كسوة الكعبة .. جزء من تاريخ مصر
يعود تاريخ كسوة الكعبة إلى عدنان بن إد، الجد الأعلى للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل إن تبع الحميري ملك اليمن هو أول من كساها في الجاهلية بعد أن زار مكة، وهو أول من صنع للكعبة بابًا ومفتاحًا، ووردت روايات أن إسماعيل عليه الصلاة والسلام أول من كسا الكعبة المشرفة.
كسوة الكعبة في الإسلام
وأول من كساها بعد فتح مكة مباشرة هو النبي صلى الله عليه وسلم، وسبب ذلك أنه عندما قامت امرأة بحرق كسوة الكعبة دون قصد، كساها بيديه الشريفتين بحبرات يمانية بيضاء وقباطي مصرية، وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير، كما كساها الحجاج في زمن عبدالملك بن مروان بالديباج، وفي عهد المأمون كان يكسوها ثلاث مرات في السنة، فيكسوها بالديباج الأحمر يوم التروية، والقباطي يوم هلال رجب، والديباج الأبيض يوم 27 من رمضان.
وأول من كسا الكعبة من النساء هي نتيلة بنت جناب إحدى زوجات عبد المطلب جدّ النبي ﷺ، وأم العباس بن عبد المطلب، وعثمان بن عفان رضي الله عنه أول من كساها كسوتين في العام، وكان هذا في يوم التروية، وفي اليوم السابع والعشرين من رمضان.
و السبب في كسوة الكعبة باللون الأسود، أن الناس شكو إلى الخليفة العباسي جعفر المتوكل أن الكسوة اتسخت من كثرة التمسح بها من الحجيج، وأمر أن يتصنع لها إزاران كل شهرين، وجاء الخليفة الناصر العباسي فأمر بكسوتها باللون الأخضر، ثم باللون الأسود، واستقر على اللون الأسود حتى يومنا هذا.
الكسوة المصرية للكعبة المشرفة
لا يوجد بلد نال شرف كسوة الكعبة كما شرفت مصر بها كما ذكر قطاع المتاحف عبر صفحته بموقع فيسبوك، كان أول خليفة مسلم يطالب بعمل كسوة للكعبة من بيت مال المسلمين في مصر؛ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقام سيدنا عبدالله ابن عمر بصناعتها في مصر على نفقته الخاصة ثم سلمها لسدنة الكعبة من بني شيبة للقيام بكسائها.
ظلت كسوة الكعبة تصنع مرة في مصر ومرة في اليمن، وفي العصر الأموي صُنعت الكسوة في عدة بلدان مختلفة مثل دور الطراز بخُراسان والتي كانت تصنع الكسوة من الديباج الخراساني، ومدينة مرو الكوفة، ولكن ظلت دور الطراز بمصر تقوم بإعدادها في معظم الوقت.
وفى عهد الدولة العباسية بحث الخلفاء في مصر عن أمهر النُسّاج لصناعة كسوة الكعبة، ويقيمون لرحلتها إلى بلاد الحرمين احتفالاتٍ عظيمة، وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني أصبحت تسعُ قرى مصرية متخصصة في صنع كسوة الكعبة المشرّفة.
وفي عهد المماليك يبدأ من سرادقَ في بركة الحاج “المرج” حاليًا، وكان يجتمع إليه العلماء والأمراء والوزراء، وكان يحمل الكسوة جملٌ، عليه هودج، وحوله جمال وخيل وجنود، وكانوا يدورون به في البلاد، ويستمرون على ذلك أيامًا، تقام فيها الاحتفالاتُ، ويتلى فيها القرآن والمدائح النبوية، حتى خروج المحمل مع بدء موسم الحج إلى مكة المكرمة.
وفي العصر الفاطمي تركزت صناعة كسوة الكعبة في دور الطراز بتنيس ودمياط ومدينة الفرما، كما شارك حكام اليمن في كسوة الكعبة معظم الأحيان، لتنويع الحياكة للكسوة.
وفى العصر المملوكي استمر ت صناعة كسوة الكعبة في مصر بإحدى دور الطراز المشهورة في الإسكندرية.
وفي عهد محمد علي باشا، حظيت الكعبة المشرفة باهتمام كبير وأصبحت تُصنع في دار خاصة تعرف بــ(مصلحة الكسوة الشريفة)، وظلت مصر ترسل الكسوة حتى دخل الإمام سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود مكة ورفض دخول المحمل المصري إلى مكة الذي يرافق الكسوة لأنه اعتبره أمرا خارجًا عن الدين.
- وظل شرف صناعة كسوة الكعبة في مصر وإرسالها إلى للحرم المكي مستمرا منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب ومرورا بعهد الملك فاروق وجمال عبدالناصر ، حتى توقفت صناعة الكسوة في مصر عام 1962 بسبب خلافات سياسية بين الرئيس جمال عبدالناصر والملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود.
مواصفات الكسوة الحالية
تتكون كسوة الكعبة من خمس قطع تغطي كل قطعة وجهًا من أوجه الكعبة المشرفة، والقطعة الخامسة هي الستارة التي توضع على باب الكعبة، وتستبدل كسوة الكعبة الخارجية في التاسع من ذي الحجة من كل عام، ويتكون القماش من القطن والحرير وأسلاك الذهب والفضة، ويبلغ ارتفاع ثوب الكسوة إلى 14 مترًا، ويوجد في الثلث الأعلى منه الحزام الذي يبلغ عرضه 95 سم، وبطول 47 مترًا، والمكون من 16 قطعة محاطة بشكل مربع من زخارف إسلامية، كما توجد تحت الحزام آيات قرآنية، مكتوب عليه "يا حي يا قيوم، يا رحمن يا رحيم، الحمد لله رب العالمين"، وتشمل الكسوة ستارة باب الكعبة، ويطلق عليها البرقع، وهي مصنوعة من الحرير بارتفاع 6 أمتار ونصف، وعرضها 3 أمتار ونصف، ومكتوب عليها آيات قرآنية ومزخرفة ومطرزة تطريزًا بارزًا مغطى بأسلاك الفضة المطلية من الذهب.