الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

"فاكرين"

الجمعة 22/يوليو/2022 - 05:49 م

من القصص اللي كان لها صدى مهم واللي تم نشرها في أكتر من جريدة منهم قسم القصص الإنسانية في "نيويورك تايمز" قصة المواطن الأمريكي "ماثيو" الشخص المعروف عنه التزامه الأخلاقي والإنساني والتزامه الديني اللي بدرجة كبيرة بيخلّوا شخصيته أقرب للطبع العربي منه للأجنبي ويمكن التفاصيل الصغيرة دي هي سبب محبة وتقدير الكل لـ "ماثيو" سواء أصدقاء أو أسرة أو خطيبة.. كل الأمور كانت ماشية بمنتهى الطبيعية لحد ما في يوم فوجئ الكل إن "ماثيو" بيعمل تصرفات بعيدة عن شخصيته بنسبة 180 درجة!.. يعني إيه؟.. يخرج بالليل من أوضته ويزعق في والدته بعنف وعادي إنه يمد إيده عليها!.. يشتم أخته اللي بينه وبينها علاقة أخوية عبقرية ولُطف مالوش زى!.. لو مطبق في الشغل وسهران ممكن يعمل غلطات تبوظ مجهود كل زمايله خلال اليوم ووارد إنه يهزر مع اللي جنبه منهم هزار تقيل وبارد ودمه يلطش!.. يدخل السوبرماركت بالليل وواقف منتظر دوره عشان يحاسب مثلًا فممكن تلاقيه راح زاقق كل الرف بتاع منتج من المنتجات وقعد يضحك ضحك هيستيري!.. جنان في جنان ومالوش تفسير.. الغريب إن تفاصيل وش وتصرفات "ماثيو" بتقول إن ده شخص مخمور بنسبة 100%.. الضحك والصوت العالي والمشى بـ مطوحة وعدم إتزان واللسان التقيل في النطق وغيره!.. تاني يوم الصبح يعاتبوه ويلوموه أنت يا عم "ماثيو" عملت كذا كذا كذا.. يقول والله ما حصل!.. يعني نكدب عيوننا وآثار اللي عملته ونصدقك!.. أنا فعلًا معملتش حاجة.. طبعًا محدش كان بيصدقه والظن اللي بقى غالب عند الكل إنه بيصيع عليهم وبيشتغلهم عشان يداري على إنه بدأ يشرب!.. يا خسارة أدبك وأخلاقك يا "ماثيو"!.. وضع محير، وغريب لدرجة إن هو نفسه بقى مصدق إنه بيشرب.. بس إزاى؟.. أكيد حد بيحط لي حاجة في الأكل.. لكن ده هيحصل فين وإمتى وأنا كل أكلي من مطاعم من بره أو أكل من إيد أمي وأختي!.. الوحيدة اللي كان عندها شك إن فيه حاجة مش مظبوطة هي خطيبته "آن".. هي اللي وقفت لـ والدته وأخته وأصدقاء عمره وقفة رجولة مش كتير تلاقيها في رجالة أساسًا.. "آن" كان منطقها سليم بنسبة كبيرة وهو إزاى إننا ننسى انطباعنا وفكرتنا عن شخص جنبنا بقاله سنين وبنحبه وبيحبنا ونعرفه ونعرف مواقفه وجدعنته لمجرد إن فيه تصرف غريب صدر منه!.. مين اللي يكسب؟.. مين اللي المفروض يغلب؟.. الانطباعات الحلوة الكتيرة ولا انطباع واحد سيء!.. محدش بيتقلب 180 درجة كده بدون سبب ولا مقدمات.. ومحدش بيقدر يمثل عمره كله إنه شخص وفجأة يتحول لشخص تاني.. عشان كده وعشان يبقى كلامها مبني على أفعال راحت لـ "ماثيو" وقالت له جملة عظيمة.. "أنا عرفت عنك ما يكفي لعدم تغير صورتك في عيني للأبد".. أخدته من إيده ولفت بيه على كذا دكتور في كذا تخصص عشان يدوروا على الحلقة الناقصة في الموضوع وكانت المفاجأة!.. الأخ "ماثيو" مصاب بـ متلازمة التخمر الذاتي.. يعني إيه؟.. يعني كل ما ياكل أى أكل فيه كربوهيدرات أو سكر؛ جهازه الهضمي يحولهم فورًا لـ كميات كبيرة من كحول الإيثانول وبالتالي يبقى زيه زى السكران بالظبط غصب عنه.. بدأت التفسيرات لكل تصرفاته الغير منطقية تظهر.. فعلًا كل المرات اللي عمل فيها عمايله الغريبة كانت بالليل وبعد العشاء مباشرة سواء كان في البيت أو في الشغل بتاعه.. بدأ "ماثيو" رحلة علاجه اللي كان الدكاترة واضحين جدًا معاه إنها هتكون رحلة طويلة شويتين تلاتة ومش محتاجة منه غير الصبر وكده كده أقصى حاجة هنقدر نوصل لها هتكون حل جزء والتكيف مع الجزء الباقي.. هو ماكنش فارق معاه من القصة كلها غير إنه عرف يختار صح إنسانة وفية ومخلصة مانسيتش كل الحلو بتاعه بـ تصرف وحش واحد زى ما الباقيين عملوا أو إنها اتلككت عشان تطلعه إنسان سيء.. لأ.. هي آمنت بيه، وبانطباعها عنه إنه شخص جدع ومخلص ومحترم ووفي وكسبت الرهان.. كانت الوحيدة اللي كسبت الرهان وكسبت قبله قلب "ماثيو" للأبد.

لازم تهيأ نفسك إن عادي جدًا كتير من الناس اللي حواليك ينسوا بمنتهى الجحود والفُجر كل مواقف جدعنتك، ويمشوا بمنتهى السهولة والهبل ورا شياطنهم أو شيطان غيرهم إنك إنسان سيء رغم إن تاريخك معاهم بيقول العكس!.. للأسف فيه كتير عندهم من النمردة وقلة الأصل؛ اللي يخلّيهم ينسوا الحلو بالوحش، ويسلطوا الضوء على العيوب رغم ندرتها، ويتجاهلوا المميزات رغم كترتها.. ماتحكمش على حد من بره أو من غلطة أو من مرة، ومينفعش تاريخ حد أنت عارفه ومعاشره تتمسح بأستيكة في لحظة!.. من هنا بتبان أهمية وقيمة القليلين اللي بيصدقوا فيك وقت ما بيكدبك الكل، واللي بيسندوك وقت ما بيتخلّى الكل، واللي بيفضوا فاكرين مهما نسي الكل.

تابع مواقعنا