أديب.. وغلطة الشاطر بألف!
لنعترفُ أن فُرص النجاح لم تعد تخضع لتوافُر معايير أو قواعد محددة للعمل، وهكذا في مجالُ الإعلام، فالجهدُ الذي كان يبذله الإعلامي للمطالعة والإعداد قبل أن يظهر على الهواء، لا يبذل إعلاميونَ نصفه الآن، الأمر الذي يبعث على التوجس من مستقبل هذه المهنة.
ولو اعتبرنا أن مؤشرات النجاح الإعلامي اليوم قد انحصرت في نسب المُشاهدة، والقدرة على الجذب الإعلاني، فإن الإعلامي عمرو أديب يعدُ – بحسب المؤشرات السابقة – نموذجاً ناجحاً، اعتاد على جذب المشاهدين عبر كُل شاشةٍ أطل من خلالها، سواء على قناةٍ مُشفرة أو مفتوحة، فأسلوبه شائق، ونبرة صوته مميزة، والموضوعات التي يناقشها متنوعة، بدءاً من قضايا السياسة، ومؤشرات الاقتصاد، وصولاً إلى المشكلات الزوجية، والبيكاتا بالشامبنيون.
وكعادته أطل عمرو أديب عبر برنامجه “الحكاية” مساء الإثنين 11 فبراير الماضي، ذكرى تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولكن كانت “الحكاية” ليست كأي “حكاية”، فقد نحى “أديب” كافة الملفات الساخنة كتسلم مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي، وترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي لقمة الاتحاد الأفريقي 32 بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، كما لم يكترث بمؤتمر ومعرض مصر الدولي الثالث للبترول “ايجبس 2019” الذي حضره وزراء بترول عرب وأفارقة، ورؤساء كبرى المنظمات الدولية والإقليمية والشركات العالمية في مجال البترول، بل تضاءلت أيضاً العديد من القضايا الأخرى، واتخذ “أديب” من برنامجه منصة للرد على ما تداوله السيد علاء مبارك نجل الرئيس الأسبق في حقه، من خلال فيديو على حساب الأول على موقع “تويتر” والذي رآه أديب مساساً بشخصه وتاريخه الإعلامي.
بتقديري فإن عمرو أديب خرج بهذه الحلقة عن الكثير من المعايير الإعلامية وقواعد المهنة، حيثُ استغل مساحة من الهواء للأخذ بثأر شخصي، بل واستخدم مفردات مزعجة، ووصفاً غريباً على أذن المجتمع المصري الذي يتصف بأنه “ابن أصول”، ويرفض “العيبة”، ولم تكن المعركة التي أشعلها “أديب” بأي حالٍ متكافئة، ففي الوقت الذي لا يملك فيه غريمه سوى حساب تويتر يضم 189 ألف متابع – حتى وقت كتابة المقال – فإن الإعلامي البارز يُطل على عشرات ملايين المشاهدين، على مدار 10 ساعات أسبوعياً، عبر نافذة تحظى بأعلى نسب المشاهدة محلياً وعربياً وفق مؤشرات القياس الإعلامية المعتمدة، ومنها مؤشر ماسبيرو الرسمي، ليبدو أديب كمن يعتلي تبةً لينال من هدفٍ أسفلها.
أديب خانه التقدير، وأعماه الغضب عن الكثير من الاعتبارات، فخرج عن النص، والمشاهدون يستحقون منه اعتذاراً، ليس لعلاء مبارك، فالأمر بنهاية الأمر يخص أديب وحده، ولكن اعتذارٌ للمشاهد ذاته، فهو العامل الرئيسي الذي يقفُ وراء نجاح الإعلامي عمرو أديب طوال مسيرته، والذي لن يغفر لـ “أديب” كونه قد اقحمه في معركة لا ناقة فيها ولا جمل، وإلا فعلى “أديب” أن يتحمل تبعات هذه المغامرة غير المحسوبة، والتي قد تؤثر خصماً من شعبيته، وتُهدد استمرار ظهوره الإعلامي خلال الفترة المقبلة، فقد أخطأ “أديب”؛ وغلطة الشاطر بألف.