أمريكا تتحدى الصين
كان الترقب هو الانطباع الذي ساد العالم أجمع عند تداول مسار طائرة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لمعرفة وجهتها، فإذا هي تايوان وتعد هذة هي الزيارة الأولي لمسؤول أمريكي رفيع المستوي منذ أكثر من 25 عام.
زيارة التحدي إلى تايوان مقدمة لأحداث مبعث ترقب وانتظار لأجل معرفة رد الفعل الصيني.
هذه الزيارة تعد الجولة الأولى من الصراع حول من له الحق في تحديد بداية الحرب الأمريكية الصينية سواء بشكل مباشر أو بالوكالة والاستحواذ والهيمنة على صناعة الذكاء الاصطناعي في العالم، لأن تايوان هي الأولى عالميا وفقا لآخر إحصائية لعام 2020 في إنتاج الرقائق الإلكترونية بكل أنواعها متفوقة على الصين واليابان والهند وأوروبا وأمريكا فهذه الرقائق الإلكترونية التي تعتمد عليها صناعة السيارات والغسالات والهواتف الذكية والذكاء الاصطناعي والروبوتات وأجهزت الحاسب الآلي فائقة السرعة، ويعتمد عليها بشكل أساسي في تقنيات الجيل الخامس والسادس وتشهد صناعة التكنولوجيا حول العالم منعطف حرج بسبب نقص إنتاج الرقائق الإلكترونية بعد جائحة كرونا.
إذا هذه الزيارة بمثابة الإعلان عن تخلي أمريكا عن سياسة ومبدأ الأرض الصينية الواحدة، واعتبار تايوان جزءا منفصلا عن الصين، ويرجع مصطلح الأرض الصينية الواحدة إلى عام 1979عندما اتجهت الولايات المتحدة للاعتراف بحكومة بكين وعدم الاعتراف بجمهورية الصين في تايوان، وذكرت الولايات المتحدة أن حكومة الصين الشعبية كانت الحكومة القانونية الوحيدة للصين، ما يعني أن حكومة جمهورية الصين هي الصين الوحيدة مع عدم الاعتبار للحكومة الموجودة في تايوان ككيان منفصل له سيادة.
وهنا أمريكا لا تريد أن تستوعب أن عصر القطب الواحد التي استحوذت عليه بعد تفكك الاتحاد السوفيتي والهيمنة على العالم وفرض الإرادة قد انتهى.
لكن يبدو أن أمريكا تسعى لنشر الفوضى بين الدول الكبرى اقتصاديا وعسكريا، من خلال التدخلات الخارجية، فكانت البداية بين روسيا وأوكرانيا والآن الصين وتايوان، وعلى هذا المستوى فإن الصين لم تخسر بل انتصرت لتجنبها المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من أن خسارة السمعة هو أمر غير سار في السياسة العالمية فإن النصر وحسم الصراع أكثر أهمية وكلما تأخرت الصين كان أفضل.
هبطت طائرة بيلوسي بسلام وغادرت بسلام، ومن كان يتوقع قيام حرب مباشرة بين الصين والولايات المتحدة عسكريا شخص ساذج، تفادت الصين الفخ الأمريكي الذي تم التخطيط له بعناية، رغم أن تصريحات ساسة الدولة كانت تشير إلى عمل عسكري، وهذا كان الفخ، لكن الصين تدرك أن أكبر استثماراتها خارجيا توجد في أمريكا، وتصل إلى تريليونات الدولارات لذلك تدرك الصين في حال تصادمت مع الولايات المتحدة سيتم تجمد أموالها وسيكون مصير هذه الأموال مثل الأموال الروسية كما فعلت أمريكا بعد الحرب الروسية الأوكرانية ومن ذاوية أخرى هم ليسوا أغبياء ولكنهم يدركون أن الحرب بـ أسلحة الدمار الشامل الكل فيها خاسر ونتائجها تدمير أوطانهم ووإضعاف أنفسهم.
أما بالنسبة للولايات المتحدة فلم تجلب زيارة بيلوسي أي فوائد طويلة الأمد، بل إن العكس صحيح والخسائر الأمريكية واضحة، وفي رأيي يوجد سيناريو سيتحقق ذاتيا في المستقبل عندما يتم استئناف الأعمال التجارية من كلا الجانبين انتظارا للعقوبات المتبادلة، وستكون تقليص حجم العلاقات التجارية بين البلدين هنا الصين لديها الكثير من ورق الضغط على الاقتصاد الأمريكي، وأتوقع أن تسحب الصين جزءا كبيرا من استثماراتها في أمريكا خاصة سندات الخزانة لذلك من المتوقع سحب أموالها تدريجيا كي لا تكون مثل روسيا وهذه إحدى خطوات الرد الصيني.