الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

شجاعة قول الحقيقة

الثلاثاء 12/يوليو/2022 - 03:08 م

لدى كل فيلسوف عرفه تاريخ الفكر الإنساني نقاط في مشروعه الفلسفي يمكن تجاوزها بفعل اختلاف الزمن، ونقاط أخرى يمكن نقضها على مائدة التشريح النقدي، كما أن لديه نقاط غير قابلة للتجاوز أو النقض، يُمكن الأخذ بها، والاستفادة منها، والبناء عليها، مهما اختلفنا حول شخصيته وحياته أفكاره.

 

والنقطة غير القابلة للتجاوز والنقض والرفض في فكر الفيلسوف الفرنسي الشهير الراحل ميشيل فوكو 1984:1926، الذي ملأ بكتبه وأفكاره الدنيا وشغل الناس، رغم كل الانتقادات التي وًجهت له، والتي يجب التوقف عندها، هي محاولته لإعادة قراءة أرث المفكرين اليونانيين القدامى من أجل التأسيس النظري لما أطلق عليه "شجاعة قول الحقيقة" لدى المفكرين الأحرار من فلاسفة اليونان، وجعل تلك الشجاعة دستورًا لحياته.

 

وقد سعى ميشيل فوكو من خلال هذه القراءة الجديدة أن يؤصل لمسؤولية المفكر تجاه مجتمعه وواقعه وعالمه، بحيث لا ينفصل عنهما، مع اقتدائه بالمفكرين اليونانيين الأحرار في امتلاك "شجاعة قول الحقيقة"، بدلا من الهروب من الواجب الفكري، والتزام الصمت أو المراوغة والكذب والتدليس على الذات والناس.

 

وأظن أن شجاعة قول الحقيقة، بعد الوصول إليها، مع اليقين أنها ليست حقيقة مطلقة، بل نسبية متغيرة، هي جوهر حياة ومشروع المفكر الأصيل الحر، وهي ما تحدد قيمته في سياقه، وأثره في المعاصرين له، واللاحقين عليه.

 

خاصة لو امتلك هذا المفكر البصيرة والحكمة والقدرة على استشراف المستقبل، إلى جانب نفاذ ورصانة وأصالة الرؤية، بحيث يصدق فيه رأي قسطنطين كفافيس شاعر الإسكندرية الشهير عن بصيرة  وحكمة المفكرين، وقدرتهم على التنبؤ بما هو قادم، عندما قال:

 

وحدها الألهة تعرف ما يخبئه الغد
وحدهما تملك جميع الأنوار
والحكماء لا يُدركون من الغد
سوى ما هو وشيك الوقوع 
وأحيانًا أثناء تأملاتهم الملية 
تتيقظ حواسهم
يتناهى إليهم الداء الخفي
للأحداث التي تدنو 
وينصتون إليه بورع.

تابع مواقعنا