استراتيجية مصر للميتافيرس
أصبح الميتافيرس، هو مستقبل العالم في مجال التواصل البشري، ومما لاشك فيه أنه سيقوم بتغيير الطبيعة التي يعيش بها البشر في عالمنا المعاصر؛ نتيجة التقنيات الرقمية التي تعتمد على آليات الواقع الافتراضي، والتي ستنقل الأفراد إلى عوالم وفضاءات لا يمكن التحكم بحدودها ولا إمكانياتها.
وقد أبدت العديد من العلامات التجارية والمؤسسات، اهتمامها بالوجود في هذه البيئة الافتراضية؛ وهو سوق العمل الذي من المتوقع أن ترتفع قيمته السوقية إلى 5 تريليونات دولار، بحلول عام 2030؛ الأمر الذي يؤكد أهمية الاستثمار في الميتافيرس للدولة المصرية.
ولكن السؤال الرئيسي: ماذا يمكن أن يستثمر فيه في الميتافيرس؟، من المتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة، أن يتحول ملايين البشر إلى الميتافيرس؛ وذلك لشراء سلع رقمية، ومحتوى رقمي، وأشياء مختلفة، وفي الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد العالمي، فترة تضخم، وارتفاع أسعار المحروقات بأشكالها كافة؛ يمكن للميتافيرس خلق اقتصاد أكثر ذكاء، وقادرا على توفير حلول جذرية للعديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي، يجب على الدولة المصرية، تبني رؤية واضحة حول طبيعة التعامل مع الميتافيرس، والعالم الرقمي بشكل عام، حيث أن الفرص الاستثمارية فيه من الممكن- في حال استغلالها- أن تنقل الدولة المصرية إلى مكانة أخرى، وتعود بالنفع على الاقتصاد المصري بصورة كبيرة، وبالتالي، يجب إطلاق استراتيجية مصرية للميتافيرس، تقوم على تشجيع الابتكار في الميتافيرس، وتعزيز المساهمة الاقتصادية؛ من خلال بحث الطرق والآليات التي يمكن استغلالها في عالم الميتافيرس.
كما يجب على الدولة المصرية، دعم الابتكار في قطاع الميتافيرس؛ من خلال البحث والتطوير في أبحاث الميتافيرس، وإنشاء صناديق التمويل، وحاضنات الأعمال، وجذب شركات ومشروعات الميتافيرس إلى مصر، على غرار التجربة الإماراتية، والتي من المتوقع أن تسهم في الاقتصاد الإماراتي بحوالي 824 مليار دولار بحلول 2030.
وهناك نقطة في غاية الأهمية، على الدولة المصرية القيام بها، وهي: تنمية المواهب والتأهيل في مجال الميتافيرس؛ وهو الأمر الذي سيحدث من خلال: تنظيم ورش تعليمية وتدريبية للطلاب في المرحلة الثانوية، والمرحلة الجامعية تحديدا، مع نشر ثقافة العمل الرقمي والتأهيل للعاملين في المؤسسات الحكومية؛ للتعامل مع الميتافيرس.
كما يجب عمل برامج نوعية لمطوري تطبيقات الميتافيرس، وكذلك إنشاء حاضنات لصناع المحتوى في الميتافيرس، وهو المحتوى الذي من المتوقع أن يكون مربحًا جدًا – مثلما هو الحال الآن في شبكات التواصل الاجتماعي-، وهو الأمر الذي يجب أن تتنبه له الدولة المصرية، فتحصيل الأموال، يجب ألا يكون فقط من فرض الضرائب على صانعي المحتوى؛ ولكن يجب أن تكون هناك رؤية واضحة لصناعة المحتوى، تحت مظلة وطنية– وفقا لطبيعة الجمهور المستهدف واهتماماته- والعمل على تحقيق الربح منه.
الميتافيرس، هو واقع، سيغير من طبيعة العالم بشكل كامل، اتِّصاليًّا، واجتماعيا، وسلوكيا، واقتصاديا، والدول التي لن تستطيع التعامل مع ذلك الواقع، والتنبه لتحدياته، واستغلال فرصه؛ ستتأخر كثيرا.
والدولة المصرية في ظل التحديات الاقتصادية العالمية التي تواجهها، يجب أن تبحث عن حلول نوعية غير تقليدية لزيادة الاستثمار بها؛ وهو الأمر الذي يتواجد بقوة في عالم الميتافيرس، وبالتالي فإن إطلاق استراتيجية مصر للميتافيرس؛ هو أمر لا مفر منه، حتى لا نصبح متأخرين عن العالم بصورة لا يمكن اللحاق بها أو استغلالها.