8 أشهر دون تقدم.. ماذا يعرقل الانتخابات الليبية؟
تتعالى أصوات الليبيين للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية أملا في إنهاء الأزمة بالبلاد التي مزقتها الصراعات المتكررة بين المجموعات المسلحة في الأشهر الأخيرة، خاصة في الجناب الغربي من البلاد المتمثلة في العاصمة طرابلس ومحيطها، ومدينة مصراتة معقل رئيسي الحكومتين المتناحرين منذ مارس الماضي، عقب منح الثقة من مجلس النواب الليبي لحكومة فتحي باشاغا، وإعلان انتهاء ولاية حكومة خصمه عبد الحميد الدبيبة.
أسباب تأجيل الانتخابات الليبية
قبيل نهاية العام الماضي شرعت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الليبية في بدء إجراءات الانتخابات الرئاسية بفتح باب الترشح ليتقدم ما يقرب من 100 مرشح أبرزهم سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، وفتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، قبل أن يتم تأجيل الانتخابات بسبب ما وصفته بالقوة القاهرة التي حالت دون إجراء انتخابات في جميع انحاء البلاد بشكل آمن.
بتاريخ الثالث من يناير العام الجاري، خرج المستشار عماد السايح رئيس هيئة مفوضية الانتخابات الليبية، معلنًا وجود عمليات تزوير في الأوراق المُقدمة من بعض مرشحي الانتخابات الرئاسية، وأن المفوضية لم تتمكن من الدفاع عن قرارتها أمام القضاء، وأن أطراف سياسية اعترضت على العملية الانتخابية، راغبة في عدم استكمالها.
أسباب عدم إمكانية إجراء الانتخابات التي أعلنها السايح في مؤتمر له، تضمنت أيضًا تلقي المفوضية تهديدات مباشرة من أطراف سياسية، إذا نشرت القوائم النهائية للانتخابات الرئاسية، واقتحام مقر المفوضية في طرابلس، معلنا عدم القدرة على الانتخابات في ذلك الوقت بسبب ما وصفه بالقوة القاهرة.
انقضاء الوقت دون تقدم
القوة القاهرة التي حالت دون إجراء الانتخابات، هي ذاتها التي عاد السايح اليوم الأحد معلنًا انقضاء المدة الزمنية التي طالبت بها المفوضية لرفع القوة القاهرة التي حالت دون استكمال العملية الانتخابية التي كان من المقرر عقدها 24 ديسمبر الماضي، وذلك دون تحقيق أي تقدم يذكر بشأن رفع القوة القاهرة واستئناف العملية الانتخابية.
وعلل السايح ذلك في بيان للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات بأن البيئة السياسية والأمنية التي تشكلت بعد توقف العملية الانتخابية لم تساعد على التعامل مع عناصر القوة القاهرة ومعالجتها بهدف استئناف عملية الانتخابات التي يأمل إليها الليبيون.
وأشار إلى أن فجوة التوافق بين الأطراف السياسية المنخرطة في إقرار تلك الانتخابات زادت اتساعًا، إلى جانب الانقسام الذي طال السلطة التنفيذية وما ترتب عليه من توترات أمنية أثرت سلبًا على الوضع الأمني في معظم الدوائر الانتخابية.
وذلك في إشارة منه إلى ما شهدته العاصمة الليبية طرابلس من اشتباكات متتالية بين المليشيات التابعة لكل من عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، وفتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي في مارس الماضي، الأمر الذي لم يمكن المفوضية من الذهاب قدمًا مع شركائها في مسألة معالجة التحديات التي واجهت تنفيذ تلك الانتخابات وتعذر عليها استئناف العملية الانتخابية بهذه المعطيات السياسية والأمنية خلال المدة التي طلبتها المفوضية.
تأجيل الانتخابات بقرارات سيادية
وأشارت المفوضية إلى أن قرار إيقاف العملية الانتخابية هو قرار سيادي صدر عن هيئة سيادية مستقلة، اتخذه مجلسها بعد التشاور مع مجلس النواب ومناقشة خلفياته الفنية والقانونية، مؤكدًا أن قرار استئناف الانتخابات لن يكون إلا قرارًا سياديًا يعبر عن إرادة الليبيين وتطلعهم إلى انتخابات حرة ونزيهة تفضي إلى مخرجات ذات مصداقية، تسهم في خروج البلاد من ازمتها الراهنة.
ولم تكتفي المفوضية بذلك الحد بل أكد أنها ستعمل مع مجلس النواب على إزالة ذلك الجزء من مكونات القوة القاهرة الذي تمثل في المتطلبات القانونية ذات الصبغة الفنية التي ظهرت أثناء تنفيذ القوانين ذات العلاقة، وأنها سترفع ملاحظاتها النهائية حال التنسيق مع السلطة القضائية فيما يتعلق بآلية النظر في الطعون والنزاعات الانتخابية، مشددة على ضرورة إيجاد صيغة قانونية للتعامل مع الأحكام القضائية النافذة والقاضية بإيقاف تنفيذ العملية الانتخابية.
ونوّهت إلى أنها اتخذت خطوات متقدمة فيما يتعلق بتطوير الجوانب والنظم الفنية للعملية الانتخابية، والتي ستسهم بشكل فعال في تفادي العديد من المعوقات الفنية والزمنية التي ظهرت أثناء تنفيذها للقوانين الانتخابية ذات العلاقة، كما أنها لازالت تحتفظ بكامل جاهزيتها لاستئناف العملية الانتخابية حال توفر البيئة السياسية التوافقية، وتهيئة الأوضاع الأمنية لرفع بقية مكونات القوة القاهرة استئناف الانتخابات.
حوار سياسي بدلا من الانتخابات
وفي ذلك يرى أحمد لنقي عضو المجلس الأعلى للدولة، أن الانتخابات التي يدعوا إليها الجميع تتطلب أمرين هامين، أولهما وجود قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل متزامن، وذلك من اختصاص مجلسي النواب والأعلى للدولة.
وأضاف لنقي لـ القاهرة 24، أن المطلب السابق بعيد المنال في الوقت الحالي، وأن البديل عن ذلك يتمثل في إجراء حوار سياسي على غرار مؤتمر جنيف الذي أنتج مجلس رئاسي جديد، وحكومة جديدة، هي حكومة الدبيبة، أما غير ذلك فسيؤدي إلى بقاء عبد الحميد الدبيبة في الحكم لعدة سنوات.
وفي سياق ذي صلة أوضح لنقي، أن الجهود التي بذلت من قبل المجلسين قطعت شوطًا كبيرًا في الوصول إلى تفاهمات حول القاعدة الدستورية، خاصة ما جرى من تفاهمات بين الطرفين في اللقاء الأخير الذي جمع أعضاء المجلسين في القاهرة، وأنه بعدما توصل الطرفين إلى الكثير من التفاهمات الهامة بشان وضع قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، واجهتم مشكلة في حق الترشح للعسكريين ومزدوجي الجنسية، وهناك جهود حاليًا تجري بين المجلسين للتغلب على هاتين المشكلتين وإزالتهما.
وفيما يتعلق عن إمكانية إجراء الانتخابات بإعلان الأطراف السياسية البارزة عدم مشاركتها في تلك الانتخابات، أشار عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي إلى أنه ليس من الصحيح منع الأطراف السياسية من حق الترشح للانتخابات، بعد انطباق شروط الترشح عليهم.