حكاية الحاجة نبيلة.. 60 عاما من الغناء الفلاحي: قلبي بينفتح لما أغني
اعتادت الطفلة نبيلة وهي ترافق والديها لجمع محصول القطن أن تستمع إلى غنائهم، لم تدرك ذو العشر سنوات حينها كيفية الغناء، لكنها كانت تدندن معهم هي وغيرها من الصغار، يشاركونهم جمع ما استطاعوا من محاصيل البامية والقطن والذرة في إحدى القرى بـ محافظة الشرقية، يمر اليوم سريعا رغم حرارة الشمس، ولا تشعر نبيلة سوى بالبهجة وهي تردد الغناء الفلاحي.
60 عام من الغناء الفلاحي
يمر العمر ولم تتخلى الحاجة نبيلة عن الغناء: طول مانا قاعدة بغني بحس إن قلبي انفتح، تجده ونس لها في حياتها اليومية، حتى وهي تصنع كوب الشاي تستمع إلى غناها، تحفظ عن ظهر قلب جميع الأغاني الفلاحي، لا تعجز عن إيجاد الكلمات التي تعبر عن المناسبات المختلفة، وهي أول الحاضرين في الأفراح، والحنة لتشارك السيدات الغناء والتصفيق، تقول نبيلة: النسوان بيشيلوا الحنة على رأسهم وأنا بمشي أغني وراهم بالرق.
تغني لأم كلثوم
وكأن الأقدار تسير كما ترضى تزوجت نبيلة من عازف بالأفراح الشعبية، ولم ينقطع وصالها بالغناء واتخذته وسيلة لكسب الرزق، تقول: بغني الأغنيتين دول في الحنة اللي تديني خمسة جنيه، عشرة جنيه، لم تدرس نبيلة الغناء أو تنضم إلى فرقة ولا تعرف ماهية النوتة الموسيقية، فقط غناء فلاحي من تأليفها تتسامر به مع شريك حياتها فتضيف: ربنا يرحمه كان بيقولي قولي اللي تقوليه المهم ندردش ونسلي بعض.
لم يبق للحاجة نبيلة سوى الغناء والعباءة الفلاحي التي ترتديها مع بعض التجاعيد التي تكسو وجهها، ورث أولادها حب العزف والغناء فاصبحوا هم فرقتها، يفترشون الأرض الزراعية ويعزفون سويًا ألحان أغنية هو صحيح الهوي غلاب لأم كلثوم، ترى الموهبة تنمو وتكبر في ولديها، فأحدهم يغني بالأفراح الشعبية والآخر متخصص عزف آلتي الأورج والناي، وتقول نبيلة: ولادي فنانين ومدفونين إحنا مدفونين أنا وعيالي.
ستون عامًا ترى تبعاتهم في النظارة الطبية التي ترتديها نبيلة، فهي تعاني من مياه بيضاء على عينيها، ونظرا لضيق حالتها لم تستطيع تحمل تكلفة العملية التي أوصي بها الدكتور، تقول: اللي بحلم به أن حد يعمل لي عملية في عيني أنا معييش إلا الستر بتاع ربنا.