الطريق إلى الحوار
توافرت عوامل كثيرة ربطت العالم بعضه ببعض، فالتقدم التكنولوجى جعل من العالم قرية صغيرة، فقديما كانت وسائل التواصل بين الحضارات القديمة والتعرف عليها كانت عن طريق التجارة، واكتشفنا حضارات مختلفة وثقافات ولهجات ولغات وهوية كل جماعة عرقية، وبرغم انتشار الاقتتال مع اتساع مساحة الأرض إلا أنهم كانوا يبحثون عن الحفاظ على هويتهم والبحث عن مجد زائف من خلال توسعاتهم، عوضا عن البحث عن قيم مشتركة وانصهار الثقافات للعيش فى سلام، فالصراعات تزهق الأرواح وتهدم حضارات كانت قائمة.
يعقد مؤتمر المناخ كل عام فى دولة ما، ويحضره قاده دول العالم وحكامه، وتوجد منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومنظمات كثيرة دولية كان هدفها إحياء عملية السلام ونبذ الحروب وتأصيل الحوار بين الحضارات للبناء على التراث الإنسانى فيما بينهم.
فبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى كان العالم ينتظر حرب أخرى أكثر دموية، راح الملايين ضحايا للغرور والكبرياء من المتحاربيين، وعندما انتهت الحرب خلفت الدمار والخراب والفقر وتشريد الملايين وقتلى وجرحى، فهل تعلمت البشرية من ذاك الدرس؟
فمنذ نشأة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية واستنادا إلى دورها الذى نص عليه الميثاق هو تحقيق السلام بين دول العالم، والحفاظ على السلام بين الشعوب والبيئة العالمية وحماية التراث الطبيعى للإنسانية.
لكن للأسف السلام الحقيقى القائم على العدل ما زال أمل بعيد المنال فى مواضع شتى فى دول العالم.
ففى دول العالم الثالث الضعيف برغم بيئتة الغنية بكل خيرات الطبيعة وموقعة الاستراتيجى والذى جعل منه غنيمة للدول الكبيرة المستعمرة أو المتسلطة الآن بعد رحيل الاستعمار، أصبح الأستعمار نوعا جديدا مستغلا هيمنته للتدخل فى شئونها ونهب خيراتها وتسلط حكامهم الرمزيين على شعوبهم بالقهر برغم ما تعانيه شعوبهم من فقر وجهل.
فالدول الكبرى ومن بعد الثورة الصناعية غابت عنها الإنسانية، لا تبحث فقط إلا عن طموحات شعوبهم وعلى حساب شعوب مستعمرة أو مقهورة تحت حكم سلطوى بتدخلاتهم وهيمنتهم كما يحدث فى قارتنا السمراء الآن من تعدٍ على البيئة وتجريف وتصحر لغاباتها الشاسعة، ووفقا للتقرير الدولى فإن القارة الإفريقية أكثر عرضه للتغير المناخى وعدم قدرتها على التكييف، ومن المتوقع أن القارة ستشكل نصف انبعاثات التلوث فى العالم بحلول 2030، إن لم تتحرك تلك الدول فى وقف تلك الإنبعاثات بالسيطرة عليها.
فتغير المناخ ودرجات الحرارة والأمطار ونمط الزراعة والجفاف والتصحر يؤدى إلى كارثة إنسانية كبيرة جدا.
أتمنى من قادة دول العالم الذين سيجتمعون فى شرم الشيخ فى مؤتمر المناخ، أن يضعوا نصب أعينهم أنهم السبب فى حل تلك الإشكالية التى تهدد الإنسانية جميعا بما فيهما شعوبهم.
ففى الحرب الأخيرة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا قد تأثر بها العالم أجمع مع أنها حرب غير مبررة، فروسيا تدعي أسباب للعدوان على دولة ذات سيادة بدعوى محاربة النازيين الجدد وحماية أمنها الإقليمى بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وأوكرنيا ومن ورائها كل دول الاتحاد الأروبى والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا فى حلف ضد روسيا، ولم تستطع كل المنظمات الدولية وكل تلك الدول وقف الحرب برغم تداعيات آثارها على الجميع بدون استثناء، فنحن فى مصر تأثرنا كثيرا لأننا أكبر مستورد للقمح منهما وأن اعتمادنا على السياحة من البلدين فى المقام الأول، ناهيك عن ارتفاع أسعار الطاقة وتهديد الأمن الغذائى لعدم قدرة أوكرنيا تصدير حاصلاتها عبر موانيها، والدمار الشامل الذى أصاب أوكرانيا وتدمير بنيتها التحتية فعلى لسان وزير خارجيتها تم تدمير 24 ألف كيلو متر من الطرق و6.3 الآف من السكك الحديدية و41 جسر و621 من المنشآت الصحية و1123 منشأه تعليمية و192 مبنى ثقافي و115 مبنى دينى و99 مبنى إدارى و19 مركز تسوق، وتحتاج لـ 750 مليار دولار لإعادة الإعمار متى توقفت تلك الحرب، بخلاف آلاف الجرحى والقتلى والدمار فى كل الربوع، وعالم مهدد فى أمنه الغذائى، ووسط مخاوف من الاندفاع إلى حرب نووية تقضي على الأخضر واليابس وكأننا لم نتعلم الدرس من حروب سابقة.
وحقا لم نتعلم الدرس برغم كل ويلات تلك الحروب وآثارها البيئية ووسط سباق محموم للتسلح النووى وسباق التسليح فى العموم.
حتى منطقتنا العربية تعانى فى ليبيا واليمن والصومال والعراق وسوريا وفلسطين الصامدة.. الجميع يعانى، ويجب أن تتوقف عجلة الحروب وتدمر تروس تلك الآلات والبحث عن بدائل للتفاهم بالحوار والتكامل وترسيخ قيم التعاون فى كافة المجالات ثقافية وسياسية واقتصادية وعلمية وغيرها، والمحافظة على بيئة نعيش فيها جميعا شعوبا مختلفة الأعراق تجمعهم الإنسانية والحفاظ على حياة كل إنسان.
أتمنى أن تكون رسالة مؤتمر شرم الشيخ القادم من أجل بيئة صحية.. يجب أن يسود السلام ونبحث عن القواسم المشتركة لتأكيد وحدة الشعوب ونبذ الحروب وحماية الأرض من فورانها.