الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

لعبة التفاصيل

الجمعة 15/يوليو/2022 - 06:06 م

 من أيام قليلة بسيطة خلال عيد الأضحى وأثناء الوردية بتاعتها حست واحدة من ممرضات مستشفى معروفة في دولة الإمارات إنها جعانة وكان عندها رغبة مُلحة إنها مش عايزة تاكل من مطعم المستشفى على أساس إنها زهقت من قائمة الطعام لإنها جربتها كلها وكانت عايزة تجرب شيء مختلف.. زاد من رغبتها دي كمان إنها وبسبب العيد كان بقالها تقريبًا في المستشفى 3 أيام متواصلة فكانت عايزة تكسر الروتين ده بأى حاجة مختلفة.. تعمل إيه تعمل إيه قالت لك هطلب أوردر من ماكدونالدز!.. دي مش أول مرة تطلب من ماك وكانت طلبت قبل كده كذا مرة لكن على عنوان السكن بتاعها ودي كانت أول مرة هتطلب من المستشفى.. من خلال الأبلكيشن عملت الأوردر وغيرت في تفصيلة العنوان وخلّته على المستشفى.. لحد هنا تمام التمام.. على الناحية التانية كان فيه موظف من ماك بيستقبل الأوردر ولاحظ إن العميلة اللي طلبت طلبها غيرت العنوان اللي متعودة عليه من عمارة سكنية لمستشفى وحس إن فيه حاجة غلط!.. يا عم ما تنفذ الأوردر وخلاص هو أنت هتعمل تحقيق!.. لأ.. الموظف عمل تصرف عبقري وإنساني!.. وصل الأوردر والممرضة استلمته وطلعت بيه على الأوضة بتاعتها وفتحته ولقت معاه ورقة صغيرة!.. مكتوب فيها: (مرحبًا، لقد رأينا أنكِ قدمتي طلبك من المستشفى!، نتمنى أن تكوني على ما يرام، حساب طلبك هذه المرة علينا).. الممرضة كتبت اللي حصل على السوشيال ميديا وانتشر بشكل مُلفت والكل كان متفق إن اهتمام الموظف بالتفاصيل اللي جايز كانت عدت على أى حد تاني غيره كان هو بطل الحكاية.. الاهتمام بالتفاصيل هو اللي دايمًا بيكسب.

هدية المطعم للممرضة

• في سنة 1975 كان المواطن الأمريكي "روي رايموند" واللي بيحب مراته جدًا بشكل يفوق الوصف بيفكر في هدية لعيد ميلادها.. الفكرة إن "روي" وعلى مدار سنين خطوبتهم وقبلها في بداية قصة حبهم ثم سنين جوازهم كان تقريبًا اشترى ليها كل اللي ممكن ييجي في البال من هدايا خصوصًا كمان إنه شخص حساس لأبعد حد ودايمًا بيبقى حريص يختار الهدايا بعناية ومهما كانت تكلفتها رغم إن ظروفه المادية كان يوم فوق ويوم تحت بس كله يهون مادام الأمر تعلق بمراته.. المشكلة إن مع عدم تفويته لأى مناسبة ومع كثرة الهدايا اللي اشتراها بدأت قائمة الاختيارات تقل بالتدريج.. هجيب شنط؟.. جبت قبل كده.. هجيب أحذية وفستاين؟.. مليانة عندها.. ساعات؟.. مستحضرات تجميل؟.. كل ده موجود ولو جبتهم تاني هيبقى تكرار.. بعد شوية تفكير كتير قرر إنه يجيب لها ملابس داخلية من ماركة غالية شوية ودي كانت أول مرة هيشتري حاجة زى دي!.. بس لحظة.. فيه تفصيلة مهمة لازم تكون عارفها عن شخصية "روي" قبل ما نكمل وهي إنه شخص خجول جدًا وبشكل غريب!.. يعني اللي هو من أقل كلمة أو بصة ممكن وشه يجيب ألوان ويتحرج ويجيب عرق من كل مكان في جسمه حتى لو كان الموقف لا يستدعي أساسًا.. أهي التفصيلة دي كان غايبة عن باله وهو بيستقر على الهدية اللي هيجيبها!.. دخل محل معروف لبيع الملابس الداخلية ولقى قدامه موظف بيبتسم وبيسأله عن طلبه!.. "روي" هنج لحظة كده وبص حواليه وفوجيء إن كل اللي موجودين في الوردية موظفين رجالة!.. إزاى موظفين رجالة وبيبيعوا ملابس داخلية للسيدات!.. إيه العك ده.. بس خلاص بقى كان اللي حصل حصل فتمالك "روي" نفسه وحاول يبان ثابت قدام الموظف وقال له إنه عايز يشتري ملابس داخلية لمراته!.. الموظف اللي كان متعود على طلبات الزباين بدأ يسأل "روي" عن تفاصيل التفاصيل.. المقاس، حجم الجسم، السن، الطول، الأولان المفضلة!.. مع كل سؤال من دول كان ارتباك "روي" بيزيد ومش بيعرف يرد وللأسف الموظف ماكنش فاهم إن طبيعة الراجل اللي قدامه خجولة بالشكل ده فبدأ صبره يخلص ويفش وينفخ!.. مع كثرة الأسئلة بدأ "روي" يتخنق وخرج من المحل بدون ما يرد على ولا سؤال بعد كمية من التهتهة واللجلجة في الكلام!.. ركب عربيته وبدون ما يتحرك بيها بص على وشه في المراية الأمامية والضيق والخنقة مسيطرين عليه وهو زعلان من نفسه على كمية الخجل اللي بقت بتعطل حاجات مهمة في حياته دي.. بس مع زعله من نفسه هو كمان كان زعلان من إن براند كبير ومهم زى ده بمعايير وقتها إزاى مش بيراعوا إن ممكن زباين رجالة ييجوا ويشتروا لزوجاتهم ووارد يكون فيه زوج محرج زيه، وإزاى أصلًا يكون المحل كل اللي شغالين فيه رجالة وهو بيبيع شيء خاص جدًا بالسيدات!.. الموضوع كله كان مش مفهوم بالنسباله.. رغم إن "روي" اتصرف واشترى هدية بديلة لمراته بس فضل الموضوع ده بتفاصيله الصغيرة هو الشغل الشاغل له لدرجة إنه وبعد كام شهر بس من القصة دي بيقرر ياخد قرض من البنك ويعمل مشروع لبيع ملابس داخلية فخمة وغالية للسيدات وكان حريص من اللحظة الأولى على التركيز على التفاصيل الصغيرة اللي ضايقته من خلال تجربته الشخصية.. معظم إن ماكانش كل اللي شغالين في معظم فروع المشروع هما من السيدات.. حتى لو اللي هيشتري راجل فاللي هتبيع سيدة.. طب ولو دخل المحل وكان ضارب لخمة ومش عارف يمينه من شماله ومش فاهم حاجة هيساعدوه إزاي؟.. منع تمامًا إن اللي بيبيع يقول أسئلة رخمة ومحرجة للي بيشتري وخلّى الموضوع يكون عبارة عن اختيار من خلال الصور بس ولو الزبون أو الزبونة عايز يستفسر اللي واقف هيجاوبه فورا.. يكبر المشروع في خلال سنين بسيطة ويبقى أهم مكان لبيع كل احتياجات السيدات من كل نوع من أول الملابس الداخلية ولحد العطور والشنط ومستحضرات التجميل وغيره.. ويبقى اسمه "فيكتوريا سيكريت".. البراند اللي مفيش سيدة في العالم ماتعرفوش، واللي بدايته كانت بسبب تركيز من صاحبه على التفاصيل. 

روي دايموند مؤسس فيكتوريا سيكريت

• لو سألت حد عن سبب حبه لشخص ما غالبًا هيتوه شوية قبل ما يجاوبك.. التوهة مش سببها إنه مش لاقي سبب أكتر ما هي عدم قدرة على تحديد سبب واحد بعينه.. المحبة مالهاش سبب لكنها مجموعة من التفاصيل الصغيرة اللي اتجمعت وخلقت الحالة.. حتى في وقت الخلاف كمان مش بيفرق بين الطرفين المشاكل الكبيرة قد ما بتبقى التفاصيل الصغيرة هي السبب.. زعلة على قمصة على عدم تقدير على تكرار لنفس سبب الغلطة.. التراكمات هي اللي بتكتب كلمة النهاية.. اللي بيهتموا بالتفاصيل مش موسوسين ولا مروشين ولا فاضيين.. أى حاجة فيها إهتمام بالتفاصيل حتى لو طولت شوية لازم في الآخر تنجح.. شغل، علاقات، تجارب جديدة.. اتأخر في تسليم شغل لو هيكون المقابل إنك تهتم بكل تنتوفة فيه وتطلعه 100%.. اتأخر في الارتباط مش مهم لو المقابل إنك هتنقي على الفرازة وتدرس تفاصيل شريكك اللي تضمن لك إنك اخترت صح.. طب ولو الاهتمام بالتفاصيل خلّاك تشوف حاجات اتسببت في قفل أبواب كانت مفتوحة وشُفت ناس على حقيقتهم؟.. عز الطلب.. دي برضه فايدة.. دايمًا الحقيقة بـ حلوها ومُرها معششة في التفاصيل.. التفاصيل ممكن تبان صغيرة أو تافهة أو سهلة بس في النهاية هي المكون للصورة الكبيرة.. الوقت الرايح في الاهتمام بالتفاصيل وقت مش ضايع.

تابع مواقعنا