عقل أعلى سلطة في الدولة لتوجيه مؤسسات الدولة كلها سواءً كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أن تمارس مهامها من خلال حوار ديمقراطي مبني على الخلاف في الآراء بين الفصائل الوطنية، دون سيطرة فصيل واحد على رأيه، دون مشاركة الآخرين في آرائهم، لأن الرأي والرأي الآخر هو من أهم دعائم الأنظمة الديمقراطية في بناء نهضة حضارتها، فلا يكون هناك توحد للرأي، ويعتبر هذا من قبيل نجاح الحريات الفكرية، وامتدادًا للحريات السياسية.

وإذا نظرنا إلى معنى فكر الرئيس في طرح الحوار الوطني، نجد أنه لم يطلق عمومية الاشتراك فيه للجميع، بل اختص به المواطنين وحدهم، ومن هنا يكون لا وجه للرد على ما يقال إن سيادته شمل العمومية في حضور هذا الحوار، لأن ذلك يتعارض في الأصل مع أصول طرح فكرة الحوار. 

وإذا كان الرئيس السيسي قد شمل عمومية الكل في حضور هذا الحوار دون مخصص أو مقيد للوطنيين فقط، لم يعجز في التعبير عن ذلك، ولما صعب عليه أن يقررها صراحة، وأن يستبدل بعبارة الحوار للكل؛ لأنه يؤمن بالديمقراطية طريقًا ومستقبلًا وأسلوب حياة، لأنه ليس من العقل والمنطق أن يشارك في هذا الحوار كل من هو محروم من مباشرة الحقوق السياسية أو صدر ضده حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، أو يكون شارك بالتحريض والحض على العنف بدعوته فئة من الفئات، باتخاذ مسلك العنف سبيلًا من الرأي والرأي الآخر، دون الالتزام بآداب الحوار وسلطة القانون.

أي يكون الحوار هادفًا وبناء ويحقق المصلحة الوطنية لإيمان السيسي، بأن يجعل مصر في مصاف الأمم المتقدمة، وهذا لا يتحقق إلا بوجود علماء مصر ومفكريها وذوي الرأي من رجال الصحافة والإعلام والقانون، وأساتذة الاقتصاد السياسي والاجتماعي؛ لأن الأمم لا تبني حضارتها إلا بمفكريها من الكفاءات العلمية الوطنية، وليس بالشعارات الجماهيرية المزيفة التي يعيشها أصحاب الأيديولوجيات الحنجورية التي تتاجر بديمقراطية حرية الرأي، وهي في الأساس بوق مرتبط بقوى الفاشية الدينية المتطرفة. 

إذا كانت الشعارات تبني الأمم لجعلا القذافي وصدام حسين بلادهما أعظم بلدان العالم تقدمًا ورقيًا، بعد أن وهب الله لهما الأرض والأنهار والخيرات المادية والتاريخية، ولكن اكتفيا بالشعارات الجوفاء دون التصرف بعقلية وحكمة؛ فكان الخطر مهددًا حياتهم، وتشريد شعوبهم وتفكيك جيوشهم وتقسيم أراضيهم، وتكالبت عليهم جيوش الدول، وسرقت خيرات بلادهم المادية والتاريخية. 

ومن خلال مقالي هذا أهيب بالمسؤولين عن الحوار الوطني أن ينقى هذا الحوار من أصحاب الحناجر المزيفة، لأنه ضاق صدر المجتمع منها، وأن يعتمد على أصحاب الفكر ورجال الاقتصاد والمال وأساتذة الجامعات في شتى العلوم، لأن مقياس قوة الأمة في قوة اقتصادها وعلمائها ومفكريها، لأن الغزو الاقتصادي هو الذي يتغلغل في العالم الآن، والمهم أنه بفضل الكفاءات العلمية سوف تنهض مصر اقتصاديًا وصناعيًا وزراعيًا، وأن تفلت من الأزمات الاقتصادية؛ حتى يكون الخير لمصر وشعوب الأمة العربية.

تابع مواقعنا