الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

على فكرة.. الست مش ملزمة

الأربعاء 07/سبتمبر/2022 - 10:39 م

تابعت في الآونة الأخيرة، بغير دأب، وعلى خلاف رغبتي، جدلًا، قد فرض نفسه على منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، والعناوين الرئيسية للصحف، بشأن حقوق وواجبات كلا الزوجين في الحياة الزوجية، سواء تجاه بعضهما البعض، أو تجاه الأبناء.

وقد صال وجال فيه، كلا من أهل العلم والجهلاء، مُبدين آراءً، اتَّسم بعضها بالموضوعية والعقلانية، وأغلبها بالشطط والتزَيُّد والانحراف الفكري، وكان أكثر ما استرعى انتباهي في ذلك السجال؛ هو مدى الخلل الذي أصاب المعايير والقيم والمبادئ السامية، التي كانت هي الأكثر تمييزا لمجتمعنا، وأكبر مصادر تفاخرنا بأننا مجتمع تحكمه الفضائل والأصول.

ففريق قد رأي استحقاق الزوجة لأجر؛ مقابل قيامها بالأعمال المنزلية من طهي وتنظيف وخلافُه، بل وحتى مقابل إرضاعها لصغارها، وفريق آخر، رأي وجوب خروج الزوجة للعمل؛ بغية المشاركة في النفقات المعيشية للأسرة والصغار، وتحمل نفقاتها الشخصية، وأن الزوج ليس ملزما بتحمل تلك الأعباء منفردا، وأن مثل هذه المشاركة؛ هي تكريس لمبدأ المساواة، الذي ينادي به نشطاء الحركة النسوية.

وكانت هناك آراء شاذة أخرى، تجعل من العلاقات الزوجية والأسرية- بما تحمله من قُدُسِيَّةٍ وسُمُوّ في كل الديانات السماوية- علاقات مادية بحتة، تحكمها قواعد التجارة والبيع والشراء، وتُعكر صفو مفاهيم ومبادئ، زُرعت فينا بالفطرة، ونمَّاها بداخلنا؛ ما عاهدناه من أفعال وأقوال الآباء والأمهات.

وقد تناسي أصحاب تلك الآراء، مقولات، اعتاد أبناء جِيلِي- من مواليد الثمانينيات وما قبلها- سماعها، من آبائهم وأمهاتهم، كقول أمهاتنا: «أنا مش عاوزه حاجة من ربنا غير إني أشوفكم مبسوطين وكويسين»، و«ربنا يخلي أبوكم.. احنا عايشين في خيرُه.. ومن غيرُه ولا نسوى».. وكذلك كقول آبائنا: «أبيع هدومي وأشتغل في الفاعل؛ عشان أعيِّشْكُم كويس وأعملُّكم اللي أنتوا عاوزينه»، وقولهم أيضا: «أمكم دي هي الخير والبركة اللي شايلانا كلنا».

العبارات السابقة، رغم بساطتها؛ إلا أنها اختصرت عشرات المعاني من المودة والرحمة والإيثار والتضحية وتحمل المسئولية، وشكَّلت وجدان مجتمع، وكانت انعكاسًا لقناعات أفراده، وحافظت على ترابط الأسرة، وأعلت قيمتها في ثقافتنا، دون التطرق يوما ما إلى استحقاق أيٍّ من أفرادها لأجر؛ مقابل أدائه لدوره، سوى الاحترام والعرفان والإخلاص والعطاء.

وفي النهاية، أقولها مخلصًا مبتغيًا صلاح الحال، عقب سنوات من العمل في نيابات ومحاكم الأسرة،: اعتدلوا يرحمكم الله؛ فخير الأمور أوسطها، وانبذوا تلك الأفكار المشوهة، الدخيلة على قِيَمِنَا، والآراء التي ترفضها الفطرة السليمة؛ لأن مثلها هي الأساس والمبتدأ لأغلب النزاعات الأسرية والزوجية، التي يملأ أطرافها أروقة محاكم ونيابات الأسرة.

تابع مواقعنا