ما حكم منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد إليها من أحد المتابعين، نصه: إذا كانت الزوجة مقصرة في بعض العبادات الشرعية كالحجاب والصلاة، فهل يحقّ لزوجها معاقبتها على ذلك بحرمانها من بعض النفقة الزوجية كنوع من التأديب، بدعوى أنَّ ترك العبادات من النشوز الموجب إسقاطَ النفقة؟.
حكم منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب
وقالت الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني في فتوى سابقة بتاريخ 29 ديسمبر 2021: تقصير الزوجة في أداء حقوق الله تعالى كالصلاة والحجاب، من المعاصي التي تأثم عليها شرعًا، وذلك يقتضي من زوجها مداومةَ أمرها بهذه التكليفات الشرعية الواجبة عليها، والنصحَ لها، والصبرَ عليها، ولكنه لا يبيح له بحالٍ إسقاطَ نفقتها؛ فعصيانها بالتقصير فيما أوجبه الله عليها ليس مبررًا لعصيان الزوج بترك ما أوجبه الله عليه من النفقة عليها؛ إذ إن حقهَا في النفقة لا يسقط إلا بنشوزها بتفويت حق الزوج الشرعي من جهتها بدون عذر لها في ذلك، والذي يقضي بذلك الجهات المختصة وليس الزوج.
وأضافت الإفتاء: أوجب الشرع الشريف على كل من الزوج والزوجة: حقوقًا لله تعالى، وحقوقا متبادلة بينهما، وبمراعاة هذه الحقوق تقوى الرابطة الزوجية وتستقر الأسر؛ قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ.
وتابعت: قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: أي لهن من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنه: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها، فتستوجب حقها الذي لها علي.
وواصلت: ومن حقوق الله تعالى عليهما: الامتثال لأوامره، والانتهاء عن نواهيه، والنصح لله تعالى فيما بينهما؛ فعن تميم الداري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ.
خص الله تعالى الزوج بدرجة جعله بها قائمًا على أمر زوجته ومسئولًا عنها
وأشارت: ولقد خص اللهُ تعالى الزوجَ بدرجةٍ جعله بها قائمًا على أمر زوجته ومسؤولًا عنها؛ فاستوجب ذلك مزيدَ حرصٍ منه على نجاتها وسعادتها في الآخرة، كما هو مسؤول عن حاجتها وسعادتها في الدنيا؛ قال تعالى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، ويتحقق ذلك الحرص بنصحها وحثهَا على الالتزام بحقوق الله تعالى عليها، كحرصه وحثه على الالتزام بحقوقه الزوجية عليها.
ونوهت بأنه: ومن حقوق الله تعالى على الزوجة: الامتثال لطاعته تعالى في كل أوامره والانتهاء عن نواهيه كما سبق، ويتضمن ذلك الامتثال لطاعة زوجها؛ إذ إن طاعته مما فرضه الله تعالى عليها، لا سيما إذا كان يدعوها لما به صلاح حالها ورضا ربها من التكاليف الشرعية.
وأكملت: ومن ذلك: الالتزام بما فرضه الله عليها من الحجاب الشرعي، الذي أناط الله تعالى بالزوج حثهَا عليه وأمرها به كسائر العبادات والفروض؛ أمر حث ونصح، لا أمر قهْر وإكراه؛ لكونه في الأصل حقا لله تعالى؛ كما قال سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ، والزوج بشأنه راعٍ ومسؤول عن الأمر به والصبر على ذلك كشأن سائر التكليفات من صلاة وغيرها؛ كما قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه.. -حتى قال- وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ.