في ذكرى رحيل نجيب محفوظ.. لماذا غاب الصعيد عن عالمه الروائي؟
تحل اليوم؛ ذكرى وفاة الكاتب الكبير نجيب محفوظ الذي توفي في مثل هذا اليوم 30 أغسطس عام 2006، بعدما أثرى المكتبة العربية بأهم الأعمال الإبداعية.
كتب نجيب محفوظ في عدد كبير من الموضوعات والقضايا، لكن الملاحظ أن عالم الريف والصعيد قد غابا عن أعماله، ولعل مرجع ذلك أن نجيب محفوظ لم يعش في الصعيد، ولم يحب حتى الإقامة فيه كزائر.
يقول نجيب محفوظ في كتاب صفحات من مذكرات نجيب محفوظ، من إعداد رجائي النقاش: لم أذهب إلى الريف إلا مرة واحدة عندما كنت طفلا، أخذني أقرباء والدي من أسرة « آل عفيفى» بالفيوم لقضاء الصيف هناك، وكانوا يملكون دوارًا كبيرًا أمامه حديقة عنب، وبجانبه أرض فضاء واسعة كنت ألعب فيها كرة القدم، ورغم استمتاعي إلا أنني طلبت إعادتي إلى القاهرة، ولم يمض على إقامتي في الفيوم أسبوع واحد. حاولوا إرضائي لأبقى، ولكنني كنت شديد التصميم فأعادوني.
يتابع نجيب محفوظ: كانت تلك هي تجربتي الوحيدة في الريف، وخلال هذه التجربة لم أر الفلاحين ولم أتعمق في تفاصيل حياتهم، وربما كان ذلك هو السبب القوى الذي جعلني لا أتناول حياة الفلاح وقضاياه في روایاتي، بعکس الطبقة العاملة المسحوقة في المدينة، والتي تناولتها بشكل مكثف، وإن كنت أعتقد أن المُعاناة متشابهة في الحالتين، والفرق الوحيد أن العامل أو الموظف المسحوق في المدينة لديه وعي أعمق من الفلاح.
في ذكرى رحيل نجيب محفوظ.. لماذا غاب الصعيد عن عالمه الروائي؟
واستكمل نجيب محفوظ: إذا كانت لي تجربة واحدة مع الريف، فإنني لم أذهب للصعيد في حياتي كلها، ولم أزر الأقصر أو أسوان أو أيا من الأماكن الأثرية المشهورة هناك، مع أنني أسمع أنها مناطق جميلة ويأتي إليها السائحون من كل أنحاء العالم، ولكنه الكسل، ورغم عدم زيارتي للصعيد، فقد تعرفت عليه من خلال الأعمال الأدبية التي تناولته مثل رواية «دعاء الكروان» و«الأيام» لطه حسين، وما زالت معرفتي بالصعيد تتم من خلال القراءة والاستماع إلى الآخرين.