عميد معهد القلب السابق: أنا مجرد تلميد في مدرسة أطباء القلب.. والمناهج حاليًا براشيم | حوار
كشفَّ الدكتور جمال شعبان، استشاري أمراض القلب وعميد معهد القلب السابق، وجوه الاختلاف بين دراسة الطب حاليًا وفيما سبق، منوهًا بأن المناهج فيما مضى تختلف كثيرًا عن الوضع الحالي، قبل أن يؤكد على أن المغريات حاليًا أكبر بكثير من الفترات السابقة خلال وقت دراسته.
وخلال حواره مع القاهرة 24، نصح الدكتور جمال شعبان، استشاري أمراض القلب، وعميد معهد القلب السابق، جموع طلاب الثانوية العامة بعدم الانخداع بالنتيجة سواء بالنجاح أو حصد درجات قليلة، منوهًا بأن الثانوية العامة ما هي إلا مرحلة في حياة الإنسان وليست بالشيء الذي يضمن الناجح فيه استمرار ذلك النجاح في الحياتين العلمية والعملية، وإلى نص الحوار..
في البداية.. حدثنا على الفرق بين جيلك والأجيال الحالية لطلبة وطالبات كلية الطب؟
- كانت الدنيا سهلة والمناهج ليست بهذه الكثافة، وكانت الأبحاث أبحاث بحق وتستغرق وقتا وجهدا، وبوجه عام كنا محظوظين بوجود أساتذة متفرغين عن الوقت الحالي، والمغريات كذلك كانت أقل مقارنةً بالسماء المفتوحة وعالم السوشيال ميديا حاليًا، وكان التنفس في العلم والتفوق فقط وقتما كنا طلاب، وكانت الرموز كلها علمية، وبوجه عام أود أن أقول للجيل الحالي إن النجاح 99% جهد وعرق و1% ذكاء، ويمكن للذكاء أن يُعوض الجهد، وطلاب الوقت الحالي مفيش طولة بال والمناهج دلوقتي براشيم، وأفتكر إن رسالة الماجستير بتاعتي نقلتها بإيدي.
لماذا اختفت النماذج والقيم الطبية الكبيرة أمثالك والدكتور مجدي يعقوب وغيركم؟
- أنا آخر واحد في السلسلة، وزي ما سبق ووضحت الفرق بين جيلي والجيل الحالي.
وماذا عن الأساتذة ومن تعلمت منهم؟
- النماذج الطيبة والقيم والقامات كثيرة، منها الدكتور شريف مختار، الطبيب الذي تجاوز الثمانين من عمره، وحين تذهب إلى القصر العيني في تمام التاسعة صباحًا تجده يرتدي زيه والسماعة لا تفارقه كما لو كان نائبًا حديث التخرج، وبالمناسبة هو كما هوَّ منذ خمسين عامًا بهذا الشكل لم يتغير، بل على العكس حين تسأله عن شيء لا يزل حافظًا بالأرقام ويمتلك ذاكرة فولاذية، وأذكر أني حين أتناقش معه عن دواء ما أجده يتناقش بالمكونات والتراكيب، وهناك أيضًا الدكتور عبدالعزيز شريف، رحمه الله، الذي يُعد من آباء طب القلب في القاهرة، وكان موجودًا في عصر أم كلثوم ويُعالج أقاربها، وكذلك الفنانة شادية ووالدتها، وتعلمت منه أشياء كثيرة، وعلمني إزاي يبقى الطبيب قلبه على العيان بتاعه وميطلبش منه فحص ممكن يكلف المريض زيادة، وكان رحمة الله عليه ذو سماعة طبية دقيقة وكانوا بيفتحوا القلب على دقة السماعة بتاعته، ويصحح الأشعة لحد مش متمكن ومن صوت القلب كان يعرف دقة ومساحة الصمام.
طبيب القلوب بين عدد ليس بالقليل من الألقاب التي اقترنت باسمك.. فأي الألقاب تُحب؟
- خادم قلوب الإنسان.. أحسن وصف أحبه بغض النظر عن الانتماء أو العرق أو اللون، وعلى الطبيب دومًا أن يُعالج المريض لكونه إنسانا دون أي اعتبارات لعرق أو لون أو شيئ ما.
وماذا عن لقب طبيب الغلابة؟.. ومتى يكون الطبيب طبيبًا للغلابة؟
- طبيب الغلابة اتقالت عني بعد ما تركت معهد القلب لأني كنت منحاز للغلابة، لكن أنا طبيب للكل، الغني والفقير والغلبان وكل الناس، وأصل اللقب المنحاز والرحيم بالغلابة، وأنا انحيازي للغلابة، والطبيب يبقى طبيب للغلابة طالما كان رحيما؛ الإنسان الرحيم البار بأهله هتلاقيه دايمًا طبيب للغلابة.
كيف يحافظ الناس على قلوبهم؟
- الناس تحافظ على قلبها لما تنتظم وتتعود على أكل قليل وبسيط ونباتي، والبُعد عن الوجبات الصناعية والسمن الصناعي والأكل الجاهز والسكريات، وكمان البُعد ضروري عن العشاء المتأخر للناس اللي متعودة تاكل وجبة كاملة وتنام، والتدخين كذلك أكثر شيء قاتل والمخدرات، واللي عارف إن عنده مرض مزمن ومياخدش العلاج، والفئة الأخيرة بقول لهم لما يبقى عندك عامل أو مرض ذو خطورة صاحبه يصاحبك وإوعاك تهمله.
وما رأيك في الثانوية العامة.. وما يُصاحب وقت إعلان النتيجة من أزمات؟
- من وجهة نظري اسمها الفانوية العامة، مش أساسية، الناس بتجري تعرف مين الأوائل لكن عن نفسي بحب أعرف آواخر الناجحين ربما يكونوا أسعد الناس حظًا في الحياة، بوجه عام ممكن تطلع الأول وتتعثر في الكلية وتبقى في الحياة العملية مش ناجح كمان، مرحلة الثانوية العامة مجرد جولة من ضمن الجولات.
كيف تصف أزمتك الصحية الأخيرة ودعوات الناس لك؟
- دعوات الناس وصلتني وبسطتني، وبصراحة شوفت الأزمة إن زي ما بيقولوا باب النجار مخلع، الطبيب يبقى مهتم بغيره وسايب نفسه، وجربت الألم وجربت وجع القلب وكان درس للناس كلها حتى لا تُفتن، وبصراحة الحديث مش دعوة للتخاذل على الإطلاق، لكن لا بُد من الأخذ بالأسباب، فالمرض والشفاء بيد الله وحده.