هل ذكر العنكبوت والحمامتين في هجرة النبي صحيح؟.. الإفتاء تجيب
ردت دار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد إليها من أحد المتابعين نصه: هل ذكر العنكبوت والحمامتين في هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحيح؟.
وقالت الإفتاء في فتوى سابقة عبر موقعها الإلكتروني بتاريخ 05 سبتمبر 2018: نعم صحيح، وثابت بروايات صحيحة من طرق كثيرة في كتب السنة والسيرة، وممن أخرجها الأئمةُ: عبد الرزاق، والطحاوي، والطبراني، والسيوطي، كما صححها جماعة من كبار المحدثين وحسنوها؛ منهم: الحافظ ابن كثير، والحافظ الهيثمي، والحافظ ابن حجر العسقلاني.
ذكر العنكبوت والحمامتين في هجرة النبي
وأضافت الإفتاء: وردت قصة نسج العنكبوت على الغار ووقوف الحمامتين عليه وقت الهجرة النبوية الشريفة في كتب السنة المشرفة والسيرة المطهرة برواياتٍ صحيحةٍ مشهورةٍ مروية من طُرق كثيرة؛ فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوك، قَالَ: تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصْبَحَ فَأَثْبِتُوهُ بِالْوَثَاقِ، يُرِيدُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ اقْتُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَخْرِجُوهُ، فَأَطْلَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَبَاتَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم حَتَّى لَحِقَ بِالْغَارِ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَ عَلِيًّا رضي الله عنه يَحْسَبُونَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْا عَلِيًّا رضي الله عنه رَدَّ اللهُ مَكْرَهُمْ فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ خُلِطَ عَلَيْهِمْ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَمَرُّوا بِالْغَارِ، فَرَأَوْا عَلَى بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ، فَقَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ.
وتابعت الإفتاء: وأخرجها عدد كبير من أئمة الحديث؛ كالإمام عبد الرزاق في مصنفه، والحافظ أبو بكر المروزي في مسند أبي بكر الصديق، والإمام الطحاوي في شرح مشكل الآثار، والحافظ الطبراني في المعجم الكبير، وذكرها أيضا الإمام جلال الدين السيوطي في الدر المنثور، والملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، وغيرهم، كما أوردها المؤرخون وأهل السير في أحداث الهجرة النبوية الشريفة من غير نكير، سيما أنه قد التزم جماعة منهم الصحة أو القبول فيما يذكرونه.
وأكملت: وقال شمس الدين السفيري في شرحه على صحيح البخاري المسمى المجالس الوعظية: ففي هذه إشارة إلى حماية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أعدائه من الكفار؛ وقعت بأضعف الأشياء مغنية عن أقوى الأشياء؛ وقعت بنسج العنكبوت وهو أضعف الأشياء؛ قال تعالى: وَإِنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنكَبُوتِ، مُغنية عن الدروع التي قال الله عنها: وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّنْ بَأْسِكُم.
واختتمت الإفتاء: والخلاصة: أن قص نسج العنكبوت على الغار ووقوف الحمامتين على بابه في حادثة الهجرة الشريفة قصة ثابتة برواياتٍ صحيحةٍ من طرقٍ كثيرةٍ في كتب السنة والسيرة، ولا مطعن على مضامينها بوجه من الوجوه، والله سبحانه وتعالى أعلم.