في ذكرى رحيله.. كيف تحول شعر عمر أبو ريشة بين إنجلترا وفرنسا؟
تحل اليوم ذكرى وفاة الشاعر الكبير عمر أبو ريشة، حيث توفي في 14 يوليو عام 1990، وهو شاعر سوري من مواليد عام 1910 تلقى تعليمه الابتدائي في مدينة حلب، وأتم دراسته الثانوية في الكلية السورية البروتستانتية، حتى سفره بعد ذلك إلى الخارج لإكمال دراسته.
وحسب رسالة ماجستير بعنوان: البناء الفني في شعر عمر أبوريشة مقدمة إلى جامعة الشرق الأوسط عام 2011، إعداد الباحث محمد خالد عواد الحيصة، فإن شعر عمر أبو ريشة مر بعدة تحولات خصوصا ما بين سفره إلى إنجلترا وباريس، ففي عام 1929م سافر عمر أبو ريشة إلى مدينة مانشستر بإنجلترا ليدرس الكيمياء والنسيج، وقد كان ذلك نزولا عند رغبة والده الذي أراد له طريقه غير الأدب والفن.
وفي أثناء إقامة عمر أبو ريشة في إنجلترا، عكف على جامعته ودراسته، ولكنه لم يهجر طريق الشعر والأدب، فقد كتب عددا من المقالات والقصائد التي كان يرسلها إلى مجلة الجهاد بحلب، وفي التاسع من يناير 1932م أرسل قصيدة طويلة عنوانها: خاتمة الحب، يتحدث بها عن فتاة أحبها وأراد الزواج منها فقدم إلى حلب ليأخذ رضا أهله بهذا الزواج، فلما عاد وجد أنها قد ماتت فتحطم قلبه وهزه الحزن فنظم قصدية مطلعها:
سطر الحب للوری
من دمي آية العبر
أية صُوّرتُ على
لوحها أحزن الصور
شمس حزني قد استوت وعجيب
أن أراني أعيش من غير ظل
أبصر الدهر ناشرا سِفر عمري
ولسان الآلام يقرا ويملي
بعد هذه الفاجعة التي أصابته وتحطم قلبه، عكف عمر أبو ريشة على الأدب وركن إلى الحزن والعزلة والهدوء، بل إنه تعلق بالدين الإسلامي، وأراد أن يعمل للدعاية له في لندن، فكتب مقالة نشرتها مجلة الجهاد بحلب في السادس من مارس 1932م عنوانها: التبشير الإسلامي وأثره في بلاد الغرب، وقد ذكر فيها أنه زار جامع لندن ولقي الهنود المسلمين وتحدث إليهم وعرف ما يصنع التبشير في آسيا وإفريقيا. وفي ذلك يقول أبو ريشة: وليعلم إخواننا المبشرون المسيحيون أن الدين الإسلامي هو دين هداية وأخلاق، لا دين تضليل ونفاق ثم بعد ذلك أرسل إلى مجلة الجهاد في الخامس والعشرين من فبراير 1932م قصيدة يبكي فيها الشيخ مصطفى نجا المفتي الأكبر في لبنان، كشف فيها عن عقيدته الإسلامية، وتعلق الشاعر بالتصوف والحكمة والفضاء.
تحول شعر عمر أبو ريشة في باريس
وبقي شعر عمر أبو ريشة على هذا الحال من الحزن والتصوف، حتى انتقل إلى باريس ليحدث تحولا كبيرا في شعره، حيث تحول شعره إلى اللهو والعبث والمرح والابتسام والأمل، فكأنه شخص آخر ولد ولادة جديدة، فنجده يقول في قصيدة له:
أفدي الحسان وأي
صبّ لا يكون فداءهنه
اللينات قدودهن
المضرمات خدودهن
النافرات الواثبات
الناهدات نهودهنه
باريس لن أنسى مهاك
ولا الكواعب من فيينه
حيث الهوي فرض عليَّ
وقبلة الرحات سنة
يذكر أن الشاعر عمر أبو ريشة له الكثير من الدواوين منها: ديوان بيت وبيان، ديوان نساء، ديوان كاجوارد، وديوان غنيت في مأتمي.