“في ذكرى التنحي”.. ثوار يناير يروون لحظات الفرح والدموع والانتصار
ثماني سنوات للوراء، في نفس اليوم كانت الابتسامات تعلو الوجوه التي أصبحت مكتسية بداء الاكتئاب في فترتها الأخيرة، تشارك في احتجاجات ثورة يناير، وبينما في يوم 11 فبراير، يأتي صوت عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الأسبق، بـ”قرر السيد محمد حسني مبارك التنحي عن منصب رئيس الجمهورية”.
حكايات في واقعها ألم لحكاءيها الذين عبروا عن أمنياتهم في تحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي لطالما نادت بالحرية والحياة الكريمة للشعب المصري، وجاءت هتافاتها “عيش، حرية، عدالة اجتماعية”.
صيحات تتعالى من مختلف أنحاء الميدان، بينما يظهر اللواء عمر سليمان على الشاشات العملاقة، السن وقتها كان 35 عاما، بينما وصل اليوم إلى 42 عاما، يقول أيمن فؤاد: “كانت فرحة ما بعدها فرحة، من أول اليوم واحنا حاسين إن في جديد هيحصل، مفقدناش الأمل ولا دقيقة إن النظام خلاص وقع، الموضوع كان حلم كبير لكن الناس اللي نزلت دي كلها مكنش ينفع ترجع مكسورة الخاطر”.
الأب لإبنين، أحدهما في الدراسة اليوم، لم يكن وقتها يعرف شيئا عن مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أوضح أنه لم ينزل المظاهرات منذ البداية، وإنما أعجبه مشهد المتظاهرين في ميدان التحرير بينما كان يذهب ويجيء يوميا إلى عمله في المحاماة، في بداية أحداث 25 يناير، حيث تم بعدها الوقوف عن العمل بسبب الأحداث، ما أتاح له النزول للمشاركة مع هؤلاء الذين يراهم في الذهاب والمجيء، وصار هتافه الأحب إليه “حرية.. حرية”.
إشراقة يوم 11 فبراير لم يكن كمثلها إشراقة، لا تفكر فيما حدث بعدها، فكر فقط في حياة مدتها 18 يوما، لشباب لم ينظموا شيئا، قرروا فقط النزول للمطالبة بحقوقهم السياسية، مع إتاحة حياة كريمة للمصريين “عيش، حرية، عدالة اجتماعية” شيئا أقرب إلى الخيال في هذا الوقت حسبما يصف “إبراهيم خليل” أحد المشاركين في ذكرى يوم التنحي في ميدان التحرير، مشيرا إلى أنه كان طالبا في هذا الوقت بينما أصبح طبيبا اليوم.
ويضيف “خليل”: “العديد من المشاعر المتضاربة التي يمكن أن تذكر في هذه اللحظات، أمل مفقود بالكامل وأحداث موقعة الجمل وخطابات من الرئيس الأسبق أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تبعث على الاستفزاز “الراجل مش عارف أي حاجة خالص”، في الرابعة عصرا تقريبا أذاع التلفزيون المصري نبأ بيان هام من رئاسة الجمهورية بعد قليل، عادة ما تكون بعد قليل، يقصد بها بعد منتصف الليل”.
ويكمل إبراهيم: “لم يهتم الكثيرون بالأمر، خطاب روتيني من عمر سليمان أو ربما مبارك نفسه، والذي سبق وأعلن في الليلة السابقة للخطاب تكليف عمر سليمان بمهام رئيس الجمهورية، مع توكيل القوات المسلحة في إدارة شئون البلاد، أمر سبب زيادة في السخط على مبارك، وأصبح بعده من المستحيل العودة عن عتبة المطلب الأساسي “الشعب يريد رحيل النظام”.
اليوم لا يكتمل إلا بالتوثيق، مشاهد اهتم بها الصحفي “أحمد صلاح”، حيث قال: “اليوم ده كان مختلف في كل حاجة، أنا قبلها بيوم كنت تعبت واضطريت أروح من الميدان على أمل إني ارجع تاني يوم بعد ما أخد راحة من النومة في الميدان، المهم بدأت أتحرك من جسر السويس الساعة 11 الصبح ومكنش في أي مواصلات شغالة والطرق فاضية وشاورت أنا وصديق ليا لعربية ملاكي راكبها ضابط جيش وقولتله احنا رايحين الميدان قالي هوصلك لأقرب نقطة اللي هي كانت غمرة”.
وأضاف “اتفقنا وقعدنا ندردش في الطريق وعرفت منه أنه فيه تأييد بشكل أو بآخر لما يحدث في الميدان، وصلنا غمرة وبدأنا نتحرك على رجلينا، دخول الميدان كان مشهد عظيم لا يمكن أن يتكرر لأنه كان بالفطرة غير معد له، من أول ما دخلنا وبنسمع كلام عن إن مبارك هيمشي لا محالة والجيش واقف في صفنا”.
وأكمل تقريبا وقت صلاة المغرب أو العصر كنت واقف فوق سور الجامعة الأمريكية والناس بتصلي وأخواتنا المسحيين واقفين بيحموهم ودة مش مجازا، بدأنا نسمع أصوات تهليل وناس بتقفز من الفرح، واحنا مكناش عارفين إيه بيحصل مكنش فيه إذاعة شغالة وقتها، لكن مع نهاية الصلاة الناس المصلين نفسهم قفزوا من بعد التسليم وبدأنا كلنا نحضن بعض ونبوس في بعض وفعليا كنا بنبكي إن في حاجة قدرنا نحققها”.