تحديات النفايات الرقمية
منذ عدة أعوام، انقلبت حياة مواطن بريطاني، رأسا على عقب؛ بعدما تخلص من وحدة تخزينية، بحجم هاتف ذكي، وتكمن المعضلة هنا، أن هذه الوحدة كانت تحتوي على 8000 وحدة بتكوين، أي ما قيمته 180 مليون دولار.
وبعد 9 سنوات من الحادثة، ما يحاوله اليوم؛ هو العثور على هذه الوحدة التخزينية، والقضية، أن السلطات تمنعه من الوصول إلى مكان النفايات؛ بسبب الآثار البيئية الكبيرة، والتكلفة العالية للنبش في أكوام النفايات المكدسة فيه.
جَهَّز خطة تكلفتها 11 مليون دولار؛ للبحث في 110 آلاف طن من أكوام النفايات المكدسة، وهي مهمة تبدو للسلطات على الأقل، مستحيلة، ولكن في المقابل، يعتقد المواطن البريطاني أنها ممكنة؛ لأنه سيدمج بين الجهد البشري والروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي الواقع، هناك خطتان، واختيار إياهما؛ يعتمد على قرار السلطات.
الخطة الأولى، ستستغرق 3 سنوات لنبش 110 آلاف طن من النفايات، ستتكلف 11 مليون دولار، والثانية ستستغرق 18 شهرا بتكلفة 6 ملايين دولار.
شُكّل فريق من 8 خبراء في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وإدارة النفايات، وهؤلاء الخبراء، خلفهم شركات استشارية، وآلات ستنفذ الحفريات، ومن ثم سيجري تصنيفها باستخدام الأيدي البشرية، بالاستعانة مع آلة أخرى للمسح، وبعدها سيلجأ إلى خوارزميات الذكاء الاصطناعي؛ للبحث عن وحدة تخزينية مشابهة لتلك المفقودة.
ليس هذا فحسب، بل سيغطي الموقع بكاميرات للمراقبة طوال الساعة؛ خوفا من السرقة والتخريب حال العثور عليه، وسيلجأ إلى كلاب روبوتات من شركة Boston، لحراسة الموقع ليلا، وللبحث الإضافي في ساعات الظلام.
وبعد الحفر، النفايات سيتم تنظيفها وتعقيمها وترتيبها وتصنيفها من جديد، مع احتمالية تدويرها مستقبلا، وكذلك سيزود الموقع بخلايا شمسية، من باب رد الجميل للمجتمع.
ومن مخاطر الخطة، أن تكون الوحدة التخزينية تالفة، خاصة بعد 9 سنوات من الفقد، وتعرضها لمختلف الظروف البيئية.
ومع ذلك، فإن الجائزة المنتظرة في نهاية المشروع، تستحمل المخاطرة، كما يرى البريطاني، حيث تواصل صاحب الخطة. مع شركات استثمارية في ألمانيا وسويسرا، واستطاع الحصول على وعود بتمويل الخطة المليونية؛ للبحث عن إبرة في كومة قش.
خطة تقاسم الأرباح المزعومة، ستكون 30٪ لصالح البريطاني، و30٪ لصالح الشركات الاستثمارية، و30٪ لفريق العمل، والباقي سيذهب كخدمات مجتمعية، حتى أنه وعد بتوزيع 60 دولارا كوحدات بتكوين، للمقيمين في المدينة، البالغ تعدادهم 150 ألف نسمة.
الأمل هنا في أن توافق السلطات على هذه الخطة المليونية، وإن لم توافق؛ سيتوجه في النهاية إلى القضاء؛ لمقاضاة السلطات، بحجة: الحجز غير القانوني للوحدة التخزينية، وهو ما يحاول تجنبه.
وأهم عوائق المشروع هنا، هو الأثر البيئي السلبي المصاحب لنبش أكوام النفايات، حيث لم يستطع البريطاني حتى اللحظة طمأنة صاحب القرار.
القصة ستعرض قريبا على إحدى المنصات، كفيلم وثائقي، وهي تماثل إلى حد ما، القصص القديمة الخاصة بالبحث عن الكنوز المفقودة في أعماق المحيطات، ولكن هذه المرة، رقميا، وفي أكوام النفايات.
ومن النوادر أن التحول الرقمي غيَّر أيضا أساطير الكنوز المفقودة، حتى أضحت وحدات تخزينية فيها عملات رقمية تنتظر صاحب الحظ السعيد.
القصة السابقة، والعديد من القصص التي سُردت مؤخرا؛ تشير إلى أهمية كيفية التخلص من النفايات الرقمية، حيث تعد من أكبر المخاطر التي تُعرِّض البشر والطبيعة البيئية للخطر، كونها تصنف من النفايات السامة، ويشكل إتلافها بطرق بدائية؛ سببا رئيسيا لإصابة الإنسان بأمراض سرطان الجلد، وتدمير الجهاز المناعي، ومشاكل النمو، وذلك بحسب منظمة الصحة العالمية، بل وإنها قد تصبح كنزا مفقودا، كما أشير في القصة السابقة، ومن هذا المنطلق؛ ندعو المُشَرِّع إلى سرعة سن القوانين؛ للحفاظ على الطبية والبشر من مثل هذه التحديات.