وزير الأوقاف: الفتوى قضية حياتية تتغير بتغير الزمان والمكان والحال
افتتح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة دورة اللغة العربية الثانية للأئمة بمركز المؤتمرات بالمدينة الجامعية بجامعة القاهرة اليوم الأحد 27/ 8/ 2022 لعدد 50 إمامًا، والتي تستمر لمدة خمسة أيام من الأحد 28/ 8/ 2022 حتى الخميس 1/ 9/ 2022م.
وفي كلمته هنأ وزير الأوقاف رئيس جامعة القاهرة بالتقدم الملحوظ الذي شهدته جامعة القاهرة في الآونة الأخيرة، مقدمًا خالص الشكر والتقدير على حفاوة الاستقبال وإقامة هذه الدورة بجامعة القاهرة، مشيدًا بالنخبة من علماء جامعة القاهرة الذين تم اختيارهم ليحاضروا في هذه الدورة، مؤكدًا أن مصر الآن في أزهى عصور احتضان الفكر الديني الوسطي المستنير، وتحمل لواء التجديد في العالم كله.
وزير الأوقاف: الفتوى قضية حياتية تتغير بتغير الزمان والمكان والحال
وأضاف وزير الأوقاف: الحكيم من يأخذ الناس بالأيسر ويأخذ نفسه بالأحوط، كما أكد أن أخطر أنواع الاستعلاء الاستعلاء بالدين أو بالعلم أو بالعبادة، وتحدث وزير الأوقاف عن اللغة والهوية، وأهمية اللغة العربية في فهم النص ومثل لذلك بعدة نماذج منها قول الله تعالى في سورة مريم عن سيدنا زكريا عليه السلام: "قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا"، وفي سورة آل عمران: "قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا"، ففي هذا النص القرآني الكريم عبر في سورة مريم بـ: "ثَلَاثَ لَيَالٍ"، وفي سورة آل عمران بـ: "ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ"، ذلك أن في أيام العرب وحسابهم الليل يسبق النهار، فنحن في شهر رمضان المعظم، فعند أول ليلة منه نستطلع الهلال، فإن ثبت الهلال صلينا التراويح لأنها أول ليلة من رمضان، ونتبعها بصوم اليوم الذي بعدها.
وتابع: وهكذا في هلال شوال حيث يكون في آخر يوم من رمضان، ونستقبل أول ليلة من شوال التي هي ليلة العيد، فالليالي سابقة على الأيام، وهنا سورة مريم عليها السلام نزلت في مكة، وسورة آل عمران نزلت لاحقًا في المدينة، فعبر في سورة مريم بالليالي السابقة في الزمن مع السورة السابقة في النزول، وعبر في سورة آل عمران اللاحقة في النزول بالأيام وهي لاحقة في الزمن، فجعل سبحانه السابق للسابق، واللاحق للاحق، فكل لفظة وقعت موقعها طبقًا لسياقها، وهذا من عظمة بلاغة القرآن الكريم.
وأكد أن من يفهم الإسلام فهما صحيحًا يدرك أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والحال، مضيفًا أن ما كان راجحًا في عصر قد يكون مرجوحًا في عصر آخر أو حالة أخرى، وأن تنظيم شؤون حياة الناس في أكثر جوانبها فيه متسع كبير لمراعاة طبيعة الزمان والمكان، وأن الشرائع قد راعت تحقيق مصالح البلاد والعباد، فحيث تكون المصلحة المعتبرة فثمة شرع الله، وأهل العلم والفقه على أن باب الاجتهاد لم ولن يغلق، إذ لم يخص الله بالفكر والاجتهاد قوما دون قوم أو زمان دون زمان، ولا بد من مراعاة واقع الناس.
وأكمل: يقول ابن القيم رحمه الله: "ومن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف أعرافهم، وعاداتهم، وأزمنتهم، وأمكنتهم، وأحوالهم، وقرائن أحوالهم، فقد ضل وأضل، ويقول ابن عابدين رحمه الله: إن المسائل الفقهية إما أن تكون ثابتة بصريح النص، وإما أن تكون ثابتة بضرب من الاجتهاد والرأي، هناك ثوابت وهناك متغيرات، وكثير من هذه المتغيرات يبنيه المجتهد على ما كان في عرف زمانه، بحيث لو كان في زمان العرف الحادث، أي في زماننا لقال بخلاف ما قاله أولًا، ولهذا قالوا في شروط الاجتهاد: إنه لا بد من معرفة عادات الناس، فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان والمكان.