"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ"
• من حوالي 10 سنين كان الجراح الهندي المعروف "إيشان" بيستعد عشان يسافر ويحضر مؤتمر طبي مهم في كذا دولة أوروبية في إطار جولات متعود يعملها من فترة للتانية عشان يستفيد من أحدث تطورات الجراحة في العالم وفي نفس الوقت هو نفسه يفيد الأطباء التانيين في المؤتمرات دي لإنه كان عقلية مميزة في المجال!.. الحجز تم والسفر كان هيكون على طيارة الساعة 10 بالليل.. طلع الطيارة وكان بيحلم بفترة نوم طويلة خلال الرحلة لأنه كان مرهق والحقيقة إن طول المسافة كان هيساعده جدا يحقق اللي هو عايزه لكن وقبل الإقلاع بـ نص ساعة طلب طاقم الطيارة من الركاب إنهم يستعدوا للنزول لإن فيه عطل مفاجئ اكتشفوه ولازم يتم إصلاحه وعقبال ما ده يحصل الرحلة هتتأخر من 6 لـ 8 ساعات كاملين!.. نعم!.. غضب د."إيشان" بشكل قوي وفضل يزعق بشكل منفعل إن التأخير ده هيخليه يتأخر عن حضور اليوم الأول من المؤتمر واللي بيكون أهم يوم بس كل اللي حواليه كانوا بيحاولوا يهدوه وقالوله إن ده ظرف خارج عن الإرادة ومفيش حد له ذنب فيه!.. والمطلوب؟.. تتفضل مع باقي الناس تنتظر في صالة الانتظار في المطار لحد ما العطل يتصلح أو لو تحب تروح البيت وتيجي على الميعاد الجديد هنتصل بيك ونبلغك.. شوف اللي يناسبك وإعمله!.. بيت إيه اللي هرجع له تاني!.. الفكرة إن الجو كان صعب جدًا وكانت واحدة من أسوأ الليالي سواء من ناحية البرد أو البرق والرعد والمطر اللي كان مغرق كل الشوارع.. د."إيشان" والمعروف أصلًا بطبيعة شخصيته الهادية واصل إنفعاله وإنكم لازم تشوفولي حل فوري للأزمة دي وأنا مش هينفع أنتظر كل ده.. موظفين المطار وتقديرًا لإسم وسمعة الراجل كانوا بيستقبلوا إنفعاله بمحاولات متعددة لتهدئته لكن من غير أي فايدة!.. لحد ما فيه موظف خرج من صمته وقال بصوت عالي: (فيه حل).. الكل ومعاهم د."إيشان" بصوا في اتجاهه منتظرين يسمعوا اللي هيقوله!.. الموظف قال إن فيه مطار صغير بيبعد عن المطار الرئيسي اللي هما فيه حوالي 120 كيلومتر وإنه لما راجع بيانات الحجز هناك لقى إن فيه طائرة فيها مكان فاضي بتستعد عشان تسافر خلال 3 ساعات من دلوقتي!.. حلو أوي!.. بسرعة مسك د."إيشان" كتف الموظف وقال له إحجزلي التذكرة دي فورًا مهما كانت التكلفة بتاعتها!.. الموظف قال له بس خلّي بالك إن الطريق من هنا للمطار التاني مش ممهد وبالتالي ممكن المسافة الـ 120 كيلو دول ورغم إنهم ممكن يخلصوا بالعربية في ساعة أو ساعة وربع بالكتير في أى طريق تاني لكن في الظرف ده ومع المطر ده ومع الطريق ده غالبًا الوقت هيبقى أطول وممكن توصل على ميعاد الطيارة ويا تلحقها يا لأ.. د."إيشان" قبل المخاطرة وقال مش مهم وأنا موافق!.. بالفعل جابلوه عربية بسواق واتحرك فورًا في اتجاه المطار الصغير.. الحركة كانت صعبة جدًا ورغم إن السواق كان محترف لكنه كان بيعاني لإن مفيش قوة تقدر تنتصر على الطبيعة!.. عدت نص المسافة.. حلو.. قبل بداية النص التاني ماتور العربية طلّع صوت حشرجة قوي وبعده العربية وقفت تمامًا، وفي نفس اللحظة برضه الكاوتش الأولاني من على اليمين إنفجر!.. الدكتور بص للسواق وسأله فيه إيه.. السواق نزل وحاول يدور الماتور بس كان واضح إن فيه عطل مستحيل يتصلح بسهولة، وكمان مفيش معاه كاوتش إستبن!.. السواق استخدم الموبايل عشان يبلغ المطار يبعتوله عربية تانية بسرعة.. في اللحظة دي أدرك د."إيشان" إن العالم كله ضده وإن فيه قوة خفية مش عايزة السفر ده يتم.. يعني بالبلدي اتقفلت من كل ناحية!.. لبس حاجة على راسه عشان تحميه من المطر وأخد شنطته في إيده ونزل من العربية وبدأ يشوف في محيط المكان اللي هو فيه أي بيت يقضي فيه الفترة اللي ما عالم بيها إلا ربنا دي.. من لُطف ربنا بيه إنه شاف ضوء جاي من مكان قريب ولما قرب أكتر لقاه بيت بسيط أشبه بكوخ.. قال للسواق تعالا معايا نروح الكوخ ده ونطلب من أهله يخلونا عندهم.. السواق رفض وقال له روح أنت لإني لازم انتظر جنب العربية عشان أخاف حد ييجي يسرق أي حاجة من أجزاءها ويهرب ودي عهدة!.. د."إيشان" ما وقفش كتير عن حجة السواق وقرر يروح لوحده ووصل قدام الباب وخبط وفتحت له ست عجوزة عمرها فوق الـ 80 بشوية.. بصعوبة ولإن نظرها ضعيف شافت واحد متكلفت واقف قدامها مبلول من المطر فسألته أنت مين.. رد إنه مش من أهل المنطقة بس عربيته عطلت.. بدون ولا كلمة زيادة فتحت الست باب البيت وقالتله يتفضل.. دخل وهي اتحركت ناحية بابور جاز بسيط وقالتله بدون ما تبص عليه هعمل لك حاجة سخنة تشربها.. هز راسه وخلع البالطو اللي لابسه.. الست سألته وهو مدياله ضهرها: كنت رايح ميعاد؟.. رد بصوت فيه بواقي ضيق: أيوا كنت مسافر بس ظروف الجو أخرتني.. قالتله بصوت فيه طيبة الأمهات والجدات: ماتخافش هتلحق وهتسافر، أنا هدعيلك، أنا كل دعواتي مستجابة.. بص عليها من ضهرها بدون ما يرد وهز دماغه بتريقة بدون ما يعمل أى صوت.. الست كملت: مش مصدقني صح؟، بس أنا فعلًا كل دعواتي مستجابة وربنا حققهم ليا كلهم.. سكتت لحظة وكملت بأسى: ماعدا دعوة واحد بس.. أخدت نفس عميق وكان واضح إنها هتبتدي تحكي.. د."إيشان" قال بينه وبين نفسه آه دي شكلها رغاية وأنا مش ناقص.. بدأ يشغل نفسه ويتأمل تفاصيل البيت البسيط وهو مش سامعها وسايبها تحكي مع نفسها.. لحظات وسمع صوت عياط طفل صغير.. اتحرك في اتجاه الصوت اللي كان جاي من أوضة صغيرة وقرب منها ووقف على عتبتها وبص لقى عيل سنه مايزدش عن 3 سنين نايم على سرير من خوص النخيل وبيتقلب من الوجع.. فضل د."إيشان" واقف يتأمل الطفل من بره الأوضة وهو مخضوض من الوضع الغريب ده.. سمع صوت الست العجوزة جاي من وراه وهي بتقول له إن ده حفيدي.. بص لها ولقاها ماسكة في إيديها كوباية شاي أخدها منها وسألها هو ماله؟.. ردت إن ابنها ومراته ماتوا في حادثة من سنة ونص وسابوا الحفيد ده ليها تربيه وإنه تعب فجأة من شهور ولما كشفت عليه قالولها إنه محتاج عملية جراحية في أقرب وقت بس وبسبب ظروفها المادية ماقدرتش توفرها ومن وقتها وهي بتدعي إن ربنا يحلها من عنده بس ربنا ماستجابش!.. وهي دي الدعوة الوحيدة اللي ربنا ماحققهاش ليها!.. د."إيشان" للحظة حس إن عقارب الزمن وهو بيراجع اللي حصل خلال الساعات البسيطة اللي فاتت وإزاي إن طيارة تتعطل وجو يتقلب 180 درجة وعربية تتعطل عشان كل ده القدر يسوقه ويبقى قدام الحالة دي!.. سألها ممكن أشوف الورق الطبي الخاص بحفيدك؟.. الست استغربت بس نفذت وجابت الورق.. بص فيه بسرعة بعيون خبيرة وأخد نفس عميق وقال لها بكره الصبح حفيدك هيعمل العملية.. أنا دكتور جراح وربنا استجاب لدعوتك.. دعوتك عطلت الطائرات وفجرت الإطارات.
• ما بين الدعوة اللي خارجة من اللسان وما بين الاستجابة فيه خيط رفيع اسمه الإخلاص في الدعوة واليقين إن ربنا هيستجيب.. ربنا بيحرك الكون بكل تفاصيله وناسه عشان دعوتك تستجاب.. (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).. حوّل قلقك وشكوتك لـ دعاء.. دايمًا الحل في الدعاء، ومفيش دعاء مفيش بعده جبر.. رد ربنا على دعائنا بيكون حاجة من تلاتة: يا استجابة.. يا استجابة بس مش دلوقتي.. يا بديل أفضل من اللي أنت عايزه.. في كل اللي بيتمناه العقل أو عايزه القلب؛ عشمنا فيه وثقتنا في رحمته بدون حدود.. يارب.