مغامرة دراسة التخصصات التقنية
رسالة مهمة لكل أولياء الأمور والمقبلين علي الدراسات التقنية.. ينبغي التفريق بين التخصصات الجامعية والمهارات.
فسوق اليوم يبحث عن المهارات أكثر مما سواها. النصائح المنهمرة في بلداننا من كل صوب في دراسة تخصصات بكالوريوس التقنية الجديدة مثل الأمن السيبراني أو الذكاء الاصطناعي أو تحليل البيانات قد تكون مغامرة غير محسوبة.
الطالب أو الطالبة يتوهم له أن التوظيف الفوري والمستقبل المشرق سيكون حليفه إن اختار تخصصًا منها، والمستقبل المظلم في غيرها.
تعد أغلب الآراء التي تسوق لفكرة دراسة التخصصات التقنية المستحدثة تستند إلى دراسات غير عربية، والسياق أو الواقع العربي في جوهره مختلف إلى حد كبير.
فالطالب الناجح في الثانوية العامة بالمجمل ما زال يتلمس طريقه في معرفة نقاط قوته وضعفه وميوله، والتخصصات المستحدثة غير مربوطة بوضوح بحاجة الاقتصاد الفعلية والخطط الاستراتيجية للدول ككل، والمؤسسات التعليمية العربية في بداية طريقها لبناء نضوج تلك التخصصات كوادر وأبحاثًا ومواد دراسية ونهجًا تعليميًا يوجد إضاءات مشرقة هنا وهناك، ولكنها ليست السمة العامة على مختلف المؤسسات التعليمية.
عندما نتصفح عناوين الكليات الجديدة المتكاثرة، يخيل للقارئ أنها كليات بالغة التخصص ذات أبحاث متطورة ومختبرات عالية التجهيز، هل هذا هو واقع الحال أم أنها ذات الكليات السابقة مع تغيير أسماء وبعض التعديلات هنا وهناك؟ الإجابة متروكة لكل ذي عقل للتفكر والتدبر.
ليكون الحديث أكثر وضوحًا، الاقتصاد متوجه بقوة نحو تكنولوجيا المعلومات والتقنية باختلاف تخصصاتها، والنصيحة على الصعيد الأول موجهة للطلاب وذويهم؛ التركيز على المهارات بداية ومن ثم التخصصات الأكاديمية. مهارات التواصل والبحث وحل المشاكل والتطوير المستمر تصقل في مجتمعاتنا أكثر خلال المرحلة الجامعية، وهي ما تميز شخصًا عن آخر.
مما لا شك فيه أن اختيار التخصص الدقيق من أول المراحل الجامعية قد تكون سلبياته أكثر من إيجابياته. أميل إلى التخصصات العامة في مجتمعاتنا، وصقل المهارات شيئا فشيئا مع الوقت، ودمجها مع التدريب لدى المؤسسات والدورات المهنية والاحتكاك المبكر مع سوق العمل خلال الدراسة. هكذا الطالب أو الطالبة سيكون متصلًا أكثر بما يرغبه حقيقة، وسيكتشف نقاط قوته بالتدريج. وقد يكون التخصص الدقيق مناسبًا أكثر في السنوات الأخيرة من الدراسة الجامعية لمرحلة البكالوريوس أو ما بعدها، عندما يكون الطالب مدركًا كفاية للمتغيرات فيه ومن حوله وخططه المستقبلية. عموما، الرحلة من التخصص العام إلى الدقيق أسهل من التخصص الدقيق إلى غيره.
الشخص الذي يمتلك المهارات قادر على إيجاد طريقه وخلق الفرص، وامتهان التخصص الذي يرغبه ويبدع فيه. أما الانسياق خلف المسميات البراقة دون وعي فعلي لنقاط قوة الشخص نتائجه عليه علامات استفهام كبيرة.
فنصيحة هامة لكل ولي أمر وطالب مقبل على اختيار جامعه المستقبل. اختر بعناية وتمعن فيما تبدع فيه فالشغف جنبًا لجنب إلى العلم يصنع المعجزات. لا داعي للالتفات دومًا لموضة أو لتريند متخفٍّ فقط اختر ما تراه مناسبًا لمهاراتك وقدراتك.