حكايات السيرة الذاتية.. عبد الرحمن الرافعي يرصد محطات من تاريخ مصر في كتاب مذكراتي
يحرص عدد من الشخصيات المؤثرة في المجتمع، على كتابة سيرهم الذاتية، خاصة في أواخر أعمارهم؛ بعدما تكون قد استوت تجاربهم في الحياة، واكتملت، ومن بين من سجلوا سيرتهم الذاتية، المفكر عبد الرحمن الرافعي؛ باعتباره واحدًا من أهم المؤرخين في العصر الحديث، حيث سجل سيرته في كتاب بعنوان: مذكراتي.
السيرة الذاتية للمؤرخ عبد الرحمن الرافعي، لا تتوقف عند ما هو ذاتي وخاص في حياته فقط؛ بل تحمل في طياتها رصدًا لأهم الأحداث المفصلية في مصر، في القرن العشرين، مثل ثورة 1919، وأحوال البرلمان، وغيرها الكثير من الأمور.
ثورة 1919
ومما يأتي في الكتاب، حديث عبد الرحمن الرافعي عن ثورة 1919، تحت عنوان: ذكريات مع ثورة 1919، حيث كتب فيه: حدث الإضراب في المدارس يوم 9 مارس سنة 1919؛ على إثر اعتقال الزعيم سعد زغلول، وصاحبه، وخرج الطلبة من معاهدهم، متظاهرين محتجين، منادين بالحرية والاستقلال، فانتعشت لذلك نفوسنا؛ إذ رأينا في هذا الشباب، طليعة جيش الإخلاص، الذي يغضب لمصر، ويثور من أجلها.
ويوضح الرافعي: حقًّا لم يكن هذا أول إضراب من نوعه؛ فلقد شهدت من قبلُ إضرابا لطلبة الحقوق في فبراير 1906، ولكنه اقتصر على طلبة الحقوق، ولم يشاركهم فيه طلبة المدارس الأخرى، والذين اكتفوا بإظهار العطف عليهم، وانتهى الإضراب بعودة طلبة الحقوق إلى مدارسهم، في مارس من السنة ذاتها.
ويعود الرافعي مرة أخرى إلى الحديث عن ثورة 1919، مؤكدا: وقد رأيت في إضراب 9 مارس سنة 1919، صورة مصغرة من إضراب 11 فبراير سنة 1906؛ وكأن شباب سنة 1919، قد تلقَّى وحي الوطنية من مشهد ذلك اليوم العظيم.
وفي تقديمه للكتاب، يقول الرافعي: حقًّا إن من أشق الأمور على الإنسان؛ أن يترجم لنفسه، فقد يُحمَل هذا على محل المباهاة والأنانية، ولكني ما قصدت إلى شيء من ذلك قط؛ وإنما أقصد إلى أن مثل هذه المذكرات، فيها من الحقائق والخواطر، ما لا تتسع له كُتب التاريخ، وهي مع ذلك، قد تفيد، لمن يريد أن يتفهم العصر الذي عشت فيه، وشاهدت حوادثه وحقائقه.