من الغرف المغلقة إلى الشارع.. صدام جديد في العراق يثير مخاوف الاقتتال الأهلي
خرجت خلافات البيت الشيعي السياسية في العراق، من الغرف المغلقة التي شهدت مفاوضات على مدى أشهر، إلى الشارع الذي بات يشهد احتجاجات وحشدا متبادلا بين طرفي الأزمة التيار الصدري، الذي كان يمتلك أغلبية برلمانية، والإطار التنسيقي، الذي يضم الأحزاب والحركات الشيعية الأخرى الخاسرة في الانتخابات.
ومنذ إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، أكتوبر الماضي، فشل البيت الشيعي على التوافق حول اسم رئيس الوزراء الجديد، والتشكيلة الحكومية، فبينما رغب الصدر في تشكيل حكومة أغلبية بعد فوزه بالكتلة الأكبر في البرلمان، كان الإطار التنسيقي الذي يُنظر إليه بأنه مدعوم من إيران، يرغب في تشكيل حكومة توافقية.
وفي نهاية المطاف انسحب التيار الصدري من البرلمان والعملية السياسية برمتها، تاركا الساحة للمستقلين والإطار التنسيقي، قبل أن يدفع أنصاره إلى الشارع واقتحام مبنى البرلمان، احتجاجا على ترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، وهو اسم يرفضه الصدريون تماما باعتباره محسوب على نوري المالكي، رئيس حزب الدعوة ورئيس الإطار التنسيقي، والمقرب من إيران.
وفي المقابل، أطلق الإطار التنسيقي مظاهرات مضادة ودعا أنصاره إلى النزول للشارع، لكن قوات الأمن العراقية منعت المتظاهرين من اقتحام المنطقة الخضراء التي يقع فيها مبنى البرلمان ويعتصم بها أنصار الصدر.
وتثير هذه الخلافات ووصولها إلى الشارع العراقي، مخاوف من الانزلاق إلى اقتتال أهلي، فكلا الطرفان مدججان بالسلاح، وإن كان يؤكدان حاليا على عدم إراقة الدماء، وصرح الصدر، في كلمته اليوم: كما عهدتموني فإنني لم ولن أرضى بإراقةِ الدماء ولن ابتدئ بذلك إطلاقًا وإن أقدموا على ذلك.
ودعت أطراف سياسية عدة، شيعية وسنية وكردية، إلى الحوار لحل الأزمة، لكن الصدر يرى أنه لا فائدة منه بعد تجربته لأشهر، فضلا عن الانتقال لمرحلة الشارع، و"بعد أن قال الشعب كلمته"، وفق قوله.
ودعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الأطراف السياسية إلى الحوار لحل الأزمة، كما طرح رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، مبادرة أخرى للحوار وحل الأزمة، ودعم هذه المبادرات أطراف سياسية مختلفة، من بينها أطراف بالإطار التنسيقي.
الصدر: لا فائدة من الحوار
وفي كلمة اليوم، قال مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، إنه لم تعد هناك فائدة من الحوار، بعد تجربته لأشهر، قائلا: لا تذعنوا لإشاعاتهم بأنني لا أريد الحوار، لكن الحوار معهم قد جربناه وخَبِرناه وما أفاءَ علينا وعلى الوطنِ إلا الخراب والفساد والتبعية على الرغم من وعودهم وتوقيعاتهم، فلا فائدة تُرتجى من الحوار وخصوصا بعد أن قال الشعب كلمتهُ الحرة العفوية.
وطالب الصدر بحل مجلس النواب الحالي، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، بعدما سئم الشعب من الطبقة الحاكمة، مؤكدا أنه لن تكون للوجوهِ القديمة مهما كان انتماؤها وجود بعد الآن، من خلال عمليةٍ ديمقراطية ثورية سلمية أولا، ثم عملية ديمقراطية انتخابية مبكرة بعد حل البرلمان الحالي، وفق قوله.
وعلق نوري المالكي، رئيس الإطار التنسيقي، ومنافس الصدر، على كلمة الأخير، قائلا إن الحوارات الجادة التي نأمل منها حسم الخلافات وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح تبدأ بالعودة إلى الدستور واحترام المؤسسات الدستورية، وذلك في إشارة إلى رفض جديد لعملية تغيير النظام السياسي، التي نادى بها الصدر قبل أيام.
ويرى المالكي، أن تغيير النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية، هو بمثابة انقلاب، وذلك بعدما دعا الصدر قبل أيام إلى تغيير جذري للنظام السياسي وتنفيذ إصلاح ثوري يعيد العراق للعراقيين بعيدا عن الفساد والولاء للخارج.
انشقاقات لم تعد خافية في صفوف الإطار
وفي مظهر جديد للانشقاقات التي ضربت صفوف الإطار التنسيقي، رحب رئيس ائتلاف النصر أحد مكونات الإطار، حيدر العبادي، رئيس الوزراء الأسبق، بخطاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قائلا: أرحب بما جاء بخطاب السيد مقتدى الصدر، وهي تلتقي من جوانب عدة مع مبادرتنا لحل الأزمة.
وأضاف: أُحيي خطواته وجميع الإخوة لحفظ الدم وتحقيق الإصلاح، داعيا الجميع إلى التكاتف لخدمة الشعب وإصلاح النظام وتدعيم الدولة الدستورية، ومن خلال عملية ديمقراطية سليمة وسلمية.
وعلى النقيض، قال هادي العامري، إنه لا حل للأزمة الحالية إلا عبر تهدئة التشنجات، والجلوس على طاولة حوار، مجددا تأييده لدعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لحوار وطني شامل.